3 قطاعات منكوبة تشل اقتصاد تونس منذ 2011

محافظ «المركزي» السابق: خسائر السياحة والفوسفات والطاقة في ارتفاع

تراجع قطاع السياحة في تونس ساهم في زيادة نسبة التداين من الناتج القومي بأكثر من 70% (رويترز)
تراجع قطاع السياحة في تونس ساهم في زيادة نسبة التداين من الناتج القومي بأكثر من 70% (رويترز)
TT

3 قطاعات منكوبة تشل اقتصاد تونس منذ 2011

تراجع قطاع السياحة في تونس ساهم في زيادة نسبة التداين من الناتج القومي بأكثر من 70% (رويترز)
تراجع قطاع السياحة في تونس ساهم في زيادة نسبة التداين من الناتج القومي بأكثر من 70% (رويترز)

أطلق محافظ البنك المركزي التونسي سابقاً والخبير لدى البنك الدولي مصطفى كمال النابلي، صيحة فزع حول المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في تونس.
وحمّل النابلي خلال حوار مفتوح، شارك فيه أمين عام اتحاد النقابات التونسية نور الدين الطبوبي وقياديون من الاتحاد العام التونسي للشغل، السياسيين الذين يحكمون البلاد منذ 8 أعوام مسؤولية تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، من استفحال أزمة الثقة بين الأطراف الاقتصادية وتراجع الاستثمار وتراجع موارد الدولة من العملات الأجنبية، وتضخم نسب التداين وتراجع قيمة الدينار التونسي وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن.
وقدر النابلي في دراسة جديدة أعدها مؤخراً نسبة التداين من الناتج القومي بأكثر من 70%، بسبب تراجع موارد الدولة من قطاعات استراتيجية ثلاثة هي السياحة والفوسفات والطاقة. كما قدّر هذه النسبة بنحو 125% في صورة احتساب ديون المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية المفلسة ومؤسسات الضمان الاجتماعي.
وأورد محافظ البنك المركزي السابق أن هذه القطاعات (السياحة والفوسفات والطاقة) أصبحت شبه منكوبة بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني والاجتماعي، مما تسبب في خسائر للدولة منذ مطلع 2011 تحوم حول 16 مليار يورو من المداخيل، أي أكثر من 50 مليار دينار تونسي، وهو ما يناهز ميزانية الدولة في العام الجاري.
وأوضح النابلي أن معدل الخسارة السنوي يحوم حول ملياري يورو، أي نحو 10 مليارات دينار، بعد أن انخفض إنتاج الفوسفات بسبب الاضطرابات والاعتصامات والفوضى الأمنية من 8 ملايين طن إلى نحو 3 ملايين طن فقط، أي إلى معدل الإنتاج قبل الحرب العالمية الثانية.
وحول ما إذا كان يمكن لتونس أن تخرج من أزمتها الاقتصادية الاجتماعية غير المسبوقة، يؤمن النابلي بأن ذلك ممكن، وألّف كتاباً جديداً في هذا المعني لكنه اشترط إقدام السياسيين على إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة على رأسها تجنب ما وصفه بـ«الحلول الترقيعية» و«التقنية الظرفية»، وتقاسم التضحيات بين الفئات الاجتماعية.
واعتبر محافظ البنك المركزي السابق أن تمديد أزمة القطاعات المنكوبة الثلاثة ستكون له انعكاسات أمنية وكلفة مالية واجتماعية وسوف يؤثر سلباً في مناخ الأعمال وفي ظروف الاستثمار. كما سوف يسهم في الخلط بين الأولويات بالنسبة إلى الحكومات بحكم تنوع التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتداخلها وعلى رأسها تدهور أسعار الصرف وتضخم عجز الميزان التجاري واستفحال نسب التضخم والمديونية وتدهور القدرة الشرائية.
وانتقد النابلي ظاهرة تأكيد كبار السياسيين كون تونس نجحت في خياراتها السياسية رغم إقرارهم بتعثر سياستها الاقتصادية والاجتماعية. وطالب بإعادة النظر في المنظومة السياسية الاجتماعية الحالية عبر توافق بين كبار صناع القرار في الدولة والنقابات ومنظمات رجال الأعمال والعمال حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى واستبدال بالإجراءات قصيرة المدى خطة عمل واستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد.
في السياق نفسه ، دعا أمين عام اتحاد العمال التونسيين نور الدين الطبوبي والقياديان في الاتحاد العام التونسي للشغل سامي العوادي وأنور بن قدور، إلى تقاسم التضحيات بين الأطراف الاجتماعية من عمال ورجال أعمال، حتى تنجح السياسات التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية وتحسن قدرات السياحة والصادرات التونسية في المنافسة في السوق الإقليمية والعالمية.
كما اعتبر عدد من أبرز الخبراء الاقتصاديين والعمداء السابقين لكلية الاقتصاد في الجامعة التونسية، بينهم المنجي أبو غزالة ومحمد الهدار ومحمد الهادي الزعيم، أن إنقاذ الاقتصاد التونسي من أزماته الظرفية والهيكلية يستوجب وضع حد لسياسة تهميش الكفاءات والعدول عن تعيين المسؤولين في المواقع القيادية حسب الولاءات الحزبية والسياسية وليس حسب خبرتهم.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.