الوحدتان «400» و«190» في «الحرس» سلاح إيران بحرب الاستخبارات

الوحدتان «400» و«190» في «الحرس» سلاح إيران بحرب الاستخبارات
TT

الوحدتان «400» و«190» في «الحرس» سلاح إيران بحرب الاستخبارات

الوحدتان «400» و«190» في «الحرس» سلاح إيران بحرب الاستخبارات

بدلاً من الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، سعت إيران إلى حرب استخباراتية ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، تلعب وحدتان في «الحرس الثوري» دوراً رئيسياً فيها.
وكان القائد العام لـ«الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي قال في مراسم تقديم ووداع مسؤولي استخبارات «الحرس» أول من أمس: «نحن قادرون على هزيمة العدو في الحرب الاستخباراتية». ووصف معركة الاستخبارات بين إيران وأميركا بأنها «حقيقية وجادة»، مضيفاً: «إننا اليوم نعيش أجواء حرب استخباراتية شاملة مع أميركا وجبهة مناوئي الثورة والنظام، وهذه الأجواء تمثل تركيبة من العمليات النفسية والعمليات السايبرية والتحركات العسكرية والدبلوماسية العامة، وإثارة الرعب. وعلينا في هذه المعركة ألا نغفل لحظة واحدة عن التفكير بأميركا والتركيز على العدو وتشخيص استراتيجياته ونمطه السلوكي».
ويتولى اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس»؛ ذراع العمليات الخارجية في «الحرس»، مهمة رئيسية في ترجمة ذلك إلى واقع عبر توكيل مختصين في أعمال الاغتيالات والتخريب والاتجار بالسلاح والإرهاب، ولديهم براعة في محو الآثار التي قد تقود إلى سادتهم في إيران.
وبحسب مصادر استخباراتية إسرائيلية، ينتظم هؤلاء المختصون في وحدتين: «الوحدة 400» و«الوحدة 190»، وشارك أعضاء من الوحدتين في الهجمات التخريبية الأخيرة.
يذكر أن «الوحدة 400» تجري «عمليات سرية حساسة في الخارج» وتعمل تحت رعاية المرشد الإيراني علي خامنئي. أما «الوحدة 190»؛ فمختصة في نشاطات الاغتيالات والاتجار بالأسلحة في الخارج. وتشكل الوحدتان اثنتين من الأدوات المهمة تحت قيادة سليماني وتعملان في تكتم شديد.
وتتألف «الوحدة» من نحو ألفي ضابط وضابط صف من عناصر «فيلق القدس» الذي يتراوح إجمالي عدد قواته بين 10 آلاف و15 ألفاً. ويقود الوحدة النائب السابق لوزير الاستخبارات والمعلومات ماجد علوي الذي استغل منصبه واجهةً لعقد اتصالات مع «حزب الله» اللبناني ومنظمات إرهابية أخرى تخدم مخططات طهران في المنطقة.
عام 2011، انتقل علوي إلى «فيلق القدس». وبعد عام، يعتقد أنه رُقّى ليصبح قائد «الوحدة 400». وتعدّ «العمليات الحساسة السرية في الخارج» التي تنفذها هذه الوحدة مجرد تعبير مخفف عن هجمات إرهابية سرية واغتيالات وخطف وتخريب، بحسب مصادر استخباراتية أميركية.
ولدى هذه الوحدة سجل حافل في دعم جماعات عراقية متطرفة، إلى جانب إمداد متمردين أفغان بالسلاح والمعدات والتدريب والمال، وتهريب أسلحة إلى داخل سوريا ولبنان، وتنظيم تدريبات عسكرية لـ«حزب الله» ومنظمات فلسطينية.
وقال موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي، إن «الوحدة 400» لها أيضاً سجل أميركي؛ إذ إنه في مايو (أيار) 2013 كشف «مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)» مخططات إرهابية في واشنطن اقتفى أثرها حتى وصل إلى «الوحدة 400». وبعد اختراق المخطط، وضع مسؤولو المكتب أيديهم على أموال بقيمة 100 ألف دولار نُقلت إلى الموكلين تنفيذ العملية. وعندما حاول أحد المتآمرين الاستعانة بعضو في إحدى عصابات المخدرات المكسيكية، اكتشف أنه سقط بيد عميل سري لـ«إف بي آي».
تعدّ هذه واحدة من الحالات القليلة التي ضُبط فيها عميل سري إيراني متلبّساً في مهمة لتنفيذ جريمة. أما في أغلب الحالات، فإنه عادة ما يجري تحويل المهمة إلى أحد الأذرع التابعة لإيران، مثل «حزب الله» أو تنظيمات عراقية من دون دور مباشر لمسؤول إيراني.
في الظروف العادية، تتولى «الوحدة 190» بصورة أساسية مهمة نقل وتهريب أسلحة إلى داخل مناطق صراعات لتقديمها إلى جماعات تخدم النشاطات الإيرانية التوسعية الساعية نحو «تصدير الثورة».
يقدر عدد أعضاء «الوحدة 190» بما بين 200 و300 فرد. وتعتقد مصادر استخباراتية أميركية أن هذه الوحدة نقلت آلاف الأطنان من الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية في اليمن و«حزب الله» في لبنان والنظام السوري وفصائل فلسطينية متشددة في قطاع غزة. وتتسم «الوحدة 190» بكفاءة عالية في التمويه على أدوات الحرب وجعلها تبدو سلعاً عادية مع إخفاء صلتها بإيران. وكثيراً ما يجري شحن الأسلحة داخل صناديق مطابقة لتلك المستخدمة في نقل مواد بناء وألبان مجففة وقطع غيار سيارات... وما شابه ذلك.
وعادة ما يجري نقل مثل هذه الأسلحة المموهة عبر سفن أو طائرات أو قطارات أو شاحنات تجارية. وقال «ديبكا»: «اللافت أن كثيراً من هذه الأسلحة لم يجر تصنيعه داخل إيران. وفي خضم مساعيها لنقل أسلحة لنظام بشار الأسد في سوريا، لجأت طهران إلى إجراء استثنائي تمثل في نقل شحنات من الأسلحة عبر طائرات مدنية تتبع شركة الخطوط الجوية الإيرانية و(ماهان إيران) و(كاسبيان إير) و(ميراج إير لاينز)، وأخرى حربية».
وأوضح الموقع الاستخباراتي أن الذراع البحرية لـ«الوحدة 190» كانت أهم العناصر التي خدمت برنامج «فيلق القدس» للانتقام من العقوبات الأميركية؛ إذ إن الوحدة تملك غواصات صغيرة وقوارب سريعة لوحدات خاصة (كوماندوز)، وتقدم «خدمات قيمة في تهريب مواد وتقنيات محظورة للبرنامجين النووي والصاروخي لإيران». ووضعت الوحدة وقائدها بهنام شهرياري الفرق البحرية التابعة لها تحت تصرف «فيلق القدس» لشن هجمات ضد خطوط الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر.
يذكر أن شهرياري الذي تولى مهمة تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين «الحرس الثوري» و«حزب الله»، يعد من القادة المفضلين لدى سليماني الذي يملك خططاً كبيرة من أجل مستقبل هذه الوحدة السرية، بحسب المصادر الاستخباراتية.



«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.