مسؤول إيراني بارز يكشف عن قائمة مرشحين لخلافة خامنئي

المرشد الإيراني علي خامنئي (يسار) والرئيس حسن روحاني (أرشيف - رويترز)
المرشد الإيراني علي خامنئي (يسار) والرئيس حسن روحاني (أرشيف - رويترز)
TT

مسؤول إيراني بارز يكشف عن قائمة مرشحين لخلافة خامنئي

المرشد الإيراني علي خامنئي (يسار) والرئيس حسن روحاني (أرشيف - رويترز)
المرشد الإيراني علي خامنئي (يسار) والرئيس حسن روحاني (أرشيف - رويترز)

كشف عضو مجلس «خبراء القيادة» الإيراني محسن أراكي، يوم أمس، عن وجود قائمة مرشحين لخلافة المرشد علي خامئني، مشيراً إلى اطلاع ثلاثة أشخاص على القائمة.
وقال أراكي لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، إن المرشحين «ليسوا أعضاء في مجلس خبراء القيادة بالضرورة»، مشدداً على أن القضية «سرية مائة في المائة».
ويعد مجلس «خبراء القيادة» الجهاز المكلف في إيران بانتخاب المرشد الإيراني، ويعتبر المسؤول في حال تعذر ممارسة المرشد مهامه أو افتقاره للصلاحيات أو وفاته.
ويتكون مجلس خبراء القيادة من 88 عضوا من رجال الدين المتنفذين في النظام ويجرى اختيارهم بالتصويت المباشر كل ثمانية أعوام.
وأشار أراكي إلى وجود لجنة خاصة أخرى تسمى «لجنة التحقيق» مهمتها التعرف على كل الأشخاص الذين يملكون مواصفات تولي منصب المرشد وإعداد قائمة تتضمن أسماءهم.
ومن بين أهم مواصفات المرشد أن يكون فقيهاً، وأن يحمل في سجله تولي مناصب كبيرة مثل الرئاسة.
ووفقا للمواصفات، فإن الرئيس الحالي حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي إضافة إلى رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام ورئيس القضاء السابق صادق لاريجاني من بين أهم الأشخاص المرشحين لتولي المنصب. لكن رئيسي يملك حظوظا أوفر نظراً لعلاقات مميزة بينه وبين كبار قادة «الحرس الثوري».
وبحسب أراكي، فإن القائمة التي تعدها لجنة «التحقيق« تقدم إلى «لجنة خاصة» مهمتها دراسة القائمة واختيار المرشحين لخلافة المرشد بطريقة «سرية للغاية».
وكان ممثل المرشد الإيراني في «الحرس الثوري» عبد الله حاجي صادقي، قد حذّر الأسبوع الماضي من صعود «مرشد ثالث في النظام الإيراني يختلف عن صنف المرشد الأول (الخميني) والمرشد الحالي علي خامنئي».
ونقلت مواقع إيرانية عن ممثل خامنئي في «الحرس الثوري» قوله إن «الاستكبار اعترف بلسانه بأن موته التدريجي مؤكد بوجود الثورة»، محذراً من أن «الأعداء يحاولون ألا يكون القائد الثالث من صنف القائدين الأول والثاني»، مشدداً على أن خليفة خامنئي المرشد الثالث في النظام «سيكون من أتباع المرشد الأول والثاني، وبوصوله سيمتلأ العالم بالعدالة والمساواة»، على حد قوله.
وتعد خلافة خامنئي من أهم محاور النقاش بين الأوساط السياسية بعد تقارير عن تدهور حالته الصحية. وارتبط الترقب حول مستقبل ومواصفات المرشح المحتمل لخلافة خامنئي بالخلافات بين كبار المسؤولين الإيرانيين.
وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، نفى نائب رئيس مجلس «خبراء القيادة» أحمد خاتمي وجود مرشح محتمل لتولي منصب المرشد بعد خامنئي، نافياً بشكل ضمني ما يُتداول عن تدهور الحالة الصحية للمرشد الإيراني. وحينها قلل خاتمي من أهمية التقارير حول تشكيل مجموعة خاصة في مجلس خبراء القيادة لبحث المرشح المحتمل لخلافة خامنئي.



ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

لكل حرب امتدادها الأقصى. بعد هذه المرحلة يتحوّل مردود الحرب إلى سلبيّ. وعليه، يجب التوقّف لإعادة التقييم وتغيير الاستراتيجيات إذا لزم الأمر. بعد تسعة أشهر ونيّف للحرب على غزّة تشكّلت الصورة التالية:

إيران مستفيدة لأنها لا تخوض الحرب مباشرة مع إسرائيل، فالوكيل هو الذي يدفع الثمن. فإذا ربح تربح معه. وفي حال الخسارة يخسر وحده. وهي تستفيد اليوم من السيناريو الممتاز والذي لم تكن تتوقّعه في حرب إسرائيل على غزّة. فالجيش الإسرائيليّ يتخبّط في رمالها، كما يضيع في متاهات أنفاقها. وهو حتى الآن مستنزف، بعد تآكل صورته الردعيّة. كما تحوّلت إسرائيل إلى دولة مارقة في وعي العالم.

تعترف إسرائيل بأنها تقاتل على 7 جبهات، وكانت استراتيجيّة إيران تعتمد على المبدأ الصيني الذي يقول: «الموت بألف طعنة».

مع الحرب على غزّة، ابتكرت إيران مبدأ وحدة الساحات. والهدف بالطبع هو خلق مستوى مرتفع من الضبابيّة. تؤمّن هذه الضبابيّة لإيران حركيّة استراتيجيّة وحريّة عمل كبيرة جدّاً على المسارح في الشرق الأوسط. وعبر الضبابيّة هذه، يمكن لها «نكران» الفعل إذا لزم الأمر. وحتى القتال مباشرة بواسطة وسائلها الخاصة، لكن تحت غطاء وحدة الساحات. هي تؤمّن الهيكليّة والإدارة، كما الوسائل. وما على الوكيل إلا أن يُنفّذ. ما يناسب الاستراتيجيّة الإيرانيّة في المنطقة، هو الفوضى. يُطلق بعض مفكّريها تسمية الفوضى البنّاءة. فعبر الفوضى، يمكن تأمين حريّة العمل للوكلاء. هكذا هي حال دول ما يُسمّى بمحور المقاومة.

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

نقطة الذروة!

بغض النظر عمن هو مسؤول عن كارثة مجدل شمس. فقد يمكن القول إن هذه الكارثة شكّلت نقطة تحوّل - انحراف أساسيّة في ديناميكيّة الصراع. فبعد هذه النقطة، اعتمدت إسرائيل مبدأ الانتهازيّة السياسيّة كما العسكريّة. وضعت بذلك «حزب الله» في موقع الدفاع، وتسيّدت هي في الخطاب والفعل. وعليه، استهدفت «حزب الله» في عقر داره في الضاحية، فقتلت القياديّ فؤاد شكر وهو الذي يمثّل رئيس أركان الحزب. أعلنت إسرائيل مباشرة نجاح عمليتها ضد شكر، الأمر الذي يدلّ على أن لديها معلومات استخبارية مباشرة وآنيّة من الميدان لتأكيد الأمر.

وبعد أقلّ من 12 ساعة، أعلنت إيران عن اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة بصاروخ موجّه على غرفته الخاصة. اختلفت الروايات حول طريقة التنفيذ. لكن الاغتيال بحدّ ذاته، شكّل خرقاً كبيراً للأمن القوميّ الإيرانيّ. وبذلك قد يمكن القول، إن إيران تقاتل باعتماد استراتيجيّة «الدفاع المتقدّم»، كي تغطّي على هشاشتها الداخليّة. وتقدم إسرائيل إلى الهجوم في عمق ما يُسمّى بـ«وحدة الساحات» أيضاً للتغطية على هشاشتها الداخليّة.

نظام «القبة الحديدية» الدفاعي الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

التقييدات للفعل وردّ الفعل

لا يُمكن لإيران إلا أن تردّ. ولا يمكن للردّ إلا أن يكون بقيادتها. فالحدث وتوقيت حصوله ومكانه خلال تنصيب الرئيس الجديد. كما أن الشخص المُستهدف هو أحد أعمدة قيادات وحدة الساحات. حتى إنه لا يمكن تجاهل تزامن اغتيال هنيّة مع اغتيال القياديّ في «حزب الله». فكيف سيكون الردّ؟ هل سيكون عبر وحدة الساحات ككلّ، لكن تحت القيادة الإيرانيّة؟ هل ستكون القوات الأميركيّة مستهدفة خاصة بعد إعلان وزير الدفاع الأميركيّ لويد أوستن أن أميركا ستحمي إسرائيل؟ وهل تبدو إيران مقتنعة بأن لا دور لأميركا في كلّ ما حدث؟

كيف يمكن للرد على إسرائيل أن يكون متناسباً مع الخسارة في لبنان وإيران؟ وما هي نوعيّة الأهداف التي ستُضرب في إسرائيل؟ هل ستكون من ضمن بنك الأهداف التي استحصلت عليها مسيّرة «الهدهد»، خاصة الأولى، أو ستكون في العمق الإسرائيليّ مع نوعيّة أهداف لها قيمة استراتيجيّة أكبر؟ وهل ستقبل إسرائيل؟

هل ستُشكّل الضربة على ميناء الحُديدة النموذج الذي سيُعتمد لضرب الداخل الإيرانيّ؟ ألم يقل وزير الدفاع الإسرائيليّ إن نار الحديدة سيراها كل الشرق الأوسط؟ هل لعبت أميركا دوراً في إعطاء الضوء الأخضر، أو المساعدة في المجال الاستخباراتيّ، وذلك كما فعلت في عام 2008 عقب اغتيال القيادي في «حزب الله» عماد مغنيّة؟ وما هو الإطار الرادع، إن كان في الخطاب السياسيّ أو في عرض العضلات العسكريّة، الذي ستستعمله أميركا، قبل وخلال وبعد الردّ الإيرانيّ؟ هل ستسعى لرسم الإطار الفكريّ لكيفيّة إنهاء الاشتباك حتى قبل بدء الحرب؟

الحسابات الخاطئة

كل شيء في الحرب سهل، لكن أسهل شيء فيها مُعقّد جداً. هكذا قال المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز. وهل يمكن السيطرة على ديناميكيّة الحرب خاصة بعد بدئها؟ وهل هي عمل خطّي أو أنها عمل مُعقّد جدّاً؟ وماذا لو خرج الردّ والردّ على الردّ عن السيطرة؟ فهل ستذهب إسرائيل إلى ضرب الداخل الإيرانيّ خاصة البنى التحتيّة المتعلّقة بالطاقة؟ وهل سينتهز نتنياهو الفرصة لتنفيذ مشروعه واستراتيجيّته عبر ضرب المشروع النوويّ الإيرانيّ مباشرة؟ لكن السؤال الجوهريّ سيكون حول دور العمّ سام، وهل ستستغل أميركا الوضع لترويض إيران، وإضعافها عبر تقليص نفوذها في الشرق الأوسط خاصة المنطقة العربيّة؟