«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم

12 ألف مقاتل أجنبي بينهم 3 آلاف أوروبي.. والخطر يبدأ مع عودتهم إلى بلدانهم

«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم
TT

«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم

«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم

يقدر أن الصراع الدائر في سوريا لثلاثة أعوام جذب مقاتلين أجانب لخطوطه الأمامية بمعدل أسرع من أي حرب أخرى في الذاكرة الحديثة، بما في ذلك صراع المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفياتي في الثمانينات. والجماعة التي من المرجح أنها تفتخر بهذه الغالبية من هؤلاء المقاتلين هي «داعش»، المنظمة الإرهابية القوية التي تسيطر الآن على مساحات شاسعة من الأراضي من وسط سوريا إلى ضواحي العاصمة العراقية بغداد.
استحوذ وجود هؤلاء الجهاديين الأجانب على اهتمام وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ظهرت تقارير تفيد بمقتل جندي أميركي الجنسية في سوريا في معركة مع فصيل إسلامي آخر. هذا وقد حدد البيت الأبيض يوم الخميس ما يقرب من عشرة أميركيين يعتقد أنهم انضموا إلى الصراع في سوريا. ويشتبه في أن مواطنا بريطانيا قام بقطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي هذا الشهر، في حين أن استراليين اثنين اكتسبا سمعة سيئة لاعتيادهما نشر صورهما الذاتية عبر وسائل الإعلام الاجتماعية وهما مبتسمان بينما يمسكان برؤوس مقطوعة لجنود تابعين لنظام الأسد.
قدرت مجموعة صوفان، شركة استخبارات مقرها نيويورك، في يونيو (حزيران) أن هناك ما لا يقل عن 12 ألف مقاتل أجنبي أتوا من 81 دولة في الصراع السوري، بما في ذلك نحو 3000 من المواطنين الأوروبيين. ونظرا لصعود داعش - وطرقه البارعة في التوظيف عبر الإنترنت - فمن المحتمل أن يكون الجزء الأكبر من المتشددين الغربيين موجودين في صفوفه.
ويرجح أن الأرقام الإجمالية أعلى من ذلك. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة أن أكثر من 100 أميركي شاركوا في الصراع الدائر في سوريا، وفقا لمسؤولين في الاستخبارات الأميركية. وفي الوقت نفسه أفادت الإندبندنت بأن ربع المقاتلين الأوروبيين الذين يبلغ عددهم 2000 مقاتل في داعش بريطانييون.
ولعدة أشهر، الحكومات الأوروبية ليس في مقدورها أن تفعل شيئا حيال عواقب هذه الهجرة والخطر الذي تشكله عودة هؤلاء المقاتلين المتطرفين إلى ديارهم، حيث سينشرون تطرفهم وسيخططون لشن هجمات إرهابية. وكان القتل الوحشي لفولي على يد داعش بمثابة إشارة إلى أن الغرب في مرمى اهتمامها، حتى وهي تخوض معارك على جبهات متعددة ضد الميليشيات المتناحرة والحكومات في العراق وسوريا. ودق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ناقوس الخطر يوم الجمعة، محذرا من أن المعركة ضد ميليشيات داعش ستستمر «لسنوات وربما عقود».
وامتدت رقعة الانتشار الجغرافي للمقاتلين الأجانب في الحرب، إلى درجة تورط اليابان وسنغافورة، أكثر البلدان التي يعتقد أنها بعيدة عن الاضطرابات في الشرق الأوسط. كما ترجمت مقاطع الفيديو الخاصة ببرامج التجنيد التابعة لداعش إلى لغات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك الأوردية، والتاميلية، والبهاسا الإندونيسية. وذلك نظرا لأن عدد المسلمين في جنوب وجنوب شرقي آسيا أكثر من عددهم في العالم العربي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن غالبية المقاتلين الأجانب في الصراع من الدول العربية. وتوصلت مجلة التايمز من خلال تعمقها في أساليب عمل داعش إلى أن التنظيم يعتمد على الدعم المحلي، الذي يأتي إلى حد كبير من السنة الذين يشعرون بالمرارة بسبب الأنظمة التي يهيمن عليها الشيعة من حولهم. ويعتقد أن موالين من حزب البعث البائد في العراق للديكتاتور المخلوع صدام حسين - وهو مؤسسة كانت ذات أبعاد علمانية - انغمسوا في هيكل القيادة الحالية لداعش في العراق.
ويستمر تنظيم داعش، في الوقت نفسه، في مجازره البشعة في حق الجنود الأسرى والأقليات الدينية والعرقية المحاصرين الآن في نطاق سيطرة داعش الفعلي. ويجب أن يكون الدور الكبير الذي يلعبه هؤلاء الأجانب في أفعال التنظيم الأكثر وحشية بمثابة إشارة مخيفة لزعماء العالم في أي مكان آخر، الذين يكافحون من أجل وضع استراتيجية لمواجهة هذا التهديد المتنامي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.