شاشة الناقد: من وسط العاصفة إلى نزاع حول المائدة

«وسط العاصفة»
«وسط العاصفة»
TT

شاشة الناقد: من وسط العاصفة إلى نزاع حول المائدة

«وسط العاصفة»
«وسط العاصفة»

* في داخل العاصفة | Into the Storm‬
* إخراج: ستيفن كوايل
* تقييم الناقد: (*2)
* ميزانية المؤثرات الخاصّة لهذا الفيلم اعتلت ميزانية المواهب البشرية التي وقفت أمام الكاميرا أو وراءها أو كادت. خمسون مليون دولار مع ممثلين من صف ثان وثالث بينهم رتشارد أرميتاج وسارا واين كوليز ومات وولش، ومخرج (ستيفن كوايل) جرّب حظّه بفيلم «الوجهة النهائية 5» الذي يبدأ بعاصفة عاتية وينتهي وهو يشارف نهايته.
عواصف الزوابع القاتلة المعروفة باسم «تورنادو» (وتعرف أيضًا باسم Twister) تقع كل سنة في الوسط الأميركي، لكنها لم تقع على هذا النحو من قبل، لا في الحياة ولا في السينما. حكايته ليست بعيدة كثيرًا عن فيلم «تويستر» (1996) الذي أخرجه جان دي بونت من بطولة بل باكستون وهيلين هانت والراحل فيليب سيمور هوفمن. لكن ذلك الفيلم كان ناجحًا في حيّز الدراما، بينما ينجح هذا الفيلم في استثمار التقدم التقني الذي أصاب صناعة الصورة منذ منتصف التسعينات وإلى اليوم، أما عندما يأتي الأمر للحديث عن الدراما فالمواقف جاهزة ولا تتعدّى قيام ذلك الفريق الراصد للعواصف برصد تلك «التورنادوز» التي تقتلع من الأرض الناس والسيارات والأشجار والمنازل أيضًا. سريعًا ما سيجد هذا الفريق نفسه في وسط العاصفة العاتية كما يقتضي الحال في أي فيلم كارثي عادة.

* رحلة المائة قدم | The Hundred - Foot Journey‬
* إخراج: لاس هولستروم
* تقييم الناقد: (*3)
* قدر من التنميط موجود في «رحلة المائة قدم» كما أخرجه لاسي هولستروم («شوكولا») عن رواية لرتشارد مورايز. إنه عن عائلة هندية مسلمة نزحت إلى فرنسا حيث واجهت، من بين ما واجهته، الفجوة الهائلة بين المجتمعين، بما في ذلك مدلولاهما الثقافيان والتربويان. لكن هذه الفجوة ليست غائبة عن فكر رب الأسرة (أوم بوري) الذي يرى أن جميع أهل الأرض متّفقون على أن الطعام هو ما يزيل الحواجز وأن ثقافة المائدة توفّر للمجتمعات نقطة لقاء مثالية.
ما هو مثالي هو مثل ذلك التفكير، والفيلم يخسر نقاطًا بمجرد تبنّيه القصّة التي تبقى غير مقنعة على النحو المقدّم. لكنه يعوّضها من خلال التمثيل ونكهة العمل الواقفة بين خطّي الكوميديا والدراما الاجتماعية. العائلة المسلمة تدخل فرنسا وتجول في سيارة تلفظ نفسها عند مشارف بلدة صغيرة. هناك سيقرر رب العائلة إعادة فتح محل مغلق وتحويله إلى مطعم هندي. الموكلة بالمكان (هيلين ميرين) تعارض الخطوة وتحاول منع الأسرة من تحقيق مأربها لأنها تملك مطعمًا في المقابل ولا ترغب في منافسة أحد.
لا يرغب الفيلم في إيذاء شعور أحد ويلعبها سالمة. يمر خفيفًا وينتهي خفيفًا أيضًا.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.