رجال دين وسياسيون مغاربة: دور علماء الإسلام أساسي في محاربة الإرهاب

رحبوا بمبادرة خادم الحرمين.. ودعوا العلماء لأن يجعلوا من محاربة التطرف أولوية

حسن الكتاني، عبد السلام بلاجي  و عبد الباري الزمزمي
حسن الكتاني، عبد السلام بلاجي و عبد الباري الزمزمي
TT

رجال دين وسياسيون مغاربة: دور علماء الإسلام أساسي في محاربة الإرهاب

حسن الكتاني، عبد السلام بلاجي  و عبد الباري الزمزمي
حسن الكتاني، عبد السلام بلاجي و عبد الباري الزمزمي

أكد رجال دين وسياسيون مغاربة على ضرورة تصدي علماء الإسلام للفكر الإرهابي، ونوهوا بالدور الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في التصدي للإرهاب بالنظر إلى مكانتها الدينية، والإمكانيات التي تتوفر عليها من أجل محاربة الفكر المتشدد الذي يسيء إلى الإسلام والمسلمين، مشيرين إلى أن الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى علماء الأمة لأداء واجبهم والوقوف في وجه «من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب»، تدخل في هذا الإطار، مؤكدين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن دور العلماء في محاربة الإرهاب أساسي، وينبغي أن يصبح من أولويات اهتماماتهم ويقدمونه على أي قضايا أخرى.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد البوكيلي، الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، وأستاذ الفكر الإسلامي بجامعة محمد الخامس في الرباط، إنه لا يمكن لأي باحث في مجال الحركات الإسلامية والفكر الإسلامي إلا أن يحبذ مثل هذه الدعوة لمحاربة الفكر المتطرف لأن هذا الفكر، برأيه، لا يشكل خطرا على الأمة الإسلامية وأبنائها فحسب، وإنما يشوه بالدرجة الأولى حقيقة الإسلام على مستوى الصورة التي يقدمها للعالم.
وعد البوكيلي مبادرة خادم الحرمين الشريفين أنها إيجابية تؤيد ما نادى به الكثيرون ومنذ سنوات، ألا وهو ضرورة مواجهة الفكر المتطرف من خلال تعميم الفكر المتنور. وأوضح البوكيلي أنه من بين أبرز الأسباب التي أدت إلى ظهور الفكر المتطرف هو غياب تفعيل دور العلماء والمفكرين، والاقتصار على سياسات تنسيق دولية رغم أهميتها، مشيرا إلى أنه يستحيل اليوم القضاء على هذا الفكر من دون تفعيل موقع مؤسسة العلماء من أجل تربية الناس على الفكر المعتدل الوسطي. وأضاف أن «أخطر شيء في الفكر الإرهابي أنه يضعنا أمام معادلة صعبة، إما أن نربي الناس تربية إسلامية متحضرة وإما أن يجري اختراق المجال الديني بفهم آيديولوجي للإسلام غايته هو القتل والعنف».
وقال الباحث المغربي إنه ينبغي تشجيع دعوة خادم الحرمين الشريفين، وتحويلها إلى استراتيجية عملية للقضاء على هذا الفكر، والأسباب التي تؤدي إلى تأجيجه ومنحه المشروعية لإراقة المزيد من دماء المسلمين. وأضاف البوكيلي أن السعودية لديها من الإمكانيات ومن القوة لتشكل نموذجا للصورة المشرقة للإسلام غير المرتبط بقراءات معينة، بل بالانفتاح على العلماء وعلى كل من يخدم الإسلام بطريقة متحضرة ومنفتحة.
ونوه بدور المملكة العربية السعودية في الحوار بين أتباع المذاهب والأديان على قاعدة الحكمة والأخلاق، والإيمان بأن الأصل في الدين هو التسامح والمحبة وليس نشر الكراهية واستخدام الدين لأغراض آيديولوجية وسياسية وطائفية.
وأوضح البوكيلي أن من يتحمل المسؤولية في ظهور هذه الجماعات الإرهابية، وإن كان لا يمكن تبرير العنف بأي شكل من الأشكال، هو فراغ الساحة «إذ لو تمكنا من صناعة علماء كبار في مجال التربية لما كان لمثل هذه الأصوات أن تسطو على الإسلام، وأن تقدمه بهذه الصورة البشعة». وأردف قائلا إن هذه الحركات استطاعت تشويه صورة الإسلام بسبب غياب دور المفكرين والعلماء الصادقين الذين يعملون على نشر صورة الإسلام الحقيقية. واتهم البوكيلي من سماهم «أيادي شيطانية» تقف وراء هذه الحركات الإرهابية. وقال إن هدفهم هو ضرب الأمة الإسلامية من خلال تشويه دينها.
من جهته، قال الشيخ حسن الكتاني، رئيس جمعية البصيرة للدعوة والتربية، إنه إذا كان المقصود بالجماعات الإرهابية هي تنظيم «داعش»، فإن عددا من العلماء تصدوا منذ البداية لإجرام هذه الجماعة، وتحدثوا وكتبوا وبينوا حقيقتها، منوها بدور علماء السعودية بشكل خاص.
ويعتقد الكتاني أن عودة الفكر المتطرف إلى الظهور يعود لأسباب سياسية ودولية، وإلى خطأ في وسائل محاربته أدت إلى عكس ما كان مطلوبا، مشيرا إلى أن التصدي لهذا الفكر ينبغي أن يجري على أسس علمية من خلال فتح الباب أمام العلماء ليتحدثوا ضده.
بدوره، قال الدكتور عبد السلام بلاجي، النائب عن حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، إن دور العلماء في محاربة كل ظواهر الانحراف هو دور أساسي وحاسم لأن المجتمع الإسلامي يثق فيهم ويستمع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم، ومعالجتهم لمختلف القضايا، مضيفا أن الإرهاب «يبدأ بالتشدد والغلو، وهما ظاهرتان حاربهما الإسلام والقرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم. وكانت هناك دائما دعوة إلى الوسطية في العقيدة والعبادات والسلوك وفي كل شيء».
وأوضح بلاجي أن دور العلماء هو تبصير الناس بهذه الوسطية والاعتدال اللتين جاءتا في مصادر الدين الإسلامي، متمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية وفي سيرة الرسول الكريم والخلفاء الراشدين، مشيرا إلى أن «الغلو والتطرف هما مقدمة للإرهاب، فالشخص يبدأ بالتشدد على نفسه، فأسرته، ثم ينتقل إلى مجتمعه، فإذا خالفه المجتمع في الرأي يعاديه في المرحلة الأولى، وفي الأخير يحاربه بحسب الأسلحة التي يمتلكها أو يسعى لامتلاكها».
وأكد النائب في البرلمان المغربي أن الوقاية من الإرهاب خير من علاجه، وفي حال قدر الله ووقع، فينبغي على العلماء أن يقوموا بدورهم في محاورة المنحرفين الذين اقتنعوا بهذا التوجه، وأن يردوهم إلى جادة الصواب بالحجة والدليل والإقناع، وعدم تركهم فريسة لمن يصطادهم، لأن كل ذلك يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين والملتزمين بالدين والعلماء والمجتمع الإسلامي ككل. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية تضم المقدسات الإسلامية وهي قبلة للمسلمين، ولذلك فإن مسؤوليتها أكبر مقارنة مع الدول الأخرى. وأضاف أن هذه المسؤولية تشريف لهذا البلد وتكليف في الوقت ذاته، من أجل العمل على تبصير الآخرين بحقيقة الإسلام.
وفي سياق ذلك، وصف الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، الإرهاب بأنه «فتنة العصر الذي فتن بها المسلمون». وقال إنه كان من المفروض على العلماء أن يجعلوا هذا الموضوع من أولويات اهتماماتهم ويتفرغوا له ويقدموه عن أي قضية أخرى من أجل صد هذه الظاهرة وتوعية المسلمين بخطورتها لا سيما الشباب لأنهم ينخدعون أكثر بالإرهاب، ويظنون أنهم يقدمون خدمة للإسلام. فالشباب - يضيف الزمزمي -: «تغلب عليه الغفلة، فكلما سمعوا أحدا يتحدث باسم الدين انساقوا إليه واتبعوه، وهو ما نراه حاليا مع هذه الفرقة الجاهلية (داعش) وقبلها (القاعدة) وزعيمها أسامة بن لادن». وأوضح الزمزمي أنه إذا كان دور العلماء هو الدعوة إلى نبذ التطرف عن طريق الفكر، فإن على الدول في المقابل محاربة الإرهاب من خلال القوة والقوانين، مشيرا إلى أن السعودية من بين أوائل الدول التي عانت من الإرهاب وما زالت إلى اليوم مهددة من قبل الإرهابيين، لذا فإنه ينبغي عليها مقاومة الإرهاب بالصرامة اللازمة التي ليس فيها أي مكان لحلم أو رأفة. وأضاف الزمزمي قائلا: «فهؤلاء الإرهابيون لا يرحمون ولا يرقبون في المؤمنين (إلا ولا ذمة)، كما يقول الله سبحانه وتعالى، ولا تنفع فيهم لا شفاعة ولا حيلة ولا غيرها»، على حد تعبيره.
وحول أسباب عودة الفكر المتطرف بقوة إلى الظهور، قال الزمزمي إن أوضاع المسلمين هي نفسها غرس للإرهاب، ينمو فيها بسهولة وبتلقائية، محذرا في هذا الإطار من خطورة رد الفعل على التشيع في بعض الدول الإسلامية.
وحبذ محمد خليدي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة الإسلامي، توجيه الدعوة إلى العلماء لمواجهة ظاهرة الإرهاب لأن دورهم رئيس من أجل وضع حد لهذه الآفة التي أصبحت تنتشر بقوة، ونبه إلى خطورة الفتاوى التي تؤيد الجماعات المتطرفة، لا سيما في أوروبا، والتي تدفع العشرات من الشباب إلى الالتحاق بالمقاتلين، ظنا منهم أنهم ينتصرون للإسلام، موضحا أن التصدي للإرهاب مسؤولية تقع على المجتمع برمته لأن الظاهرة اتخذت منحى تصاعديا وخطيرا يتمثل في القتل والاغتيالات المجانية، التي تنفذها هذه الجماعات على مرأى ومسمع من العالم، الأمر الذي يؤثر، بنظره، بشكل سلبي على صورة الدين الإسلامي. مشيرا إلى أن دعوة خادم الحرمين الشريفين تدخل في هذا الاتجاه.
من جهته، قال محمد أبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري (معارضة برلمانية) إنه من المؤكد أن العالمين العربي والإسلامي يعيشان اليوم منعطفا خطيرا في مسارهما التاريخي الطويل والحافل، وأن محاولة ترسيخ هذا النوع من الارتباط العضوي بين «الإرهاب» وبين هذين العالمين بالتحديد، تنم عن حضور قوي لنزعة حاقدة ومتحاملة على هذا الجزء من العالم، وهو ما يشكل الخطر الأكبر، لا على العالم العربي وحده، ولكن على العالم بأسره.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.