«نورهان... حلم طفلة» وثائقي تقدمه الحفيدة هدية إلى جدتها

تطل فيه فنانة الأربعينات بالصوت والصورة

نورهان التزمت الصّمت لأكثر من 40 عاما لتخرج إلى الضوء في «نورهان... حلم طفلة» - الفنانة نورهان تتحدث في الوثائقي «نورهان... حلم طفلة»
نورهان التزمت الصّمت لأكثر من 40 عاما لتخرج إلى الضوء في «نورهان... حلم طفلة» - الفنانة نورهان تتحدث في الوثائقي «نورهان... حلم طفلة»
TT

«نورهان... حلم طفلة» وثائقي تقدمه الحفيدة هدية إلى جدتها

نورهان التزمت الصّمت لأكثر من 40 عاما لتخرج إلى الضوء في «نورهان... حلم طفلة» - الفنانة نورهان تتحدث في الوثائقي «نورهان... حلم طفلة»
نورهان التزمت الصّمت لأكثر من 40 عاما لتخرج إلى الضوء في «نورهان... حلم طفلة» - الفنانة نورهان تتحدث في الوثائقي «نورهان... حلم طفلة»

«ماذا يعني اسم نورهان؟» هو السؤال الذي تبادر مخرجة الوثائقي «نورهان...حلم طفلة»، مي قاسم، لتوجيهه إلى جدتها الفنانة سورية الأصل التي اعتزلت الغناء في الستينات، وترد الجدة على حفيدتها: «لا معنى حقيقياً له؛ قالوا لي إنه مجرد اسم يجمع ما بين نور الهدى وأسمهان».
ففي هذا الفيلم الذي ينطلق في صالات سينما «متروبوليس»، هذا الأسبوع، تحاول الحفيدة مي نبش ماضي جدتها والتعرف عن كثب على الفنانة التي لاقت شهرة واسعة منذ الأربعينات وإلى حين اعتزالها الغناء في الستينات. «منذ عام 1980، وأنا أحلم بتصوير هذا الفيلم والوقوف على أهم محطات فنانة لم أكن أعلم بمسيرتها تلك قبيل تخرجي في الجامعة»، تقول مي قاسم في سياق الفيلم، وتتابع: «لقد التزمت الصمت وامتنعت عن التحدث عن مرحلتها الفنية تلك إلى أن قررت مجاملتي مرة، إثر تخرجي في الجامعة. فاتصلت ببعض معارفها القدامى في مجال الفن كي يُسهِموا في إيجاد عمل لي بمجال تخصصي، ألا وهو الإخراج السينمائي، ويومها اكتشفتُ ماضيَها الفني».
وهل هي راضية عن هذا الفيلم؟ ترد مي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «بمثابة ذكريات مطوية منذ زمن أعدناها معاً إلى الحياة، وكانت راضية عنها».
يتنقل الفيلم بين مراحل حياة نورهان، واسمها الحقيقي «خيرية»، منذ الطفولة التي شهدت بداية حبها للغناء عند اكتشافها مشغل أسطوانات «فونوغراف» في منزل صديقة والدتها. فسمعت من خلاله للمرة الأولى أغنية أم كلثوم «اللي حبك يا هناه». وصارت ترددها لاحقاً مع أغانٍ أخرى أمام صديقات والدتها. كما تطل مي قاسم على قصص أخرى من طفولة جدتها عندما سرقت منها طفلة أخرى لعبة كانت قد اشترتها لها والدتها، فنراها تستذكر تلك اللحظة بتفاصيلها، فتتغير ملامح وجهها لترسم عليها غضباً قديماً لم تستطع حتى الساعة التخلص منه، وهي تقول: «لم أتمكن من اللحاق بها وراحت اللعبة إلى غير رجعة وحزنت».
وتركز المخرجة مي قاسم في غالبية مضمون الفيلم على اهتمام جدتها الدائم بابنها الوحيد زياد، وهو والدها. فتردد أكثر من مرة بأنها عملت وجاهدت كي تستطيع تأمين حياة رغيدة له؛ فزوجها قاسم قاسم الذي تزوجته في عمر الرابعة عشرة تصفه في الفيلم بـ«أستاذ لغة وأدب لبناني يجيد 11 لغة» لكنه «لا يفهم كثيراً بالنساء والأولاد، وكل ما يعرفه هو العلم وقراءة الكتب». وبعد أن أقنعته باستكمال دراسته في الخارج انتقلا للعيش في القاهرة، إذ انطلقت منها في عالم الغناء والتمثيل السينمائي. ذكريات عن لقاءاتها بالراحلين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعازف البزق محمد عبد الكريم وغيرهم تتناولها الفنانة اليوم وهي في عمر 98 عاماً دون أن يرف لها جفن. فتسردها كمجرد حكايات تعرفها ليس أكثر. وبين طبق «اللوبياء بالزيت» الذي تحضّره أمامنا مباشرة فيذكّرها بعبد الوهاب الذي كان يحبه من يديها، وقطفها زهور الياسمين من على شرفة منزلها في بيت مري، وتخلُّصِها من أحمر شفاه وضعته لها حفيدتها لتبدو متأنقة أمام الشاشة، نلاحظ حب نورهان لحياتها اليوم بعيداً عن الأضواء. فهي نفرت من مجال الفن كما تقول، لأنه لم يناسبها، بـ«زواريبه المتسخة»... «صاروا يطلبون مني مسايرة فلان والجلوس معه، ومرات كثيرة كنت أحيي حفلات مجانية، وأنا في المقابل كنت أغني وأمثّل لأعيش في ظل غياب أي موارد أخرى». في زواجها الأول الذي انتهى بالطلاق أحرق زوجها قاسم قاسم فساتينها وصورها مرةً لغيرته الشديدة عليها، ومرة أخرى لجميع كتبه، مدعياً أمامها أنه نبي، ما دفعها لطلب الطلاق منه ومغادرة منزلها مع ابنها زياد. وفي المرة الثانية التي تزوجت فيها من الفنان محمد سلمان الذي تصفه بالطيب والوسيم وخفيف الدم لم تكن حالتها معه أفضل، إذ كان مدمناً «لعب الميسر»، مما جعلها وبعد مرور 5 أعوام على زواجهما تطلب منه الطلاق، إلا أنهما احتفظا بصداقة وطيدة بينهما.
نتعرف في الفيلم إلى نورهان الممثلة السينمائية التي استهلت مشوارها كـ«كومبارس»، ونقرأ معها عناوين أفلام لعبت بطولتها: «الخير والشر» و«ابنة الشرق» و«ليلى في العراق» من على كتيب قديم لا تزال تحتفظ به يروج لتلك الأعمال. «لم تنجح أعمالي السينمائية لأن من كان يمولها ويديرها كنت أفهم أكثر منه في عملية الإخراج».
وبعد حفلات غنائية أحيتها بين مصر وسوريا ولبنان وتونس وغيرها من الدول العربية قررت نورهان التفرغ للعمل الإذاعي والابتعاد عن الأضواء. «لم أكن أرغب في أن يكبر ابني زياد في هذه الأجواء، ويشيرون إليه بالأصبع بأنه ابن فنانة تغني على المسارح في الليالي». تعلّق الجدة نورهان في سياق الفيلم. بعدها اضطرت إلى افتتاح صالون حلاقة نسائي لاقى شهرة واسعة، إذ كانت النساء ترتاده لمشاهدتها والتعرف عليها كنجمة عربية مشهورة، وتأثر الابن زياد بعمل صالون والدته للتزيين، وسافر إلى فرنسا للتخصص في هذا المجال، وما لبث أن تركه ليدرس الاقتصاد ويعمل موظفاً في الأمم المتحدة مفسحاً المجال أمام والدته بأن تعيش معززة مكرمة. وبين رسومات غرافيكية أضفت لمسة حديثة على الفيلم، وأخرى ترسمها نورهان بيدها لتعلمنا أنها تحب الرسم، تتلون مشاهد الفيلم بالأبيض والأسود بعيداً عن زمن الفن الجميل فتجمع من خلالها مي قاسم بين فنون كثيرة تحبها تماماً كجدتها.
ونلاحظ طيلة مشاهدتنا هذا الفيلم الذي يُعد أول إطلالة حقيقية للفنانة نورهان منذ غيابها عن الساحة حتى اليوم، أن ملامح «خيرية» فيها كثير من الجدية والرزانة، إضافة إلى ابتسامة نادرة. ونكتشف قبيل نهاية الفيلم بقليل وبصورة غير مباشرة أنها أم ثكلى فقدت ابنها الوحيد زياد وهو في الأربعينات من عمره، مما يشكل السبب الرئيسي في فقدانها لذة الحياة.
كثيرون من أبناء جيل اليوم لم يسبق أن سمعوا بالفنانة نورهان، فنادراً ما جرى تناقل اسمها إعلامياً. وما عدا ذكرها في كتاب «نجمات الغناء في الأربعينات»، لمحمود الزيباوي وأسعد مخول، منذ سنوات قليلة، فإنها كانت الغائبة الحاضرة في خيال بعض من أبناء جيل قديم لا يزال يتذكر صوتها الشجي والرنان بأغان هي نفسها لم تعد تتذكرها. ويأتي هذا الوثائقي ليعطيها بعضاً من حقها في مجال الفن بعد فترة صمت طويلة التزمتها وامتنعت خلالها عن الكلام والغناء.



مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
TT

مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)

انطلق، الأحد، مهرجان الرياض للمسرح بدورته الثانية، ويستمر لاثني عشر يوماً من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وشهد حفل افتتاح الدورة الثانية من المهرجان تكريم شخصية هذا العام؛ وهو الأديب والصحافي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي، الذي اشتُهر بلقب «أبو المسرح السعودي»، وجَرَت تسميته شخصية العام في المهرجان؛ تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.

وقُدِّم على خشبة مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمدينة الرياض حيث يقام المهرجان، عرضٌ مسرحي يحكي انطلاقة المسرح في المملكة على يد الرائد أحمد السباعي، مطلع الستينات الميلادية من القرن العشرين.

والسباعي، المولود عام 1905، عمل، مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة «صوت الحجاز»، التي تولّى رئاسة تحريرها لاحقاً، وأسس صحيفة «الندوة»، ثم مجلة «قريش» الأدبية.

ويسجَّل للسباعي أنه كان من أوائل الدائبين على إنشاء المسرح السعودي في بواكيره، وذلك في مطلع الستينات، واستقطب مدربين ذوي دراية وخبرة، للتمثيل من مصر، وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلَّل بالنجاح وقتها، وتُوفي عام 1984. ‏

من حفل افتتاح المهرجان في دورته الثانية بالرياض (واس)

تطلعات طموحة للإبداع

تمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة. يشارك، في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج يشمل 3 ندوات، و6 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، وتتوزع العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم 9 عروض.

وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية يمثل إنجازاً جديداً لمسيرة المسرح السعودي، وانطلاقة نحو آفاق مسرحية مشرقة. وأضاف: «يجسد المهرجان قيمنا المشتركة، ونهدف إلى أن يكون المسرح السعودي مسرحاً يعكس هويتنا وثقافتنا، في ظل دعم القيادة الرشيدة، ونسعى إلى تحقيق مزيد من النجاحات». وأفاد البازعي بأن المهرجان سيشهد مشاركة 20 عملاً مسرحياً في مسارين مختلفين، إضافة إلى 3 ندوات حوارية، و3 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، خلال 10 أيام من الإبداع المسرحي في تجربة ثرية واستثنائية. من جهته، أشار الدكتور راشد الشمراني، مدير المهرجان، إلى أن مهرجان الرياض للمسرح يمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانة المسرح في المشهد الثقافي السعودي، موضحاً أن المهرجان يهدف إلى اكتشاف الطاقات الإبداعية ودعمها، إلى جانب تطوير المحتوى المسرحي وتوسيع قاعدة الجمهور، بما يُعزز دور المسرح بوصفه منصة للحوار والتواصل الإنساني، ويسهم في بناء مجتمع واعٍ بفنون الأداء والمسرح. وخلال الحفل، جرى تكريم لجنة الفرز والمشاهدة في المهرجان التي كان لها دور بارز في الدورة الحالية، وضمت نخبة من الأسماء وهم: حمد الرميحي، وعبد الناصر الزاير، وعبد الله ملك، والدكتور عزيز خيون، والدكتور خالد أمين. ويشهد المهرجان عرض مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية؛ منها ندوات وقراءات نقدية وورشة عمل، كما سيقدم المهرجان عروضاً يومية متنوعة وثقافية تعكس التنوع والإبداع.