الفلسطينيون يحْيون ذكرى النكبة بمسيرات تحدٍّ في الضفة ومواجهات في غزة

صفارات الإنذار تدوّي 71 ثانية في الأراضي الفلسطينية

من مسيرة فلسطينية في رام الله في ذكرى النكبة أمس (إ.ب.أ)
من مسيرة فلسطينية في رام الله في ذكرى النكبة أمس (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يحْيون ذكرى النكبة بمسيرات تحدٍّ في الضفة ومواجهات في غزة

من مسيرة فلسطينية في رام الله في ذكرى النكبة أمس (إ.ب.أ)
من مسيرة فلسطينية في رام الله في ذكرى النكبة أمس (إ.ب.أ)

أحيا الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة الذكرى 71 للنكبة بتأكيدهم أن حق العودة باقٍ ولن يسقط بالتقادم، في رسالة تحدٍّ جديدة للولايات المتحدة التي يتهمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بشطب هذه القضية. وخرج آلاف الفلسطينيين في مسيرات ضخمة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة يحملون الأعلام الفلسطينية ومفاتيح منازلهم في المدن والقرى الفلسطينية التي هُجّروا منها عام 1948، يهتفون بأسماء هذه المدن والقرى ويعلنون تمسكهم بالعودة إليها. وتوقفت الحياة في رام الله وغزة وباقي المناطق أمس 71 ثانية، حينما دوّت صفارة الإنذار في تمام الساعة 12:00 في إشارة رمزية إلى مرور 71 سنة على التهجير القسري.
وارتدى آلاف الفلسطينيين القمصان السوداء التي تحمل اسم النكبة، ورفعوا أسماء مدنهم وقراهم وشعارات ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، وهو أيضاً عضو في اللجنة المركزية لحركة «فتح»: إن «أي حل سياسي تطرحه الإدارة الأميركية، أو أي جهة كانت، ينتقص من حقوق شعبنا المبنية على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، سيكون حلاً مرفوضاً من قِبل الرئيس محمود عباس والقيادة والفصائل الفلسطينية ومن كل أبناء شعبنا».
وأضاف أشتية من قلب المسيرة الكبيرة في رام الله: «نحن على مرمى حجر من القدس، التي يحاول الاحتلال ضمها، ومهما عملت إسرائيل من إجراءات لن تغير من حقائق التاريخ، فحقائق التاريخ تقول إن هذه الأرض أرضنا، ومهما قاموا بإجراءات من تهويد بالقدس ومن ضم أراضٍ، لن يثنينا أن نطالب بحقنا، ومتمسكون بالثوابت إلى أن يندحر الاحتلال».
ولم تقتصر المسيرات على رام الله، وخرجت في معظم مدن الضفة الغربية، فيما تحولت مسيرة قطاع غزة المركزية إلى مناسبة للمواجهة مع إسرائيل.
وشارك آلاف الفلسطينيين في غزة في مسيرات باتجاه الحدود مع إسرائيل سرعان ما تحولت إلى مواجهات أدت إلى إصابة 62 فلسطينياً بالرصاص الحي، اثنان منهم بجروح خطيرة، إلى جانب العشرات بحالات اختناق.
وأطلق الجنود الإسرائيليون الذين تمركزوا خلف التلال والكثبان الرملية على طول السلك الفاصل، النار وقنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المتظاهرين.
وقال إسماعيل رضوان القيادي في حركة «حماس» إن مشاركة مئات الآلاف من الفلسطينيين في ذكرى النكبة تؤكد أن حق العودة مقدس وحق فردي وجماعي لا يسقط بالتقادم. وأضاف في كلمة خلال المظاهرات على حدود غزة «إن الصغار والأجيال لن تنسى حق العودة إلى فلسطين، كل فلسطين». وأكد رضوان أن القدس كانت وستبقى العاصمة الأبدية لفلسطين، «وأننا نرفض التوطين والوطن البديل ولا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة».
وأعلنت الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار اختتام فعاليات مليونية العودة بالدعوة للمشاركة في الجمعة القادمة على حدود غزة والتي تحمل عنوان «جمعة ماراثون العودة».
ودعا خالد البطش رئيس الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، إلى الحضور والمشاركة في الجمعة القادمة التي تحمل اسم «فعاليات ماراثون العودة»، حيث يشارك فيها الرياضيون للتعبير عن تمسك الفلسطينيين بحق العودة. ويحْيي الفلسطينيون كل عام ذكرى النكبة بتأكيد حق العودة، لكنها هذه المرة اكتسبت أهمية أخرى بعدما بدأت الولايات المتحدة حرباً على وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وقطعت التمويل عنها رافضةً الاعتراف بنحو 5 ملايين لاجئ.
وقال جهاز الإحصاء الفلسطيني في بيان له في الذكرى الحادية والسبعين النكبة إنه «على الرغم من تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني في عام 1948 ونزوح أكثر من 200 ألف فلسطيني غالبيتهم إلى الأردن بعد حرب يونيو (حزيران) 1967 فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم في نهاية عام 2018 نحو 13.1 مليون نسمة، ما يشير إلى تضاعف عدد الفلسطينيين أكثر من 9 مرات منذ أحداث نكبة 1948».
ووصف الجهاز النكبة بمأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت من عملية تطهير عرقي، حيث تم تدمير وطرد شعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه. وبخلاف سنوات سابقة، لم يوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة إلى الفلسطينيين في هذه المناسبة.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية إن عباس استقبل في مكتبه في رام الله سفير سلطنة عمان لدى الأردن خميس بن محمد الفارس الذي سلمه رسالة خطية من وزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي دون الإشارة إلى مضمون هذه الرسالة.
وكانت عمان قد توسطت من أجل دفع عملية السلام في وقت سابق، لكن جهودها وصلت إلى طريق مسدود.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.