حملة اعتقالات لعشرات الضباط الإسلاميين... و«العسكري» يفرج عن معتقلين سياسيين

عودة الحياة إلى طبيعتها في مدن السودان بعد رفع العصيان... ودعم دولي واسع للمبادرة الأفريقية

مواطنون سودانيون في إحدى محطات السفر بالخرطوم بعد انتهاء العصيان المدني (أ.ف.ب)
مواطنون سودانيون في إحدى محطات السفر بالخرطوم بعد انتهاء العصيان المدني (أ.ف.ب)
TT

حملة اعتقالات لعشرات الضباط الإسلاميين... و«العسكري» يفرج عن معتقلين سياسيين

مواطنون سودانيون في إحدى محطات السفر بالخرطوم بعد انتهاء العصيان المدني (أ.ف.ب)
مواطنون سودانيون في إحدى محطات السفر بالخرطوم بعد انتهاء العصيان المدني (أ.ف.ب)

شنّت السلطات الأمنية السودانية حملة اعتقالات واسعة، طالت عدداً من الضباط في الجيش السوداني؛ المنتمين إلى الحركة الإسلامية والنظام السابق، من بينهم متقاعدون. وأشارت مصادر عسكرية أن الاعتقالات مستمرة منذ عدة أيام، كإجراء احترازي، تحسباً لأي تحرك عسكري ضدّ المجلس العسكري الانتقالي.
وكانت قناة «العربية» نقلت عن مصادر لم تسمها أن المجلس العسكري أحبط محاولة انقلابية خطط لها ضباط ومدنيون محسوبون على التيار الإسلامي، لكنها عادت ونفت المحاولة الانقلابية، نقلاً عن مصدر رسمي، مع تأكيده صحة الاعتقالات الاحترازية التي طالت 68 ضابطاً. وتشير المصادر إلى أن الاعتقالات تمت قبل أيام، بناء على اتصالات بين تلك المجموعات.
من جهة ثانية، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها ببطء في الخرطوم، ومدن السودان المختلفة، أمس، بعد تعليق «قوى الحرية والتغيير» العصيان المدني المفتوح، الذي أطلقته لإبقاء الضغط على المجلس العسكري الانتقالي الحاكم. وجاء تعليق العصيان، بطلب من الوساطة الأفريقية؛ لإتاحة الفرصة لاستئناف المفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي؛ لكن العاصمة السودانية لا تزال تشهد انتشاراً كثيفاً لقوات نظامية تتبع للجيش والدعم السريع في الشوارع الرئيسية والمرافق الاستراتيجية.
وخرجت العاصمة الخرطوم وكثير من المدن أمس من حالة الشلل التام على مدار الأيام الثلاثة الماضية؛ حيث توقف العمل بشكل كبير في كثير من مؤسسات الدولة والقطاعات العامة والخاصة نتيجة لدخول العاملين في إضراب شامل عن العمل. وفي جولة في أحياء العاصمة السودانية تمت ملاحظة أن حافلات كانت تنتظر الركاب عند محطات توقفها المعتادة، وكذلك فتحت بعض المتاجر أبوابها. لكن سوق الذهب الرئيسية في العاصمة بقت مغلقة، فيما يبدو أن بعض السكان فضّلوا البقاء في منازلهم بسبب الانتشار الكثيف لقوات الأمن في مختلف أحياء المدينة.
وقالت سمر بشير، الموظفة في شركة خاصة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ألازم منزلي لأنني قلقة من وجود القوات الأمنية في الشوارع وهي مسلحة». وقال موظفون إنهم يفضلون البقاء في منازلهم، لانقطاع الإنترنت في العاصمة منذ أكثر من أسبوع، ما يجعل العمل في المكاتب أكثر تعقيداً. ومددت بعض الشركات الخاصة عطلة عيد الفطر حتى نهاية الأسبوع.
وانطلقت حملة العصيان المدني، يوم الأحد الماضي، بعد أسبوع من فضّ اعتصام المحتجين أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، الذي خلّف عشرات القتلى، فيما اتهم قادة الاحتجاج المجلس العسكري، وخصوصاً قوات الدعم السريع بتنفيذه. لكن بعد وساطة إثيوبية وافق قادة حركة الاحتجاج الثلاثاء على إنهاء العصيان واستئناف المفاوضات مع المجلس العسكري. وقتل أكثر من 100 شخص في عملية فضّ الاعتصام في الخرطوم في 3 يونيو (حزيران)، وفق لجنة الأطباء المركزية، لكن المسؤولين الرسميين يقولون إن الحصيلة أقل بكثير.
ومن جانبها، دعت «قوى الحرية والتغيير» إلى إكمال بناء لجان العصيان المدني والإضراب السياسي بالأحياء والمؤسسات؛ وأعلنت عن استمرار الحراك الثوري الأسبوعي بتنفيذ وقفات احتجاجية، اليوم (الخميس)، للمهنيين والعاملين بالشركات العامة. كما دعت في بيان إلى حصر المتضررين من العصيان والإضراب بجميع المؤسسات وتقديم العون القانوني لهم. وفي السياق، تراجعت إدارة شركة «بترونيرجي» السودانية - الصينية للبترول، عن إجراء تحقيقات كانت قد بدأتها مع الموظفين بالشركة، لتنفيذهم إضراباً عن العمل أيام العصيان الثلاثة، بعد أن هدّدوا بتنفيذ وقفة احتجاجية لكل العاملين بالنفط كان مقرراً لها اليوم. وقال أحد العاملين بالشركة - فضّل حجب اسمه - إن ضابطاً بجهاز الأمن والمخابرات السوداني بدأ في التحقيق مع رؤساء الأقسام بالشركة؛ واعتبر الإجراء مخالفاً للوائح العمل الداخلية التي تنظم عمل الأفراد. ويترقب السودانيون اللقاءات التي سيجريها مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي، خلال زيارته إلى الخرطوم، التي تستغرق يومين، مع «قوى الحرية والتغيير» والمجلس العسكري الانتقالي، ومجموعات نسوية وشبابية، للدفع بالعملية السياسية نحو الانتقال للحكومة المدنية. وحثّ تيبور، في تصريح سابق، الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، من أجل الوصول إلى اتفاق عاجل؛ مشيراً إلى أن المجلس العسكري لم يُشكل ليحكم السودان، بل ليشارك في الانتقال إلى حكومة بقيادة مدنية.
إلى ذلك، استجاب المجلس العسكري لبعض شروط «قوى الحرية والتغيير» بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين؛ كما أعلن عن بدء التحقيق في فضّ الاعتصام بالقوة؛ وإلغاء القبض على العشرات من العسكريين المتورطين في مقتل وإصابة العشرات في ميدان الاعتصام في 3 يونيو الحالي أمام مقرّ قيادة الجيش السوداني بالخرطوم؛ في وقت جددت «قوى الحرية والتغيير» تمسكها بضرورة تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الأحداث.
في غضون ذلك، توقعت مصادر بقوى المعارضة، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تبدأ المفاوضات المباشرة بين قوى الحراك الشعبي والمجلس العسكري عقب وصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى الخرطوم، المقرر لها هذا الأسبوع. وأكدت المصادر أن الوساطة الأفريقية التي يقودها آبي أحمد تجد دعماً من الأمم المتحدة، ومباركة من الدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة، ودوّل في الاتحاد الأوروبي؛ بجانب الدعم المتوقع من دول الإقليم العربي والأفريقي. وعُلقت المحادثات بين الطرفين في 20 مايو (أيار) بسبب عدم التوصل إلى توافق حول تشكيلة هيئة انتقالية تدير البلاد على مدى 3 سنوات.
من جهتها، رحّبت الإمارات العربية المتحدة أمس بـ«الانفراج» في السودان، بعد قبول قادة حركة الاحتجاج في السودان إنهاء العصيان المدني. وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في حسابه على موقع «تويتر»: «الانفراج الحالي في السودان يدعو للتفاؤل، وندعو أن يؤسس لاتفاق يقود المرحلة الانتقالية، عبر شراكة حقيقية وثابتة». وأكد قرقاش: «لا يسعنا إلا أن ننظر بكل تقدير إلى جهود رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتجسير وجهات النظر تجاه الحل السياسي». وكان قرقاش أعلن في تغريدة الثلاثاء أن أبوظبي تتواصل مع الأطراف كافة في السودان، للمساهمة في دعم «الانتقال السلمي».
من جهة ثانية، دشّنت تنسيقية «القوى الوطنية السودانية» أمس، بالخرطوم عملها بمشاركة أكثر من 20 حزباً وكتلة سياسية وتنظيمات شبابية. وهي قوى خارج «إعلان الحرية والتغيير». ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) عن التنسيقية تأكيدها أن هدفها يتمثل في إخراج البلاد من أزمتها الراهنة، وصولاً إلى توافق وطني يسهم في بناء سودان المستقبل.
وعقدت التنسيقية مؤتمراً صحافياً، حمّل خلاله علي الحاج محمد، القيادي بها، المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية فضّ الاعتصام، وطالب بالإسراع في إجراء التحقيق حول تلك الأحداث وتقديم مرتكبيها لمحاكمة عادلة. وأضاف: «نحن ندعم مدنية الحكم، وضد عسكريته». وقال: «لا يمكن أن نستبدل نظاماً عسكرياً بنظام عسكري آخر»، داعياً «قوى الحرية والتغيير» لعدم إقصاء الآخرين باعتبارهم شركاء في الوطن. وأوضح أن الإقصاء لا يولد إلا الإقصاء، مبيناً أن السلطة لا بد أن تعود للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، مؤكداً على ضرورة المضي قدماً في انتهاج السلمية وعدم الانجرار لاستخدام القوة والعنف.
وانتقد الحاج تصريحات مندوب الوساطة الإثيوبية بشأن التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، وطالبه بالوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية في السودان.
من جانبه، قال بحر إدريس أبو قردة، القيادي بالتنسيقية، «وهو وزير سابق في نظام المخلوع عمر البشير»، إن تكوين «تنسيقية القوى الوطنية» جاء استشعاراً بالمخاطر التي يمر بها الوطن. وقال إن المسار الثنائي بين المجلس العسكري و«قوى إعلان الحرية والتغيير» مسار خاطئ؛ لأنه يعزل ويقصي الآخرين من المشاركة في العملية السياسية.
وأكد على ضرورة إعلاء قيم التشاور والحوار لإخراج البلاد إلى برّ الأمان، مشيراً إلى أن المجلس العسكري الانتقالي شريك في ثورة 19 ديسمبر (كانون الأول)، لذلك لا بد من أن يكون جزءاً من العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية.
إلى ذلك، حيّا فرح العقار عضو «التنسيقية الوطنية» المجلس العسكري لانحيازه لثورة 19 ديسمبر، والاستجابة لنداء التغيير، وقال إن الحوار والتفاوض الثنائي لا يخدم الاستقرار في البلاد، مبيناً أن الثورة التي حدثت هي ثورة كل الشعب، وليست ثورة «قوى الحرية والتغيير». يذكر أن التنسيقية طرحت وثيقة وطنية حول إدارة الحكم بالبلاد، وستقوم بتقديمها للمجلس العسكري الانتقالي و«قوى إعلان الحرية والتغيير» والأطياف السياسية الأخرى.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».