قيادة الجيش تضغط بقوة على القضاة لملاحقة رموز نظام بوتفليقة

المحكمة تستمع إلى أويحيى و«الدرك» يواصل اعتقال «المشبوهين»... وطلاب يتظاهرون في الشوارع

جانب من احتجاجات الطلاب في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات الطلاب في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

قيادة الجيش تضغط بقوة على القضاة لملاحقة رموز نظام بوتفليقة

جانب من احتجاجات الطلاب في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات الطلاب في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

فيما تواصلت أمس مظاهرات آلاف الطلاب للثلاثاء العاشر على التوالي، وسط العاصمة الجزائرية، وعدد من المدن الأخرى، للمطالبة مجدداً برحيل «النظام» ومحاكمة رموزه، قال قضاة بمحاكم محلية إنهم يشعرون بضغط شديد بسبب المطالب الملحة لقيادة الجيش بمتابعة مسؤولين بارزين، محل شبهة فساد.
وبينما كرر رئيس أركان الجيش أمس المطالب نفسها، تم أخذ أقوال رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي بمحكمة بالعاصمة، حول تهم التربح غير المشروع، واستغلال الوظيفة.
وذكر قاضٍ نقابي، انتخب حديثاً في صفوف «النقابة الوطنية للقضاة»، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة العدل «تتعرض لضغط كبير من الجيش لتسريع وتيرة إجراءات التقاضي، ضد مسؤولين، تعتبرهم قيادة الجيش متورطين في قضايا رشى وفساد». وقال إن النقابة «وبعد أن غيرت قيادتها، وأزاحت النقابيين المحسوبين على وزير العدل السابق الطيب لوح، المحسوب بدوره على نظام الرئيس السابق بوتفليقة، تسعى ليستعيد القضاة استقلالهم الذي ضاع، لكن مهمتها ستكون صعبة بسبب التدخل العلني، والواضح للجيش في عمل القضاة».
ويقع الضغط بشكل لافت على محكمة الجزائر العاصمة، التي استجوبت 4 رجال أعمال بارزين وسجنتهم، ثلاثة منهم كانوا مقربين من الرئيس السابق. واستند القضاة في هذه المحاكمة، قبل سجنهم، على ملفات أعدها جهاز الشرطة القضائية التابع للدرك، وهو فصيل أمني عسكري يتلقى تعليماته من وزارة الدفاع.
وأمر وزير العدل الجديد سليمان براهمي، النواب العامين بمحاكم الاستئناف، التابعين له، بعدم التردد في استدعاء أي رجل أعمال أو مسؤول حكومي، ينتمي للنظام السابق، بغرض التحقيق معه وتوجيه التهمة له، وسجنه إذا تطلب الأمر. وقد جاء ذلك بعد عدة خطابات لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، طالب فيها القضاة بشكل صريح بمتابعة رموز النظام، وخاصة أصحاب الثروات الكبيرة، وعد هذه المتابعة «قضية لا تحتمل التأجيل».
وقال قايد صالح بهذا الخصوص، أمس، خلال تواجده بمنشأة عسكرية في جنوب البلاد: «لقد قدمت قيادة الجيش الوطني الشعبي الضمانات الكافية، وتعهدت بمرافقة جهاز العدالة في أداء مهامها النبيلة والحساسة، بعد أن تحررت من كل القيود والضغوطات والإملاءات، بعيداً عن الانتقائية والظرفية ودون استثناء أي ملف، وبعيدا عن أي ظلم أو تصفية حسابات. كما نؤكد على ضرورة تفادي التأخر في معالجة هذه الملفات، بحجة إعادة النظر في الإجراءات القانونية، التي تتطلب وقتاً أطول، مما قد يتسبب في إفلات الفاسدين من العقاب».
ويرى مختصون في القانون أن حديث صالح عن «تفادي التأخر في معالجة الملفات»، يعد بمثابة أوامر يوجهها للقضاة، رغم أنهم ليسوا تابعين له، وأنهم قانونا مستقلون ولا يخضعون لأي سلطة، بما في ذلك وزير العدل. كما يعتقد ملاحظون أن قائد الجيش يعطي فرصة للمنظمات الدولية الحقوقية، التي تراقب نظام الجزائر حالياً، لتحكم عليه بأنه غير ديمقراطي، وبأنه يوظف القضاء لتصفية حساب مع مسؤولين سابقين، كانوا يبحثون عن إزاحته في الأيام الأخيرة، التي سبقت استقالة بوتفليقة.
وشدد رئيس الأركان أن وزارة الدفاع الوطني بحوزتها ملفات فساد «بأرقام ومبالغ خيالية»، داعياً القضاء إلى معالجتها دون تأخير. لكن «بعيداً عن أي ظلم أو تصفية الحسابات»، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع. كما شدد على أن الانتخابات الرئاسية، المنتظرة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل تظل هي «الحل الأمثل للخروج من الأزمة» السياسية.
وذكر صالح أيضاً أن حملة مكافحة الفساد «ما زالت في بداياتها وسيتم إن شاء الله تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين. ونحن في الجيش لم ولن نسكت عن الفساد، بل قدمنا المثال، وكنا سباقين في محاربته من خلال إحالة إطارات عسكرية سامية على القضاء العسكري، متمثلين في القادة السابقين للنواحي العسكرية الأولى والثانية والرابعة، والدرك الوطني، والمدير السابق للمصالح المالية (لوزارة الدفاع)، الذين تأكد تورطهم في قضايا فساد بالأدلة الثابتة».
في سياق ذلك، أكد قايد صالح على تمسكه بالحل الدستوري للأزمة السياسية الحالية، بقوله: «يجب علينا جميعاً العمل على تهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت، باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة، والتصدي لكل التهديدات والمخاطر المحدقة ببلادنا، وإفشال كل المخططات المعادية، الرامية إلى الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، والزج بالبلاد في متاهات الفوضى وزعزعة استقرارها». ويعني ذلك أنه يرفض من جديد مطالب الحراك، المتمثلة في إبعاد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
كما هاجم صالح للمرة الثالثة، ضمناً، مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين، بقوله إن «هؤلاء الذين تسببوا عن قصد في نشوب هذه الأزمة، هم أنفسهم من يحاولون اليوم اختراق المسيرات، ويلوحون بشعارات مشبوهة ومغرضة، يحرضون من خلالها على عرقلة جميع المبادرات البناءة، التي تكفل الخروج من الأزمة»، ولم يوضح قائد الجيش كيف يفعل مدين ذلك.
في غضون ذلك، رد رئيس الوزراء السابق أحمد أويحي، أمس على عدة تهم مرتبطة بسوء تسيير الاقتصاد، واستغلال النفوذ والتربح غير المشروع، ومنح امتيازات لرجال أعمال بطرق غير مشروعة، أمام قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة، من دون أن يأمر بسجنه.
واعتقل الدرك أمس حميد ملزي، مدير شركة حكومية لتسيير إقامات تابعة للدولة، مخصصة لكبار المسؤولين، وهو محسوب على الجنرال مدين. كما تم اعتقال نجليه، والثلاثة محل شبهات فساد.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».