هدوء ألمانيا أثر عميقاً في نفسي

رحلة مع : الفنانة سمية الخشاب

في الروشة ببيروت
في الروشة ببيروت
TT

هدوء ألمانيا أثر عميقاً في نفسي

في الروشة ببيروت
في الروشة ببيروت

يعد السفر والتعرف على الأماكن الجديدة من الهوايات المفضلة للفنانة سمية الخشاب. فخلال 20 سنة، زارت ما يقرب من 20 دولة، في أربع قارات، تنوعت ما بين رحلات عمل ورحلات الاستجمام والراحة. في حوارها مع «الشرق الأوسط»، تحدثت سمية عن زيارتها الأخيرة لمدينة أربيل في العراق، وولعها الشديد بلبنان الذي تقضي فيه أوقاتا طويلة عندما لا يكون لديها أي ارتباطات فنية. وتظل أمنيتها أن تصطحب والدتها لزيارة أخرى للمملكة العربية السعودية:
> السفر بالنسبة لي متعة. فكلما سنحت لي الفرصة أسافر من أجل الراحة والابتعاد عن المشاكل اليومية المعتادة في حياتنا سواء كانت مشاكل فنية أو أسرية. من هذا المنظور أنا أعتبره نعمة لمن يعرف استغلالها بشكل سليم. بالنسبة لي بلادنا العربية بالتحديد لبنان والإمارات هما أقرب دولتين إلى قلبي، فيهما أشعر بالسعادة والراحة، ولو أضفت دولة أوروبية بجانبهما فستكون دولة ألمانيا التي زرتها مرات قليلة، إلا أنها تركت انطباعا إيجابيا بداخلي، بفضل هدوئها ووعي وثقافة شعبها الذي لا يتدخل فيما لا يعنيه.
> آخر رحلة قمت بها كانت لدولة العراق، حيث شاركت في حفل غنائي أقيم في مدينة أربيل. قضيت بالفعل أياما من أجمل أيام حياتي. فمنذ اللحظة التي حطت فيها الطائرة بنا بمطار أربيل حتى لحظة المغادرة سار كل شيء على أحسن ما يرام. أثلج صدري كيف أن أهلها كادوا يحملونني فوق رؤوسهم ترحيبا بي. كانت هذه المرة الأولى لي في العراق، ومن يومها أصبحت أتمنى أن أكررها لأستمتع بالحب الذي رأيته في أعين الناس. ورغم أن مدة إقامتي هناك لم تكن طويلة ولم تستغرق سوى بعضة أيام إلا أنني زُرت العديد من أصدقائي الإعلاميين بحيث لم يكن لدي متسع من الوقت لكي أزور معالمها السياحية، لهذا أفكر جديا في تكرار الزيارة للسياحة لكي أتعرف على العراق أكثر.
> لبنان هو أقرب بلدان العالم لقلبي، هو الدولة التي لا بد أن أزورها أكثر من مرة في العام الواحد، فمنذ أن دخلت عالم التمثيل، أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتي العملية وغير العملية، حتى أصبحت أحفظ شوارع وطرقات بيروت مثلما أحفظ شوارع القاهرة والمنطقة التي أعيش بها. ودائما ما أقول لأصدقائي من يذهب إلى بيروت مرة لا بد أن يعشقها ويكرر زياراته لها. لا أخفيك أن لدي عشرات المواقف التي لا تنسى، كلها إيجابية. وأكثر ما أحب أن أقوم به فيه التزحلق على الجليد، كما أنني أعشق التصوير بجانب صخرة الروشة.
> في كل رحلة ولأي وجهة، لا بد أن أسبح فيها إذا كانت تتمتع ببحر. فمن عشقي للسباحة، لا أسافر إلى دولة دون أن أسبح في بحرها، فأنا من مواليد محافظة الإسكندرية، والجميع يعلم أن الفتاة الإسكندرانية تولد سباحة ماهرة، لكن أكثر الأماكن التي أسبح فيها بمصر هي شرم الشيخ.
> اعتدت خلال السفر أن أغلق كافة هواتفي النقالة، وهو أمر اعتدت عليه منذ سنوات طويلة. في حالة كنت برفقة شخص آخر، فإني أترك رقم هاتفه عند والدتي لكي تطمئن علي من خلاله. وفي حال سافرت بمفردي، أفتح الهاتف لبعض الوقت فقط لكي أطمئن على صحتها ثم أغلقه مباشرة.
> رحلاتي المفضلة مع والدتي تكون دائما إلى الأماكن المقدسة في السعودية، وأمنيتها الحالية أن أصطحبها لأداء مناسك العمرة قريبا، بعد أن قمنا بأداء مناسك الحج في العام الماضي.
> أكثر المواقف التي أتعرض لها في السفر هي أنني أشعر بعدم الرغبة في الرحيل من المكان عندما يُعجبني وأحبه. حدث ذلك معي منذ عامين وأنا أزور النمسا. أحببتها إلى حد الشغف وكدت أذوب في جمال طبيعتها الخضراء وحدائقها المفتوحة، التي كنت أتنزه فيها كل يوم خاصة سوقها المحلي القديم.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».