كيف عدّل مانشستر سيتي تكتيكاته للتصدي لخطر ليفربول؟

حامل اللقب قدم أداءً أقل إثارة من الوصيف

غوارديولا مدرب مانشستر سيتي يناقش خططه التكتيكية مع مساعديه
غوارديولا مدرب مانشستر سيتي يناقش خططه التكتيكية مع مساعديه
TT

كيف عدّل مانشستر سيتي تكتيكاته للتصدي لخطر ليفربول؟

غوارديولا مدرب مانشستر سيتي يناقش خططه التكتيكية مع مساعديه
غوارديولا مدرب مانشستر سيتي يناقش خططه التكتيكية مع مساعديه

في بعض المباريات، اتبع جوسيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، توجهاً أكثر براغماتية، بما في ذلك تلك التي خاضها على ملعب ليفربول. ومع أن فريقه قدم أداءً أقل إثارة، فإن مجمل الموسم كان مبهراً للغاية. عام 2008. تبدل وجه كرة القدم، فقد أصبح غوارديولا مدرباً لبرشلونة. في كل الأحوال، كانت كرة القدم تتحرك نحو مزيد من التطور، ذلك أن ثمة تعديلات كانت تجري على صعيد القوانين الحاكمة للرياضة بهدف تشجيع مزيد من اللعب الفني الهجومي (قانون التمريرة الخلفية وتحرير التسلل وفرض عقوبات صارمة على الاعتراض الساعي لإرهاب الخصم). كما طرأت تغيرات على الصعيد الاقتصادي كذلك، مثل الفجوة التي تفاقمت بين الأندية الغنية والأخرى الفقيرة.
ومع هذا، تظل الحقيقة أنه ما أنجزه غوارديولا مع برشلونة بالاعتماد على جيل ذهبي من اللاعبين أحدث تحولاً في الحدود العامة لفكرة ما هو ممكن. وما تزال هذه الفلسفة توجهه وتشكل الأساس الذي قام عليه نجاح مانشستر سيتي على امتداد الموسمين الماضيين. وفي المواقف القليلة التي سارت الأمور فيها عكس فريقه، كثيراً ما كان ينتاب غوارديولا الغضب المعلن. وخلال موسمه الأول داخل إنجلترا والذي خرج منه دون أي بطولات، قال غوارديولا: «فزت بـ12 بطولة في سبع سنوات: بمعدل يقارب ثلاثة بطولات سنوياً. أنا آسف، يا رفاق. لن أغير من نفسي». ويبدو هذا المعنى صحيحاً في أوسع معانيه، لكنه يبقى غير دقيق من إحدى زواياه.
من جانبه، يشتهر غوارديولا بالأبحاث التي يجريها حول منافسيه، فهو قارئ نهم لكتب مارتي بيرانو ودائماً ما يحتفظ بملفات معلومات حول منافسيه ـ لكن ما قيمة هذه المعلومات إذا لم يتصرف بناءً عليها؟ وكانت هناك دلائل توحي بذلك حتى خلال المواجهة التي جرت الأحد الماضي أمام برايتون. يذكر أن برايتون فاز في اثنتين فقط من المباريات الـ17 السابقة له. وكان مانشستر سيتي قد فاز عليه مرتين بالفعل خلال الموسم الحالي. ومع هذا، لم يلتزم غوارديولا أسلوب اللعب المعتاد، وإنما اختار التحول إلى أسلوب 4 - 4 - 1 - 1 الغريب، مع اضطلاع رحيم سترلينغ بدور المهاجم الثاني، بينما لعب بيرناردو سيلفا ورياض محرز في خط الوسط على مساحة واسعة.
وربما جاء هذا التحول كرد فعل على مباراة دور قبل النهائي ببطولة كأس الاتحاد التي نجح برايتون خلالها بدرجة كبيرة على تحييد خطر مانشستر سيتي (وإن كان ذلك قد حدث فقط بعدما تقدم الأخير بنتيجة 1 - 0). وربما جاء قرار غوارديولا بالتحول إلى هذا الأسلوب في اللعب نتيجة توقعه بأن برايتون الذي دخل مرماه ثلاثة أهداف فقط خلال مبارياته الأربعة الأخيرة، سيلجأ إلى التكتل الدفاعي على أمل اجتياز المواجهة في سلام، بينما رغب غوارديولا في دك حصونه.
إلا أنه خلال المباراة، لعب برايتون بحرية من ليس لديه شيء ليخسره، وانتهى الحال بمانشستر سيتي بعد تنفيذه بضعة غارات كشفت بوضوح أن سترلينغ غير فاعل في دوره المركزي، بالتحول سريعاً إلى أسلوب 4 - 3 - 3 المألوف بدرجة أكبر.
وكانت هذه القاعدة في أسلوب لعب غوارديولا خلال المباراة، مثلما كان الحال معه دوماً، ومثلما جرت العادة مع من يتبعون نهج الكرة الشاملة. في هذا الإطار، تبدو المساحة العرضية التي يوفرها لاعبا الجناح محورية في نشر اللعب. في هذا الصدد، سار هذا الموسم على النهج ذاته. وخلال الموسم، شاهدنا قدراً أكبر من الاعتماد على بيرناردو سيلفا وقدراً أقل فيما يخص كيفين دي بروين (تعتبر الإصابة السبب الأبرز)، بينما أظهر سترلينغ قدرة هجومية أكبر لدى تحركه على الأطراف، وعمل جون ستونز على دعم إميريك لابورتي، لكن بصورة جوهرية ظل هذا الأسلوب الروتيني القديم ذاته.
وساد شعور هذا الموسم بأن مانشستر سيتي يلعب بانتظام. وبوجه عام، مالت مبارياته، تحديداً خلال النصف الثاني من الموسم عندما خسر مانشستر سيتي ثلاثة نقاط فقط، لاتباع نمط محدد: فهو يأخذ بزمام المبادرة ويقود المباراة، بدلاً عن السعي وراء تحقيق نتائج كبيرة. لقد أبدى مانشستر سيتي تفضيله للسيطرة على المباريات.
خلال 16 مباراة هذا الموسم، حقق مانشستر سيتي تقدماً في غضون الدقائق الـ15 الأولى. ومن بين هذه المباريات، واحدة فقط - الهزيمة التي مني بها مانشستر سيتي خارج أرضه في نيوكاسل - لم يفز الفريق بها. بعد مباراة نيوكاسل تلك، نجح مانشستر سيتي في الحفاظ على شباكه نظيفة خلال 14 مباراة.
وربما يكون ذلك، بجانب الشعور بأن مثل هذا الأسلوب ألفناه من قبل، السبب وراء إبداء بعض المتابعين فتوراً إزاء أداء مانشستر سيتي هذا الموسم. وبالتأكيد لا يبدو أداء مانشستر سيتي على ذات الدرجة من الإثارة التي قدمها ليفربول في الكثير من مبارياته. ومع هذا، لا يشغل هذا الأمر بال غوارديولا، فوظيفته أن يحقق الفوز ـ
وقد استمر في تحقيقه بالفعل. وتكمن المفارقة في أن الهجوم والسيطرة لطالما كانا السمة المميزة لأداء ليفربول خلال عصره الذهبي بقيادة بيل شانكلي وبوب بايسلي. وقد نجح مانشستر سيتي، بالاعتماد على الهياكل المالية لكرة القدم الحديثة، في الانتقال بهذا الأسلوب إلى آفاق جديدة. وتعتبر الانتصارات الـ14 المتتالية التي أحرزها مانشستر سيتي ليحصد اللقب في اليوم الأخير، ثاني أطول سلسلة انتصارات متعاقبة في تاريخ بطولة الدوري الممتاز ـ وتأتي في المرتبة الثانية بعد الانتصارات الـ18 المتتالية التي حققها مانشستر سيتي الموسم الماضي.
ورغم عدم تقديمه أداءً مثيراً، نجح مانشستر سيتي في إحباط مساعي ليفربول. وتعكس المباراة الأخيرة أمام برايتون ذات الأداء المألوف من مانشستر سيتي، لكن بجرعة إضافية من البراغماتية.


مقالات ذات صلة

لماذا ستلعب مباراتان بـ«البريميرليغ» الأحد في الساعة 7 مساءً؟

رياضة عالمية تعديلات في مواعيد مباريات «البريميرليغ» هذا الأحد (رويترز)

لماذا ستلعب مباراتان بـ«البريميرليغ» الأحد في الساعة 7 مساءً؟

حدّدت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز مباراتي كل من تشيلسي ضد برينتفورد، وتوتنهام ضد ساوثهامبتون في الساعة 7 مساءً بتوقيت غرينتش يوم الأحد.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية ترينت ألكسندر أرنولد لاعب ليفربول (أ.ف.ب)

ألكسندر أرنولد: مانشستر سيتي ما زال في سباق «البريميرليغ»

يرفض ترينت ألكسندر أرنولد استبعاد مانشستر سيتي من سباق اللقب على الرغم من استمراره في سلسلة النتائج السيئة.

The Athletic (ليفربول)
رياضة عالمية غوارديولا قال إنه بحاجة إلى لاعبين جدد (أ.ب)

غوارديولا: مشاكل السيتي سببها «الجدول»

أعرب جوسيب غوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي، عن اعتقاده بأنه سيكون بحاجة للاعبين أكثر بالفريق من أجل التعامل مع المباريات.

رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

أموريم: يونايتد بكامل جاهزيته لمواجهة سيتي

ربما يستعين روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد بالمدافع المخضرم جوني إيفانز، عندما يسافر الفريق عبر المدينة لمواجهة مانشستر سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للموسم الماضي (رويترز)

مانشستر سيتي يعلن عن إيرادات قياسية بـ715 مليون جنيه إسترليني

أعلن مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، الجمعة، عن تحقيقه إيرادات قياسية للعام الثالث توالياً.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».