انزعاج دولي ومحلي من استهداف المستشفيات الميدانية في معركة طرابلس

«الصحة العالمية»: النزاع المسلح يهدد الرعاية الصحية في العاصمة

TT

انزعاج دولي ومحلي من استهداف المستشفيات الميدانية في معركة طرابلس

عبّرت منظمة الصحة العالمية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن انزعاجهما من استهداف المستشفيات الميدانية من الأطراف المتحاربة خلال المعركة العسكرية الدائرة بالمحيط الجنوبي للعاصمة طرابلس، بين «الجيش الوطني» والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.
وأدانت منظمة الصحة العالمية في ليبيا قصف مستشفيين ميدانيين في منطقتي السواني وعين زارة، جنوب طرابلس، مساء أول من أمس. وقالت المنظمة في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس، إن القصف الذي تعرض له المستشفى الميداني في منطقة السواني أسفر عن إصابة طبيبة ومسعفين، فيما لم تشر المنظمة إلى الأضرار التي نجمت عن قصف مستشفى عين زارة، لكن العاملين به قالوا إنه دُمّر.
وحذّرت منظمة الصحة من أن «النزاع المسلح يهدد الرعاية الصحية في طرابلس»، منوهة إلى أن «العاملين في (قطاع) الصحة والمستشفيات في ليبيا ليسوا هدفاً». وقُتِل طبيبان ومسعف، وأُصيب أربعة مسعفين آخرون أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني، كما تعرّض عدد من المراكز الصحية وسيارات الإسعاف للاستهداف منذ بدء العملية العسكرية.
في السياق ذاته، عبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عن إدانتها لاستهداف المستشفيين الميدانيين في منطقتي السواني وعين زارة بالقصف الصاروخي، وقالت إن العاملين في المجال الطبي من مسعفين وفرق إسعاف وطوارئ باتوا هدفاً مباشراً في المواجهات المسلحة بمنطقة جنوب غربي العاصمة: «رغم أن مهمتهم تتمثل في إنقاذ أرواح المدنيين والأبرياء، ومحاولة إسعافهم».
ودعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان المحكمة الجنائية الدولية ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي مستقل في «جميع الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني التي ترتكب بحق المدنيين، والجرائم التي تستهدف العاملين في المجال الطبي والصحي خلال المواجهات المسلحة في طرابلس، والتي ترقى إلى مصاف جرائم الحرب طبقا للقانون الدولي الإنساني».
وناشدت اللجنة الوطنية «جميع أطراف النزاع المسلح بمناطق جنوب غربي طرابلس ومحيطها بضرورة احترام مهمة العمل الإنساني الذي تقوم به فرق الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر، وضمان حماية سلامة المسعفين».
وذكّرت اللجنة «جميع الأطراف المتحاربة بالتزاماتها الإنسانية والقانونية، وتجنب ارتكاب أي خروقات أو انتهاكات خطيرة ضد المدنيين بما فيها عدم استهداف المناطق السكنية المكتظة بالسكان، وعدم التحصن بالمناطق والأحياء، أو استخدام الأهداف والمرافق المدنية كالمطارات والمراكز الصحية لأغراض عسكرية، طبقا لما نص عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان».
وكان المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» انتقد ما سماه «الصمت الدولي على جرائم استهداف المنشآت المدنية والطبية»، مشيرا إلى أن آخر استهداف «كان قصف الطائرات المعادية لمستشفيين ميدانيين في منطقتي السواني وعين زارة جنوب طرابلس، وهو ما أسفر عن إصابة أطباء ومسعفين ومواطنين».
وانتهى المجلس الرئاسي إلى أن «الجهات المختصة بحكومة (الوفاق) ترصد وتوثق هذه الجرائم والانتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان»، معتبرا أن «هذا الاستهداف الممنهج للمدنيين والمنشآت المدنية يعد وفقا لأحكام وقواعد اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الملحقين لها جريمة حرب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».