«النهضة» التونسية تنتهي من اختيار مرشحيها للانتخابات البرلمانية

TT

«النهضة» التونسية تنتهي من اختيار مرشحيها للانتخابات البرلمانية

أعلنت «حركة النهضة»، الحزب الإسلامي المشارك في السلطة بتونس، انتهاء الجلسات الانتخابية للحسم بين المرشحين المحتملين للانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ونظّمت الحركة، في هذا الإطار، اقتراعاً داخلياً، أسفر عن اختيار أعضاء قوائمها الانتخابية بمختلف الدوائر البالغ عددها 33 دائرة (27 دائرة في تونس و6 في الخارج)، وهو ما يجعلها أول الأحزاب التونسية التي تنهي أزمة ترؤس قوائم المرشحين للانتخابات.
وتقدم لهذه العملية الانتخابية الأولية 793 مرشحاً ممن تنافسوا فيما بينهم لفرز مرشحي «النهضة» للاقتراع.
وفي هذا الشأن، أكد محسن النويشي، عضو المكتب التنفيذي المكلف بالانتخابات في «النهضة»، أن الاقتراع الداخلي الذي شارك فيه أكثر من 6 آلاف من منتسبي الحركة وكوادرها الأساسية، والذي بدأ في الثاني من يونيو (حزيران) الجاري وامتد حتى 16 منه، هو الذي حسم أسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة. وأضاف: «ننتظر الآن من الجميع، بعد استكمال هذه المحطة المهمة، الاتجاه صفاً واحداً إلى الميدان الأساسي للتنافس على تمثيل التونسيين»، في إشارة إلى المنافسة التي ستلقاها «النهضة» في الاقتراع من بقية الأحزاب التونسية.
وفي تعليقه على سابقة إجراء انتخابات داخلية لاختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة، أوضح النويشي أن «النهضة» تدير «شأنها الداخلي على أساس ديمقراطي، وتعطي المثال الجيد في هذا الباب، وهي تعكس تشبّثها باعتماد الآليات الديمقراطية في إدارة شؤون الحزب ومؤسساته».
وفي انتظار الإعلان عن أسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن نحو 55 نائباً عن الكتلة البرلمانية الحالية لـ«النهضة» كانوا قد أعلنوا إعادة ترشحهم لهذه الانتخابات، من بين 68 نائباً يمثلون الحركة في البرلمان التونسي الحالي. ومن المنتظر أن يتولى المكتب التنفيذي لـ«النهضة»، انطلاقاً من هذه النتائج، تشكيل القوائم النهائية التي ستخوض الاستحقاق التشريعي المقبل.
على صعيد متصل، أعلن محمد غراد، القيادي في «النهضة»، استقالة مفاجئة من مسؤولياته ضمن مكتب العلاقات الخارجية للحزب. وقال إن استقالته اتخذت لأسباب يحتفظ بها لنفسه في الوقت الحالي. في المقابل، ذكرت مصادر إعلامية أن القيادة العليا لـ«النهضة» أرسلت القيادي المستقيل منذ أكثر من أسبوع إلى الولايات المتحدة، في إطار مساعيها لتجنب تصنيفها في خانة التنظيمات والجماعات الإرهابية، على غرار تنظيم «الإخوان المسلمين» الذي أكد البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب يطلب تصنيفه إرهابياً. ونشرت مواقع إعلامية تابعة للحركة صورة لمحمد غراد مع باراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق.
من جهة أخرى، أكد «حزب الطليعة العربي الديمقراطي»، أحد مكونات تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري الذي يتزعمه حمة الهمامي: «انتهاء تحالف الجبهة الشعبية بالصيغة التي تأسس بها سنة 2012، وبالتوازنات التي قام عليها، والآفاق التي رسمت له، وحتى بالمعاني التي انطوت عليها أرضيته السياسية». وأكد أحمد الصديق، المتحدث باسم «الطليعة»، أن المجلس الوطني للحزب قرر تفويض المكتب السياسي لاتخاذ «القرار الصائب» في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
ويعني ذلك فشل تجربة التحالف السياسي التي جمعت 11 حزباً سياسياً يسارياً وقومياً، على أساس مجموعة من المبادئ الأساسية، من بينها إقرار العدالة الاجتماعية وضمان استحقاقات ثورة 2011.
ويعود أصل الخلافات داخل «الجبهة الشعبية» إلى التنافس القوي الذي برز بين حمة الهمامي زعيم «الجبهة الشعبية» ورئيس «حزب العمال»، والمنجي الرحوي رئيس «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد)، إثر إعلان كل منهما نيته الترشح للانتخابات الرئاسية التي ستقام في تونس في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكان المكتب السياسي لحزب «الوطد» قد أعلن عن ترشيح المنجي الرحوي للمنافسة على كرسي الرئاسة، وهو نفسه ما عبّر عنه حمة الهمامي، ليتأجج الخلاف بين الطرفين. وتمسك الهمامي بضرورة الرجوع إلى القيادة الجماعية لتحالف «الجبهة الشعبية» لتحديد اسم المرشح للرئاسية، فيما دعا الرحوي إلى إجراء انتخابات داخلية لتحديد من سيخوض غمار تلك الانتخابات، وهو اقتراح رفضه الهمامي بشدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».