«لعنة العامين» تلاحق ماكرون على غرار أسلافه في قصر الإليزيه

الرئيس الفرنسي يواجه تحدي الانتخابات الأوروبية بعد مسلسل «السترات الصفراء»

ماكرون في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

«لعنة العامين» تلاحق ماكرون على غرار أسلافه في قصر الإليزيه

ماكرون في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
ماكرون في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)

اليوم، يكون قد مضى عامان على وصول إيمانويل ماكرون مظفراً إلى قصر الإليزيه «7 مايو (أيار) 2017»، في واحدة من أهم «المفاجآت» السياسية التي عرفتها الجمهورية الخامسة منذ أن تأسست على يدي الرئيس الأسبق الجنرال شارل ديغول في خمسينات القرن الماضي. ماكرون الشاب، صاحب التجربة السياسية الصغيرة والذي لم يسبق له أن تنافس في أي انتخابات محلية كانت أو تشريعية، قلب خريطة فرنسا السياسية رأساً على عقب. فقد همّش الحزبين اللذين تعاقبا على السلطة منذ ستين عاماً: اليمين الكلاسيكي ممثلاً بحزب «الجمهوريون»، واليسار المعتدل ممثلاً بالحزب الاشتراكي، وخلط الحابل بالنابل. ولم يجد في مواجهته، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، سوى مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف التي كان من السهل التغلب عليها باعتبار أن الفرنسيين لم يكونوا بعد مستعدين لتقبل وصول ابنة مؤسس «الجبهة الوطنية» جان ماري لوبن إلى السلطة. وسبق لماكرون متحدثاً عن انتخابه أن قال: «لقد وصلت خلسة إلى الرئاسة»، في إشارة إلى أن نجاحه لم يكن منتظراً.
وجاء ماكرون إلى الحكم بأحلام واسعة. أراد إصلاح فرنسا، وهو الأمر الذي لم يقم به أسلافه، كما كان عازماً على نفض الغبار عن مؤسساتها. كذلك جعل ديدنه إعادة «الهيبة» للوظيفة الرئاسية، بعد أن تدهورت صورتها في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند الذي «خانه» ماكرون سياسياً رغم أنه يدين له بكل شيء؛ لأنه هو من عيّنه مساعداً لأمين عام رئاسة الجمهورية في مرحلة أولى، قبل أن يعينه وزيراً للاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي لاحقاً. ولم تكن طموحات ماكرون متوقفة عند الحدود الفرنسية؛ إذ إنه أراد أن يعيد لبلاده حضورها على الصعيد الدولي بحيث تكون مجدداً مسموعة الكلمة. ويمر ذلك من خلال أوروبا التي حمل الرئيس الجديد بشأنها برنامجاً إصلاحياً طموحاً، جوهره مزيد من الاندماج بين أعضائها وتحويلها إلى قوة سياسية وعسكرية واقتصادية لها وزنها في صياغة قرارات العالم.
في السنة الأولى من عهده، استفاد الرئيس الجديد من ظروف سياسية استثنائية في الداخل والخارج. ففي الداخل، كان اللاعب الأوحد على الساحة بسبب التضعضع الذي ألمّ بمنافسيه من اليمين واليسار، وبسبب ضعف النقابات، وأيضاً بفضل صورته «الإيجابية» المتمثلة بشبابه وطموحاته وطروحاته. ولذا؛ فقد استطاع تمرير مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، منها إلغاء الضريبة على الثورة وتخفيف العبء المالي عن الشركات والمؤسسات، وأهم من ذلك تحديث قانون العمل. وكل هذه الإجراءات كانت ستثير موجات من الإضرابات التي لا تنتهي لو حصلت في زمن أسلافه.
وفي الخارج، نجح ماكرون سريعاً جداً في إيجاد فسحة على المسرح الدولي من خلال لقاءات مع كبار زعماء العالم، أكان ذلك الرئيس الأميركي أو نظيره الروسي والصيني، فضلاً عن القادة الأوروبيين. ولم يتأخر ماكرون في مد يديه إلى الأزمات الإقليمية، فأراد أن يكون لبلاده دور في الملف الليبي والحرب في سوريا، وسعى للعب دور الوسيط في الأزمة الخليجية، والحرب في اليمن، وفي أفريقيا وبلدان الساحل على وجه الخصوص.
أما في أوروبا، فقد نظر إلى ماكرون على أنه «الرجل المنقذ». ذلك أن اليمين المتطرف والشعبوي حقق في السنوات الأخيرة نجاحات انتخابية كبيرة «إيطاليا، النمسا، الدنمارك، ألمانيا، بلدان وسط أوروبا» من شأنها أن «تهدد» البناء الأوروبي. وبما أنه تفوق على مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا، فقد اعتبر انتخابه «سداً» بوجه التيارات المتطرفة. فضلاً عن ذلك، جاء انتخابه في وقت كانت المستشارة الألمانية تتخبط في مشاكلها الداخلية المتأتية عن قبولها استقبال ما يزيد على مليون نازح ولاجئ غالبيتهم من سوريا، في حين بريطانيا، المنافسة الأخرى لفرنسا، غارقة في متاهات «بريكست».
هذه كانت صورة الوضع في ربيع عام 2017، وكم أنها غريبة عن صورة الوضع في الربيع الحالي. فالرئيس الذي كان يوصف بأنه «يمشي على وجه المياه» ها هو موجود على «حافة بركان»، مثلما وصفته مجلة «فالور أكتويل ـ القيم المعاصرة» اليمينية في عددها الأخير. ماكرون الذي شبه نفسه يوماً بـ«جوبيتير» تداعت صورته ومواقعه، وهبطت شعبيته إلى الحضيض بعد ما يزيد على خمسة أشهر من حركة «السترات الصفراء» الاحتجاجية. وجاءت صور أعمال الشغب والكر والفر، وخصوصاً مشاهد احتراق ونهب عدد من المحال والمقاهي والمطاعم في جادة الشانزليزيه، الأشهر في فرنسا، لتنسف هيبته وهيبة السلطة، وتدفعه من أجل إطفاء الحريق إلى تقديم التنازلات، الواحد بعد الآخر، لإرضاء المحتجين.
وإذا كان «الحوار الوطني الكبير» الذي دام شهرين ونصف الشهر، وشارك فيه شخصياً لنحو تسعين ساعة، قد ساعده إلى حد ما على خفض منسوب التوتر، وكذلك الإجراءات والتدابير التي كشف عنها في مؤتمره الصحافي يوم 25 أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن الحركة الاحتجاجية ما زالت قائمة. والدليل على ذلك ما حصل في الأول من مايو، يوم عيد العمل، حيث نزل المتظاهرون مجدداً بعشرات الآلاف إلى الشوارع. والثابت، أن المطالبة بالعدالة الاجتماعية والعدالة الضريبية، إضافة إلى تمكين المواطن من المشاركة في اتخاذ القرارات من خلال الاستفتاءات بمبادرة شعبية، ما زالت قوية.
على الصعيد الخارجي، ليس وضع الرئيس الفرنسي أفضل حالاً. فرهانه على دونالد ترمب لم يفده بشيء، حيث انسحب الأخير من اتفاقية المناخ الموقعة في باريس في 2015، كما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران وشجع تيريزا ماي على ترك الاتحاد الأوروبي، وانتقد بشدة الحلف الأطلسي، ومبادرة ماكرون لبناء جيش أوروبي قوي. وكلها مواقف تذهب بعكس ما حارب ماكرون من أجله. من جانبه، لم يعط فلاديمير بوتين ماكرون شيئاً خصوصاً في سوريا، حيث بقيت فرنسا «ومعها أوروبا» مهمّشتين.
تبقى أوروبا... وامتحان ماكرون سيكون بلا شك الانتخابات الأوروبية التي ستجرى نهاية الشهر الحالي في بلدان الاتحاد، وموعدها في فرنسا في السادس والعشرين منه. وفي الأسابيع الماضية، رسم ماكرون صورة المعركة بين «التقدميين» الذين يريدون «مزيداً» من الاندماج الأوروبي، و«القوميين» الذي يريدون هدم ما تحقق والانغلاق. وحتى الآن، تتنافس لائحة حزب ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» التي تقودها وزيرة الشؤون الأوروبية السابقة ناتالي لوازو، مع لائحة «التجمع الوطني» «اليمين المتطرف» التي يرأسها شاب اسمه جوردان بارديلا، لكن محركها الحقيقي هي مارين لوبن. وإذا استطاعت اللائحة الثانية أن تتقدم على لائحة ماكرون، فإن ذلك سيعد فشلاً سياسياً من الدرجة الأولى وسيضعف ماكرون للسنوات الثلاث المتبقية له في الإليزيه.
بالأمس، أشارت صحيفة «لو فيغاور» اليمينة إلى ما سمّته «لعنة العامين»، أي الصعوبات التي يواجهها أي رئيس الجمهورية في فرنسا بعد مرور عامين على عهده، وهي ترى أن «جوبيتير» نفسه لم يسلم من هذه «اللعنة».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.