ملاحقة 12 مسؤولاً سابقاً بينهم أويحيى وسلال أمام المحكمة العليا في الجزائر

توقعات بإلغاء انتخابات الرئاسة بسبب ضعف الترشيحات

قوات الأمن الجزائرية تقف أمام البريد المركزي وسط العاصمة تحسباً لقدوم حشود من المتظاهرين المطالبين بتغيير رموز النظام السابق (ا.ف.ب)
قوات الأمن الجزائرية تقف أمام البريد المركزي وسط العاصمة تحسباً لقدوم حشود من المتظاهرين المطالبين بتغيير رموز النظام السابق (ا.ف.ب)
TT

ملاحقة 12 مسؤولاً سابقاً بينهم أويحيى وسلال أمام المحكمة العليا في الجزائر

قوات الأمن الجزائرية تقف أمام البريد المركزي وسط العاصمة تحسباً لقدوم حشود من المتظاهرين المطالبين بتغيير رموز النظام السابق (ا.ف.ب)
قوات الأمن الجزائرية تقف أمام البريد المركزي وسط العاصمة تحسباً لقدوم حشود من المتظاهرين المطالبين بتغيير رموز النظام السابق (ا.ف.ب)

أعلنت السلطات القضائية في الجزائر، أمس، رسمياً، متابعة رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، و8 وزراء ووالين (محافظين) سابقين أيضاً، بتهم عدة مرتبطة بقضايا فساد تعود إلى عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وجاء هذا تزامناً مع إعلان المجلس الدستوري تسلّمه ملفي ترشح فقط لانتخابات الرئاسة المقررة في 4 يوليو (تموز) المقبل التي يرجح متتبعون إلغاءها.
ونشر بلقاسم زغماتي النائب العام بالعاصمة، قائمة المسؤولين السابقين المعنيين بالمتابعة، وهم إضافة إلى سلال وأويحيى، عبد الغني زعلان وزير الأشغال العمومية السابق، وعمار تو وزير النقل السابق، وبوجمعة طلعي وزير النقل الأسبق، وكريم جودي وزير المالية سابقاً، وعمارة بن يونس وزير التجارة سابقاً، وعبد القادر بوعزقي وزير الزراعة سابقاً، وعمار غول وزير السياحة سابقاً، وعبد السلام بوشوارب وزير الصناعة سابقاً، وعبد القادر زوخ والي الجزائر العاصمة سابقاً، ومحمد خنفار والي البيض (جنوب غرب) سابقاً.
وقال زغماتي، في بيان، إن «المعنيين يستفيدون من قاعدة امتياز التقاضي، بحكم وظائفهم وقت ارتكاب الوقائع». وينص القانون على أن الوزير والوالي يتابعان بـ«المحكمة العليا»، وليس بالمحكمة الابتدائية، إذا كانت الشبهة أو التهمة وقعت أثناء ممارسة مهام حكومية. أما بالنسبة لأويحيى وسلال، فالدستور يذكر أن رئيسي الوزراء ورئيس الجمهورية يتابعان في هيكل قضائي خاص هو «المحكمة العليا للدولة»، لكن هذه المحكمة لم تُشكّل منذ أن نصت عليها التعديل الدستوري عام 1996، وقد اجتهدت السلطات السياسية في البلاد، في هذا الأمر، ووجدت أن «المحكمة العليا» هي الجهة الأنسب لمتابعتهما.
وقال مصدر بـ«المحكمة العليا» إن المسؤولين الـ12 سابقاً، محل شبهات بـ«إبرام صفقات وعقود مخالفة للقانون» و«مخالفة قانون الصرف» و«منح امتيازات ومعاملات تفضيلية لصالح أشخاص». وتخص هذه الشبهات علاقاتهم مع رجل الأعمال البارز علي حداد، الموجود في السجن منذ شهر ونصف الشهر.
وكان حداد أحد أبرز المقربين من «جماعة الرئيس بوتفيلقة» سابقاً، يملك شركات ومقاولات عدة، وتمكن خلال فترة حكم بوتفليقة من تكوين ثروة ضخمة، يجري التحقيق في مصدرها.
من جهة أخرى، باتت القيادة العسكرية في الجزائر، التي تسيِّر شؤون الدولة منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في مأزق حقيقي بعدما استحال عليها تنفيذ خريطة الطريق التي رسمتها، وهي تنظيم انتخابات الرئاسة في 4 يوليو المقبل. فقد ألغي الموعد بسبب عزوف المترشحين عنه، وهي ثاني رئاسية يتم إسقاطها في ظرف شهرين، بعد التي كانت مقررة في 18 من الشهر الماضي.
وفي كلتا الحالتين، كان الحراك الشعبي الثائر ضد النظام هو الذي أسقط الأجلين الدستوريين. في المرة الأولى رفضه ملايين المتظاهرين في الشارع، لأنه كان سيكرس استمرار بوتفليقة في الحكم لخمس سنوات أخرى. وفي المرة الثانية رفضوه لأن الانتخاب كان سيشرف عليه «بقايا النظام».
وأعلن المجلس الدستوري، أمس، عن تسلم ملفي مترشحين فقط لانتخاب رئيس الجمهورية، غير معروفين لدى الإعلام، ولا في الوسط السياسي، يسمى أحدهما عبد الحكيم حمادي والثاني حميد طواهري. وتدوم دراسة ملف المترشحين للتأكد من مدى مطابقتها للقانون، 10 أيام. ويرجح متتبعون رفض الملفين، لصعوبة استيفاء شروط الترشح بالنسبة للأشخاص العاديين، خصوصاً ما تعلق بجمع 60 ألف توقيع من مواطنين في 25 ولاية على الأقل (من 48 ولاية)، أو توقيع 600 منتخبين محليين من عدد الولايات نفسه.
ويرتقب، في حال تأكدت استحالة تنظيم الانتخابات، أن يعلن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، تأجيلها. وقال أستاذ العلوم السياسية محمد هنادّ: «ما يجري حدثٌ غير مسبوق في تاريخ النظم السياسية. بطبيعة الحال، لم يبقَ حل آخر غير تأجيل موعد الانتخابات، بطريقة توافقية هذه المرة. ومن سخريات القدر أن يوصلهم تمسكهم بالدستور إلى حالة غير واردة في الدستور أصلاً، نتمنى أن تستوعب القيادة العسكرية الدرس جيداً، فتدرك أنه لم يعد بإمكانها الانفراد بالقرار»، في إشارة إلى تمسك قائد الجيش أحمد قايد صالح، بـ«الحل الدستوري» للأزمة، ومن ضمنها تنظيم الرئاسية في موعدها المحدد. ويقول الكاتب الصحافي حسن خلاص: «الحل يمر حتماً عبر مباشرة حوار وطني، ترعاه شخصية وطنية مقبولة شعبياً للوصول إلى صيغة سياسية للمرحلة المقبلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.