قيادات في حزب إردوغان تهدد فنانين أعلنوا تأييدهم لأكرم إمام أوغلو

«يوم أسود» جديد للصحافيين في تركيا بين اعتقالات واعتداءات

زعيم حزب الشعب المعارض يزور الصحافي ياووز سليم دميرآتش في المستشفى بعد تعرضه لاعتداء في أنقرة أمس (أ.ب)
زعيم حزب الشعب المعارض يزور الصحافي ياووز سليم دميرآتش في المستشفى بعد تعرضه لاعتداء في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

قيادات في حزب إردوغان تهدد فنانين أعلنوا تأييدهم لأكرم إمام أوغلو

زعيم حزب الشعب المعارض يزور الصحافي ياووز سليم دميرآتش في المستشفى بعد تعرضه لاعتداء في أنقرة أمس (أ.ب)
زعيم حزب الشعب المعارض يزور الصحافي ياووز سليم دميرآتش في المستشفى بعد تعرضه لاعتداء في أنقرة أمس (أ.ب)

تلقّى فنّانون بارزون في تركيا تهديدات علنية من قيادات بحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بسبب إعلان تأييدهم أكرم إمام أوغلو في انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول التي ستجرى في 23 يونيو (حزيران) المقبل.
وتوعد قياديو حزب إردوغان الفنانين الرافضين لقرار إعادة الانتخابات في إسطنبول والداعمين لمرشح المعارضة، بفرض حظر عليهم وعلى أنشطتهم الفنية. وتعهد رئيس بلدية نوشهير (وسط تركيا) المنتمي للحزب الحاكم، رسمي آري، بفرض حظر على الفنانين الذين يدعمون إمام أوغلو في جولة الإعادة على منصب رئيس بلدية إسطنبول المقررة يوم 23 يونيو المقبل. وقال عبر «تويتر» إن «الفنانين الذين يدعمون مرشح حزب الشعب (مؤيدون للتخريب).. هؤلاء الأشخاص الذين لم يجرؤ أحدهم منهم على الخروج في ليلة المحاولة الانقلابية في 2016 التي عايشتها أمتهم للتعبير عن القيم الوطنية والروحية يمارسون الحيل الآن ويدعمون الخراب.. الأمر الآن يتعلق ببقاء الدولة، أما من يتجاهلون دورهم في قيادة المجتمع روحيا ووطنيا، فلن يصعدوا إلى المسرح ولو في برنامج صغير داخل حدود مدينتهم».
بدوره، هدّد نائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة سكاريا (غرب)، كنعان صوفو أوغلو، الفنانين الداعمين لإمام أوغلو، في منشور على «فيسبوك»، قال فيه: ««وا أسفاه عليكم يا ناكري الجميل! كل منكم مليونير، ولديه حياة مرفهة وملايين المتابعين، بفضل إردوغان الذي أدار هذا البلد لما يقرب من 20 عاما. إنكم تستفيدون من الخدمات المقدمة لإسطنبول أكثر منا.. ليس لدي ما أقوله لأكرم إمام أوغلو، ولكنكم ناكرون للجميل والمعروف، من يجتمع على حبه الملايين أنتم تحاولون استغلال الفرصة، وتقولون هيا لنسقط حزب العدالة والتنمية ورجب طيب إردوغان».
ونشر محمد صافي رئيس دائرة الأرشيف بالرئاسة التركية، مستشار إردوغان السابق، على حسابه بموقع «تويتر» قائمة بأسماء الفنانين الداعمين لإمام أوغلو، وكتب عليها «للتسجيل» في تهديد للفنانين. وقال رجب أوزال، ممثل العدالة والتنمية في اللجنة العليا للانتخابات على حسابه الشخصي بموقع «تويتر» تعليقا على دعم الفنانين لإمام أوغلو: «فنكم ورجولتكم كلاهما كذب».
ونشر أبرز فناني تركيا، ومنهم المطرب تاركان والممثل الكوميدي الأشهر جيم يلماظ وغيرهما، تغريدات مؤيدة لأكرم إمام أوغلو في جولة الإعادة متبوعة بوسم «كل شيء سيصبح جميلا جدا»، وهي مقولة لأكرم أوغلو أطلقها في تجمع جماهيري يوم الاثنين الماضي عقب قرار اللجنة العليا بإلغاء فوزه في انتخابات 31 مارس (آذار) الماضي، وإعادة الانتخابات وتحولت إلى «هاشتاغ» جرى نشره أكثر من مليون مرة ليتصدر قائمة «تويتر».
وعلق إمام أوغلو على التهديدات والانتقادات الموجهة إلى الفنانين قائلا: «يقولون إنه لا ينبغي للفنانين أن يتحدثوا، لا، سيتحدثون.. حان وقت الحديث، حان وقت رفع الصوت.. إذا لم يتحدث فنانو تركيا ومثقفوها فمن الذي سيتحدث.. لا تقلقوا، كل شيء سيصبح جميلا جدا».
في غضون ذلك، عاش صحافيون أتراك «يوما أسود» جديدا ما بين اعتقالات واعتداءات بالضرب في الشوارع أمس. واعتقلت السلطات التركية 3 صحافيين كانوا يشاركون في تغطية فعاليات لدعم السجناء المضربين عن الطعام في سجون تركيا، للمطالبة بتخفيف ظروف السجن الانفرادي لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بسجن انفرادي في جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة غرب تركيا.
وألقت قوات الأمن القبض على زينب كوراي أثناء تغطيتها فعالية أُقيمت في سوق مصر في إسطنبول، ليل الجمعة إلى السبت، لتسليط الضوء على المضربين عن الطعام والأحوال السيئة للسجون التركية. كما أُلقي القبض على عرفان تونش تشاليك أثناء تغطيته فعالية باسم «أمهات السلام»، أمام سجن بكيركوي في إسطنبول.
واتسع الإضراب عن الطعام تضامنا مع أوجلان ليشمل 3 آلاف سجين، بعضهم قرّر الدخول في صيام حتى الموت.
كما ألقت قوات الأمن التركية القبض على الصحافية جانان جوشكون قبل فجر أمس السبت، على خلفية قرار اعتقال صادر بحقها بسبب عدم دفع غرامة مالية في قضية كانت تحاكم فيها بسبب خبر نشرته عام 2015، وأطلقت السلطات سراحها لاحقا بعد أكثر من 10 ساعات من احتجازها؛ حيث قامت بتسديد الغرامة المطلوبة منها والتي تبلغ نحو 2100 دولار.
وكانت الصحافية، التي سبق لها العمل في صحيفة «جمهوريت» التركية، حكومت في 2015 في تهم بـ» الإساءة إلى مسؤولين حكوميين في تقرير حول تزوير في مستندات بمشروع عقاري حكومي في إسطنبول لصالح بعض القضاة وممثلي الادعاء، خلال عملية الشراء.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، أغلقت السلطات التركية أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، فضلا عن شكوى الصحافيين والمراسلين الأجانب من التضييق عليهم في أداء عملهم.
وفجر أمس أيضا، تعرض الصحافي في صحيفة «يني تشاغ»، ياووز سليم دميرآتش، لاعتداء بالضرب من قبل مجموعة مكونة من 6 مجهولين ألحقوا به عدة إصابات في الرأس والوجه، ما أدّى إلى موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت أن حرية التعبير والرأي بتركيا باتت في خطر.
واستنكرت ميرال أكشينار، رئيس حزب «الجيد» المعارض المرشحة الرئاسية السابقة، الاعتداء الذي وصفته بـ«الغاشم» واعتبرته اعتداء على حرية الصحافة والرأي والفكر.
وقال متين فيزي أوغلو، رئيس نقابة المحامين الأتراك، في بيان عقب الاعتداء، إن «هذا الاعتداء الغاشم دليل على تصاعد خطابات العنف والاستقطاب في البلاد، لقد آن الأوان لنقول جميعاً (كلنا بخير).. لا فائز من وراء العنف، فالجميع حتماً سيخسر، ولا سيما تركيا، وأقول لكل السياسيين استمعوا إلى الشعب، فنحن لا نريد عنفاً أو خطابات تحرض عليه».
وأعادت الحادثة إلى الأذهان، الاعتداء الذي تعرض له الصحافي التركي البارز أحمد هاكان في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة بشهر واحد، إذ تعرض للضرب المبرح على يد 4 أشخاص تتبعوه لدى خروجه من عمله في صحيفة «حرييت» حتى منزله، واعتدوا عليه في الشارع أمام عيون المارة، في حادث أثار استنكارا محليا ودوليا واسعا.
وكان هاكان أصيب بكسور في ذراعه وعدد من أضلعه وارتجاج في المخ. وقبل الحادث بأسبوعين، قال من خلال برنامجه على قناة «سي إن إن تورك» وفي مقال في صحيفة «حرييت»، إنه تعرض للتهديد بالقتل من صحافيين وموالين للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بسبب مقالاته التي ينتقد فيها سياسة حكومة العدالة والتنمية. وكشفت الصحيفة ذاتها أن الأمن التركي رفض تخصيص حماية لهاكان، رغم تقدمه بطلب بهذا الخصوص. وأشارت إلى أنه تبين من التحقيقات أن أحد المهاجمين الأربعة كان عضوا بالحزب الحاكم.
في سياق متصل، طالبت وزارة الخارجية الألمانية الحكومة التركية بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، بعدما أفاد الصحافي الألماني من أصل تركي دنيز يوجال بالتعرض للتعذيب خلال فترة اعتقاله في تركيا حيث عمل مراسلا لصحيفة» دي فيلت» لأكثر من 20 عاما، وحمل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شخصيا، في إفادة مكتوبة لإحدى المحاكم الألمانية أول من أمس، المسؤولية عن الانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له في سجن سيليفري شديد الحراسة في غرب إسطنبول حيث سجن لمدة عام.
وطالبت الخارجية الألمانية الحكومة التركية بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وقالت متحدثة باسم الوزارة لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، دون التطرق على نحو محدد إلى الاتهامات: «ندين أي شكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة، فهي أمور خارجة عن نطاق القانون».
وطالبت الحكومة التركية على نحو حثيث «بالالتزام بالمعايير الدولية التي ألزمت نفسها بها»، والتي من بينها، إلى جانب الميثاق الأممي لمناهضة التعذيب، التزامات منظمة «مجلس أوروبا» لمنع التعذيب. وتركيا عضو في مجلس أوروبا الذي يضم 47 دولة، بينها ألمانيا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».