الاحتلال يعتقل متضامنين أجانب في الخليل

مستوطنون يخطون شعارات في الضفة: «العربي الجيد هو العربي الميت»

جنود الاحتلال يعتقلون متظاهرين في الضفة أمس (أ.ف.ب)
جنود الاحتلال يعتقلون متظاهرين في الضفة أمس (أ.ف.ب)
TT

الاحتلال يعتقل متضامنين أجانب في الخليل

جنود الاحتلال يعتقلون متظاهرين في الضفة أمس (أ.ف.ب)
جنود الاحتلال يعتقلون متظاهرين في الضفة أمس (أ.ف.ب)

واجهت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، المسيرات والمظاهرات السلمية، أمس، في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، بعمليات اعتقال وقمع واسعة، بلغت حد اعتقال 15 ناشطاً فلسطينياً ومتضامناً أجنبياً، شاركوا في فعالية لإعادة تأهيل طريق قرب الخليل، فيما خطّ مستوطنون متطرفون شعارات على بيوت فلسطينية، فجر أمس، كتب في أحدها: «العربي الجيد هو العربي الميت».
وأفادت مصادر فلسطينية في الخليل بأن قوة عسكرية إسرائيلية داهمت فعالية لإعادة تأهيل طريق ترابية تخدم عدداً من التجمعات الفلسطينية الصغيرة، جنوب الضفة الغربية، كان قد شارك فيها نحو 150 متضامناً أجنبياً إلى جانب عدد من السكان المحليين. فأعلن الجيش المكان «منطقة عسكرية مغلقة»، واعتقل نحو 15 مشاركاً بينهم متضامنون أجانب وصحافي فلسطيني.
وقالت أشلي بورد، وهي متضامنة أجنبية، شاركت في فعالية لإعادة تأهيل الطريق، إن «الجيش الإسرائيلي داهم الفعالية واعتدى على المشاركين واعتقل عدداً منهم بشكل غير مفهوم. فتوفير مقومات الحياة الأساسية للسكان حق، ومنها طرق المواصلات. أنا لا أكاد أصدق أن الجيش الإسرائيلي منعنا من إعادة تأهيل الطريق».
وكما في كل أسبوع، اختار المستوطنون اليهود أن يتركوا بصماتهم في «أحداث الجمعة» الأسبوعية، وخطّوا، أمس، شعارات عنصرية عدة على منازل فلسطينية، وأعطبوا إطارات مركبات شمال الضفة الغربية المحتلة. وقال مسؤول ملف الاستيطان في «منظمة التحرير الفلسطينية» غسان دغلس، إن «مجموعة من المستوطنين داهموا بلدة حوارة بمحافظة نابلس، وخطوا شعارات عنصرية» وقعوها باسم تنظيمي «تدفيع الثمن» و«شبيبة التلال» المشهورين بتلك الاعتداءات.
وحسب مصادر إسرائيلية، فقد ارتفعت اعتداءات المستوطنين على الأشخاص والمرافق الفلسطينية في الضفة الغربية، خلال العام الماضي بنسبة 60 في المائة مقارنة بعام 2017. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن 2017 شهد وقوع 79 اعتداء في الضفة، مقارنة بـ127 اعتداء في 2018. وذكرت الصحيفة أن الهجمات تركزت في 3 مناطق أساسية؛ هي قرى جنوب مدينة نابلس شمال الضفة، والقرى الفلسطينية المحيطة بمدينة رام الله وسط الضفة، وفي منطقة الخليل جنوب الضفة.
يُشار إلى أن تلك المجموعة ظهرت في 2008، وهي جزء من العقيدة الاستيطانية الإسرائيلية. وتعتدي بشكل دائم على الممتلكات الخاصة وعلى دور العبادة الإسلامية والمسيحية. وإضافة إلى الشعارات العنصرية، تلقي حجارة على السيارات الفلسطينية وتهاجم قرى فلسطينية، وتلحق أضراراً بأملاك الفلسطينيين وحقولهم؛ مثل قطع أشجار الزيتون، وحتى إحراق المساجد والكنائس، وتكسير شواهد القبور. وفي معظم الأحيان، يقترن ذلك بكتابة شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين.
وكان مئات الفلسطينيين أدوا صلاة الجمعة، في حي وادي ياصول ببلدة سلوان، تعبيراً عن استنكارهم ورفضهم سياسة التهجير والهدم في الحي، التي كان آخرها هدم بيتين وبركسات للمواشي والطيور.
وفي كفر قدوم بقلقيلية في الضفة، أصيب 7 متظاهرين بالرصاص المعدني، بينهم فتى، أمس، فيما اعتدى جيش الاحتلال على الطواقم الصحافية واتخذها دروعاً بشرية خلال قمعه المسيرة الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 15 عاماً.
وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي بأن جنود الاحتلال باغتوا المشاركين في المسيرة من خلال كمين تحت زخ كثيف من الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، ما أدى إلى إصابة 7 شبان؛ اثنان منهم في الرأس أحدهما فتى يبلغ من العمر 15 عاماً. وأكد شتيوي اندلاع مواجهات عنيفة بعد كشف الكمين استخدم فيها الشبان الحجارة وأجبروا الجنود على التراجع قبل وصول تعزيزات كبيرة وملاحقة الشبان داخل القرية واعتلاء أسطح منازل المواطنين واستخدامها بعد تحطيم الأبواب الخارجية لها.
وفي قرية عصيرة القبلية، جنوب نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال مواطنين فلسطينيين، أحدهما فتى، بعد اقتحام القرية وسط إطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة عدد من الأهالي بحالات اختناق، قبل أن يعتقلوا الفتى عبد الجابر ياسين (15 عاماً)، والشاب محمود أبو صبري زبن (25 عاماً)، بعد الاعتداء عليهما بالضرب.
وفي قرية نعالين، غرب رام الله، أصيب عدد من الأهالي بالاختناق، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسيرة الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري. وذكرت مصادر محلية أن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق واندلاع بعض الحرائق في الأراضي الزراعية نتيجة جفاف الأعشاب.
وفي قرية بيت سيرا غرب مدينة رام الله، أصيب الصحافي ساري جرادات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وعدد من المدنيين بحالات اختناق، نتيجة استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال خلال مواجهات الجمعة.
وسبب هذا القمع هو تظاهر سكان القرية للمطالبة بالإفراج عن جثماني يوسف عنقاوي وأمير دراج المحتجزين لدى سلطات الاحتلال، بعدما قتلتهما قوات الاحتلال في 4 مارس (آذار) الماضي بإطلاق النار على المركبة التي كانا يستقلانها مع شاب ثالث، بينما كانوا في طريقهم إلى مكان عملهم في أحد مخابز قرية كفر نعمة غرب رام الله.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».