«كاتيوشا» على الموصل والبصرة وسط تزايد التوتر بين أميركا وإيران

الهجمات جاءت بعد ساعات من قرار الحكومة العراقية ضبط انتشار السلاح

جنود عراقيون يجلسون على دبابة عند مدخل حقل «الزبير» النفطي بعد أن ضرب صاروخ مجموعة «إكسون موبيل» الأميركية أمس (رويترز)
جنود عراقيون يجلسون على دبابة عند مدخل حقل «الزبير» النفطي بعد أن ضرب صاروخ مجموعة «إكسون موبيل» الأميركية أمس (رويترز)
TT

«كاتيوشا» على الموصل والبصرة وسط تزايد التوتر بين أميركا وإيران

جنود عراقيون يجلسون على دبابة عند مدخل حقل «الزبير» النفطي بعد أن ضرب صاروخ مجموعة «إكسون موبيل» الأميركية أمس (رويترز)
جنود عراقيون يجلسون على دبابة عند مدخل حقل «الزبير» النفطي بعد أن ضرب صاروخ مجموعة «إكسون موبيل» الأميركية أمس (رويترز)

بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أهمية ضبط إيقاع السلاح في البلاد والبدء بملاحقة كل الجهات الخارجة عن القانون، سقط صاروخان من طراز «كاتيوشا»؛ الأول ليلة مساء أول من أمس بالقرب من قيادة عمليات نينوى، بينما سقط الثاني فجر أمس (الأربعاء)، على مجمع للشركات النفطية العراقية والأجنبية من بينها شركة «إكسون موبيل»، ما يهدد بمزيد من التصعيد في التوترات الأميركية الإيرانية بالمنطقة.
وأفادت الشرطة العراقية بأن صاروخ البصرة سقط قرب مقرات عدة شركات نفط عالمية كبرى بينها شركة «إكسون موبيل» الأميركية العملاقة في مدينة البصرة، وهو ما أدى إلى إصابة ثلاثة من العاملين العراقيين بجروح وُصفت بالخفيفة. وذكرت أن الصاروخ سقط على بُعد 100 متر من الموقع الذي تتخذ منه «إكسون موبيل» مركزاً للسكن والعمليات. وكشف مصدر أمني عن إجلاء نحو 21 من موظفي «إكسون موبيل» بطائرة إلى دبي.
وفيما حملت عملية إطلاق مثل هذه الصواريخ مؤشرات التصعيد الأميركي - الإيراني فإن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن كلا الصاروخين.
وهذه هي المرة الرابعة التي يشهد فيها العراق سقوط صواريخ قرب منشآت أميركية خلال أسبوع. إذ وقعت ثلاث هجمات سابقة على أو قرب قواعد عسكرية توجد بها قوات أميركية قرب بغداد والموصل، ولم تتسبب في سقوط قتلى أو جرحى أو تُلحق أضراراً بالغة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذه الحوادث.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني عراقي، قوله إنه يبدو أن جماعات مدعومة من إيران تقف وراء هجوم البصرة. وأضاف: «استناداً إلى مصادرنا، الفريق الذي أطلق الصواريخ مؤلَّف من أفراد تابعين لعدة مجموعات كانوا جميعهم مدربين جيداً على إطلاق الصواريخ». وقال إنهم تلقوا بلاغاً قبل أيام بأن القنصلية الأميركية في البصرة قد تكون مستهدفة ولكن فوجئوا عندما سقط الصاروخ على موقع نفطي.
وقال قائمقام مدينة الزبير، عباس ماهر، إنه يعتقد أن جماعات مدعومة من إيران استهدفت بشكل خاص «إكسون موبيل»، «كي تبعث برسالة» إلى الولايات المتحدة.
حسب المسؤول العراقي، الصاروخ أُطلق من مزرعة على بُعد نحو ثلاثة أو أربعة كيلومترات من المكان، قبل أن يسقط صاروخاً ثانياً إلى الشمال الغربي من البرجسية قرب موقع لشركة «أويل سيرف» للخدمات النفطية إلا أنه لم ينفجر.
ونوه ماهر إلى أنه «لا نستطيع أن نعزل ذلك عن المجريات الإقليمية، وهو الصراع الأميركي الإيراني». وأضاف: «هذه الحوادث لها أهداف سياسية... يبدو أن بعض الأطراف لم يَرُق لها عودة كادر (إكسون)».
إلى ذلك، قررت شركة «إكسون موبيل» النفطية الأميركية العملاقة إخلاء موظفيها خارج العراق، وهو القرار الثاني في غضون شهرين تقريباً. لكن وزير النفط ثامر الغضبان، قلل من أهمية قرار «إكسون موبيل» واعتبر الحادث «فردیاً ولیس ذا أهمیة»، معرباً عن الاعتقاد أنه «لن یتكرر مرة أخرى». وشدد على أن «الحكومة جادة في تحقيق الأمن والسلام في عموم البلاد». في هذا السياق، قال الناطق الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصاروخ وقع بالقرب من مخيم تابع لشركة الحفر العراقية بمنطقة البرجسية بالبصرة وقد أدى إلى جرح ثلاثة عاملين عراقيين». مضيفاً أن «كل التصريحات الأخرى بشأن الصاروخ لسنا معنيين بها لأننا واضحون في هذه النقطة حيث إن الصاروخ وقع على شركة عراقية وطنية حيث يجري تحقيق في الحادث». وأوضح جهاد: «مسألة الانسحاب، فإننا وطبقاً لما أكدناه سابقاً، أي انسحاب من قِبل أي طرف أجنبي لن يؤثر على الإنتاج لأن أغلب العاملين من العراقيين، ووجود الأجانب يقتصر على الجانب الاستشاري والفني».
وبلغت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران مستوى جديداً في أعقاب هجمات على ناقلات نفط في الخليج في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) تلقي واشنطن باللوم فيها على طهران. وتنفي إيران ضلوعها في الهجمات.
ورغم أن الجانبين يقولان إنهما لا يريدان حرباً فإن الولايات المتحدة عززت وجودها العسكري في المنطقة. ويقول محللون أمنيون إن العنف قد يتصاعد. ويخشى مسؤولون عراقيون أن تصبح بلادهم ساحة لأي تصاعد في العنف. ويوجد في العراق فصائل مدعومة من إيران تنشط في مناطق بالقرب من نحو 5200 جندي أميركي.
إلى ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة اتخاذ إجراءات لمتابعة والتعرف على هوية الجهات المسؤولة عن إطلاق الصواريخ والقذائف التي استهدفت مؤخراً معسكرات ومقرات أمنية ومنشآت نفطية في محافظات عدة في البلاد.
وقال بيان للقيادة، أمس (الأربعاء)، إنه «تنفيذاً لما جاء في بيان القائد العام للقوات المسلحة، كلّفت قيادة العمليات المشتركة جميع الأجهزة الاستخبارية بجمع المعلومات وتشخيص الجهات التي تقف خلف إطلاق الصواريخ والقذائف على عدد من المواقع العسكرية والمدنية في بغداد والمحافظات، لتتخذ القوات الأمنية الإجراءات الرادعة ضدها، أمنياً وقانونياً».
وأكد بيان العمليات المشتركة أن «القوات الأمنية بكل تشكيلاتها، لن تسمح بالعبث بأمن العراق والتزاماته، وستضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه، إرباك الأمن وإشاعة الخوف والقلق وتنفيذ أجندة تتعارض مع مصالح العراق الوطنية».
في هذا الصدد قال القيادي في تحالف الإصلاح وعضو البرلمان العراقي السابق حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الولايات المتحدة الأميركية نجحت في تقديم شكل الصراع الدائر بينها وبين إيران على أن إيران باتت مصدر تهديد للأمن والسلم والاستقرار في المنطقة واستطاعت أن تقدم الصراع على أن إيران مصدر تهديد لمصادر الطاقة في العالم. مبيناً أنها «حوّلت الصراع من كونها دولة عظمى تريد أن تعتدي على إيران، طبقاً لما تقوله طهران، إلى دولة تريد أن تقوم بإجراءات دفاعية حفاظاً على أمن المنطقة واستقرارها، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة نجحت في كسب المعركة السياسية».
وحول موقف العراق من هذه الأزمة أكد الملا أن «موقف العراق كان متميزاً عبر اتجاهين: أولاً رفض العراق أن يكون جزءاً من محور ضد محور آخر، والآخر أنه نجح في إرسال رسائل بألا تُستخدم ورقة العراق بين طرفي الصراع». وأوضح أن «الولايات المتحدة الأميركية أجادت التعامل في هذه القضية بعكس الجانب الإيراني، حيث إن حالة الحصار الاقتصادي الذي تعانيه حاولت أن تبعث رسائل مفادها أن العراق سوف يبقى خط الدفاع الأول لها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.