القضاء العسكري اللبناني يقرر الإفراج عن متهم بمحاولة تفجير طائرة إماراتية

نفى علمه بمخطط إرهابي أعده أشقاؤه بين أستراليا والرقة

TT

القضاء العسكري اللبناني يقرر الإفراج عن متهم بمحاولة تفجير طائرة إماراتية

تصدر النيابة العامة العسكرية اللبنانية، غداً (الاثنين)، قرارها المصادقة على قرار المحكمة العسكرية الدائمة الإفراج عن الموقوف عامر الخياط، أحد المتهمين بمحاولة تفجير طائرة إماراتية فوق سيدني في عام 2017، أو استئناف الحكم، بعد أن أنكر الخياط علاقته بمحاولة التفجير.
واتُّهم عامر بأنه أحد أفراد خلية تابعة لتنظيم «داعش»، رتّبت لعملية فاشلة كانت تهدف إلى تفجير طائرة ركاب تابعة لشركة «الاتحاد» الإماراتية، بواسطة عبوتين ناسفتين، وقتْل جميع ركابها الذين يفوق عددهم 400 شخص، أغلبهم إماراتيون ولبنانيون وأستراليون. أما أعضاء الخلية الآخرون، فهم ثلاثة من أشقاء عامر، اثنان منهم في أستراليا، والثالث كان في سوريا.
وأعلنت مصادر قضائية، أمس، أن المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبد الله، قررت، أول من أمس (الجمعة)، إخلاء سبيل عامر الخياط لقاء كفالة مالية، وأحالت القرار إلى النيابة العامة العسكرية لإبداء الرأي بالموافقة على إخلاء السبيل أو استئنافه.
وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا ثبّتت النيابة العامة العسكرية قرار المحكمة العسكرية الدائمة غداً (الاثنين)، فإنه سيجري إطلاق سراحه، أما إذا استأنفت الحكم، فإن الدعوى ستذهب إلى محكمة التمييز العسكرية لاتخاذ القرار.
وتم إيقاف عامر في بيروت في صيف 2017، إذ وُضع تحت المراقبة المكثفة بعد وصوله إلى لبنان لقضاء عطلة عيد الفطر في صيف 2017، وبعد التأكد من تواصله مع شقيقه طارق، القيادي في تنظيم «داعش».
وطارق هو أحد الأشقاء الأربعة الذين وُجهت إليهم تهمة «الانتماء إلى (داعش)، وتحضير وتجهيز عبوتين ناسفتين ومحاولة إدخالهما إلى طائرة (الاتحاد) الإماراتية الضخمة، بقصد تفجيرها فوق مدينة سيدني وقتل ركابها كافة، لكنّ العملية لم تنجح لأسباب خارجة عن إرادتهم».
والأشقاء الأربعة هم: عامر وطارق، القيادي في «داعش» والمقيم في سوريا، ومحمود وخالد الموقوفان في أستراليا. واعتقلت الشرطة الأسترالية خالد ومحمود بعد أسابيع من الواقعة إثر سلسلة مداهمات في سيدني، وقالت مصادر مواكبة للملف لـ«الشرق الأوسط» إن طارق هو «مسؤول العمليات الخارجية في تنظيم (داعش)، وكان يقيم في الرقة السورية قبل أن يجري إقصاء التنظيم الإرهابي منها».
ونتيجة تبادل المعلومات مع السلطات الأسترالية، أوقفت شرطة سيدني في أواخر شهر يوليو (تموز)، الأخوين خالد ومحمود الخياط، بشبهة التورط في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي يستهدف إحدى الطائرات المتوجهة من سيدني إلى أبوظبي، كما أُوقف عامر في لبنان. واتُّهم بأنه كان يحمل عبوتين بقصد تفجيرهما في الطائرة بعد 20 دقيقة على إقلاعها، لكنه نفى علمه بذلك، وفي أثناء التحقيق معه في بيروت، اتهم شقيقيه خالد ومحمود بأنهما كانا يعدّان مكيدة للتخلص منه كونه غير ملتزم دينياً.
وتلتقي اعترافات عامر، مع ما أكدته الشرطة الأسترالية التي قالت إن عامر لم يكن على علم بأنه يحمل القنبلة التي كانت مخفية على شكل مفرمة لحم في أثناء محاولته ركوب الطائرة في مطار سيدني. وتمكنت السلطات من اكتشاف العبوة الناسفة وإخراجها من حقيبته بعد أن أثارت الريبة بسبب ثقلها الزائد، ولم تتجاوز القنبلة أمن المطار.
وفي المقابل، أدانت محكمة أسترالية مطلع الشهر الحالي خالد خياط بالتآمر لتفجير الطائرة الإماراتية بإيعاز من تنظيم «داعش». وقالت متحدثة باسم المحكمة العليا في نيو ساوث ويلز الأسترالية «إن هيئة المحلفين أدانت خالد وما زالت تتشاور بشأن محمود». وحددت المحكمة يوم 26 يوليو المقبل موعداً للنطق بالحكم على خالد، حيث تصل عقوبة الاتهامات الموجهة إليه إلى السجن مدى الحياة.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أمس، أن رئيس المحكمة العميد حسين عبد الله، أعلن في مستهلّ الجلسة أنه تسلم من السلطات الأسترالية جواباً على كتابه، يفيد بأن هيئة المحلفين في أستراليا أصدرت حكماً بحق أحد أشقاء عامر الخياط، ولم تصل إلى نتيجة بشأن شقيقه الآخر فتقرر تعيين هيئة محلفين جديدة لإعادة المحاكمة وإصدار الحكم بحقه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.