مسيرات في غزة تحت شعار «لا لضم الضفة»

غارات إسرائيلية على القطاع

سكان من غزة يعاينون أضرار غارة إسرائيلية جنوب القطاع أمس (رويترز)
سكان من غزة يعاينون أضرار غارة إسرائيلية جنوب القطاع أمس (رويترز)
TT

مسيرات في غزة تحت شعار «لا لضم الضفة»

سكان من غزة يعاينون أضرار غارة إسرائيلية جنوب القطاع أمس (رويترز)
سكان من غزة يعاينون أضرار غارة إسرائيلية جنوب القطاع أمس (رويترز)

شارك الفلسطينيون في قطاع غزة أمس، في الجمعة الـ60 لمسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة. ودعت الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار سكان القطاع للمشاركة في جمعة «لا لضم الضفة الغربية»، تأكيداً على رفض تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان المؤيدة لضم الضفة، وأيضا تأكيداً على رفض السياسة الأميركية التي «أصبحت تشكل عدوانا سافرا على الشعب الفلسطيني»، بحسب وكالة «سماء» الفلسطينية.
وشددت الهيئة في بيان على ضرورة الحفاظ على سلمية المسيرات وطابعها الشعبي، مؤكدة استمرارها حتى تحقيق أهدافها. يأتي ذلك وسط قصف الطيران الإسرائيلي جنوب قطاع غزة، ردا على قصف صاروخي من القطاع على جنوب إسرائيل. وأعلن جيش الاحتلال أن طيرانه استهدف مقار تابعة لـ«حماس» في قطاع غزة.
يذكر أن 307 فلسطينيين قتلوا خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي على أطراف شرق قطاع غزة منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس (آذار) 2018، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.
وأفادت مصادر محلية، أن المواطنين تجمعوا في مخيمات العودة الخمسة شرق القطاع للمشاركة في جمعة «لا لضم الضفة».
وأصيب 50 مواطنا بينهم ثلاثة مسعفين بجروح، كما أصيب العشرات بالاختناق أمس الجمعة، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي المسيرات السلمية الأسبوعية على امتداد الشريط الحدودي شرق قطاع غزة.
وأفاد مراسلو وكالة أنباء «وفا» بأن جنود الاحتلال المتمركزين خلف التلال والكثبان الرملية وداخل آلياتهم العسكرية المنتشرة على طول السياج الفاصل شرق القطاع، أطلقوا الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، صوب المشاركين، ما أدى إلى إصابة سبعة مواطنين بجروح بينهم مسعفة بعيار «مطاطي» شرق رفح، ومسعف بقنبلة غاز شرق جباليا والعشرات بالاختناق.
وأشاروا إلى أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف المسعفين وسيارات الإسعاف بقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة عدد من المسعفين بالاختناق. وتتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي إطلاق الرصاص الحي والقنابل الغازية المسيلة للدموع على المواطنين المشاركين في مسيرات أسبوعية سلمية تنطلق على مقربة من الشريط الحدودي شرق القطاع، للأسبوع الحادي والستين على التوالي.
وفي الضفة، أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة قرية نعلين الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري والتي خرجت أمس، تنديدا بما يسمى «صفقة القرن»، ورفضا لعقد «ورشة المنامة».
وذكرت مصادر محلية، أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة صوب المشاركين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق. ورفع المشاركون في المسيرة في القرية الواقعة في محافظة رام الله العلم الفلسطيني، ورددوا الهتافات المنددة بـ«محاولات تصفية القضية الفلسطينية، والمساس بالثوابت الوطنية، ومحاولات الالتفاف على حقوق شعبنا»، كما أفادت وكالة «وفا».
في سياق منفصل، نقلت وكالة أنباء «سما» الفلسطينية عن موقع «حدشوت 24 العبري»، أن حريقين اندلعا في ناحال عوز وغابة سيمحوني بفعل بالونات حارقة أطلقت من غزة.
في إسرائيل، هبت المعارضة مع سكان البلدات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة ضد حكومة بنيامين نتنياهو، متهمينه بالتقاعس عن القيام بواجبه في حماية أمن المنطقة وسكانها. وطالب عدد من السياسيين بمعاقبة «حماس» بقطع الأموال التي ترسلها قطر إلى الحركة بقيمة 30 مليون دولار في الشهر.
وطالب رئيس «حزب الجنرالات»، رئيس أركان الجيش سابقا، بالرد على القصف من غزة بعملية «هجوم كاسح يردع حماس ويجعلها تمنع أي قصف آخر في المستقبل». وقال زميله في الحزب يائير لبيد، إنه يجب توجيه ضربة غير مسبوقة لـ«حماس» واستهداف رؤوسها وقادتها، و«تكون التهدئة بوساطات دولية لئلا تتحكم بنا حماس».
وجدد رئيس بلدة سديروت التي تعرضت للصواريخ، ألون ديفيدي، مطالبته بعملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة. وقال ديفيدي بأن «العملية البرية الواسعة النطاق في غزة هي وحدها التي ستجلب الهدوء، يتم خلالها ضرب البنية التحتية للمقاومة واغتيال قادتها». وتابع: «أقول لقيادة إسرائيل بأننا نفذنا عملية برية عسكرية في الماضي ويمكن القيام بها اليوم. ففي بعض الأحيان يجب استخدام القوة بطريقة مثالية لاستعادة الهدوء». وقال عضو الكنيست بتصلئيل سموتريتش، من حزب الاتحاد اليميني: «بعد أول صاروخ لو تم محو 40 مبنى شاهقاً في وسط غزة، لما تم إطلاق الصاروخ الذي تم إطلاقه هذا المساء وألحق أضرارا بالمدرسة الدينية في مدينة سديروت، الرد العسكري المؤلم ضروري». وقال الحاخام رافي بيريتس، رئيس حزب الاتحاد اليميني: «علينا تحويل حالة الخوف من سديروت إلى غزة».
وقال وزير الأمن المستقيل، أفيغدور ليبرمان عبر «فيسبوك»: «أعزائي سكان الجنوب، اسمحوا لي أن أعرب عن حزني العميق إزاء مشاكلكم في هذا الوقت لفقدانكم الأمان، هذا هو بالضبط سبب استقالتي كوزير للدفاع سابقا، يجب دفن جسد «عملية التهدئة» وإحياء الردع الإسرائيلي». وقال حزب «عوتسماه يهوديت» (جبروت يهودي): «إطلاق الصاروخ الليلة على سديروت هو نتيجة واضحة لسياسة نتنياهو الضعيفة تجاه حماس، وقف إطلاق نار بعد وقف إطلاق نار وحماس تتعلم أن إطلاق الصواريخ على «إسرائيل» يؤتي ثماره.
وتحدث رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق الجنرال عاموس يادلين، عما اعتبره «أخطر ما يحدث الآن في قطاع غزة». فقال: «حماس تثبت للفلسطينيين أنها تحقق المكاسب من إسرائيل باستخدام القوة والإرهاب». وطالب عضو الكنيست موتي يوغيف، من حزب اتحاد المين، بالعودة إلى اغتيال قادة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال الجنرال في الاحتياط، عاموس غلبواع، إن «حماس تخوض حرب استنزاف شبيهة بالحرب التي جرت على الجبهة المصرية قبل 50 عاما، بفارق بسيط، هو أنه في حينه كان الاستنزاف ضد جنود الجيش الإسرائيلي على ضفاف قناة السويس وبعيدا عن المدنيين، أما اليوم فإنه يشمل الجبهة الداخلية الإسرائيلية من الجنوب وحتى منطقة وسط إسرائيل وتل أبيب».
ولتعزيز ادعائه، حول حرب الاستنزاف التي تخوضها «حماس»، أورد غلبواع أنه في العام 2015. أطلقت الحركة 15 صاروخاً فقط، وفي 2016 أطلقت أيضاً 15 صاروخاً، وفي 2017 أطلقت 29 صاروخاً، ولكن منذ شهر مارس (آذار) 2018، بدأت بسياسة جديدة تماماً حين أطلقت في 2018 ما لا يقل عن ألف و119 صاروخاً، ومن بداية سنة 2019 وحتى مطلع يونيو (حزيران) الجاري، تمكنت من إطلاق 784 صاروخاً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».