دعوات إعادة النظر في تعويضات نهاية الخدمة تثير استياء العسكريين

أصوات تدعو إلى حصر التدبير بالعناصر المنتشرة على الحدود

ضباط وجنود متقاعدون يتظاهرون أمام مقر «مصرف لبنان» في بيروت احتجاجاً على اقتراح خفض تعويضاتهم في الموازنة الجديدة (أ.ب.أ)
ضباط وجنود متقاعدون يتظاهرون أمام مقر «مصرف لبنان» في بيروت احتجاجاً على اقتراح خفض تعويضاتهم في الموازنة الجديدة (أ.ب.أ)
TT

دعوات إعادة النظر في تعويضات نهاية الخدمة تثير استياء العسكريين

ضباط وجنود متقاعدون يتظاهرون أمام مقر «مصرف لبنان» في بيروت احتجاجاً على اقتراح خفض تعويضاتهم في الموازنة الجديدة (أ.ب.أ)
ضباط وجنود متقاعدون يتظاهرون أمام مقر «مصرف لبنان» في بيروت احتجاجاً على اقتراح خفض تعويضاتهم في الموازنة الجديدة (أ.ب.أ)

يسري على كل العسكريين في لبنان منذ عام 1975 ما يُعرف بـ«التدبير رقم 3» الذي يشكل أعلى درجات الاستنفار والجهوزية لوحدات الجيش، ويتقاضى العسكري بموجبه راتب 3 أشهر عن كل سنة عند احتساب تعويض نهاية الخدمة. لكن؛ نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد والانكباب على البحث عن مصادر لخفض عجز الموازنة، ارتفعت أصوات تدعو إلى حصر هذا التدبير في العسكريين المنتشرين على الحدود والذين يقومون بمهام أمنية؛ من دون أن يشمل العسكريين الذين يوجدون في الثكنات أو في المكاتب.
وبين عامي 2001 و2006 تم تطبيق القانون لجهة حصر التدبير في القوى العسكرية المنتشرة على الحدود؛ قبل أن يُعاد تعميمه على كل العسكريين مع اندلاع حرب يوليو (تموز) 2006، وهو ما لا يزال ساري المفعول حتى اليوم.
وقالت مصادر لبنانية إن وزير المال علي حسن خليل لم يضمّن مشروع موازنة 2019 أي موضوع مرتبط بـ«التدبير رقم 3»، سواء لجهة تعديله أو إلغائه، لاعتباره أن هذا الأمر يعود حصراً لقيادة الجيش التي تطبق القوانين في هذا المجال.
وأشار العميد المتقاعد والأستاذ المحاضر في الجامعتين «اللبنانية» و«اليسوعية» الدكتور محمد رمال، إلى أن «(التدبير رقم 3) اعتمد بقرار صادر عن مجلس الوزراء، ويشمل العسكريين الذين يقومون بمهام أمنية في مناطق عسكرية؛ على أن يتقاضوا تعويضاً بـ3 أشهر عن كل سنة خدمة (بدل تدابير الاستنفار) التي يتخذها الجيش بعملية حفظ الأمن»، لافتاً إلى أن «هذا التدبير لا يشمل كل العسكريين والوحدات، فيخضع البعض لـ(التدبير رقم 1) الذي يشمل الإداريين والذين يوجدون في المكاتب، والبعض الآخر لـ(التدبير رقم 2) الذي يشمل الوحدات التي لا تكلف بمهام أمنية إنما تكون جاهزة للتدخل لمساندة وحدات أخرى». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لكن العسكري في النهاية موظف في القطاع العام، وبخلاف باقي الموظفين في هذا القطاع الذين يتقاضون بدلاً عن ساعات الخدمة الإضافية، يتم تجميع هذا البدل ليتقاضاه في نهاية خدمته، وبالتالي المس به هو مس بحقوقه المكتسبة، وفي هذا خطورة كبيرة». وإذ استهجن سعي البعض إلى معالجة عجز الموازنة بتعديل «التدبير رقم 3»، شدد على أن هذا الأمر يعود حصراً لقيادة الجيش التي تحدد من يسري عليه هذا التدبير. وقال: «مشهد العسكريين المتقاعدين وهم يتظاهرون على الطرقات مشهد لا أخلاقي، فكيف يوصلون العسكري لمرحلة يضطر فيها لأن يتظاهر ضد دولته. المطلوب أن يعالجوا مكامن الهدر والفساد المعروفة وتعميم سياسة التقشف على الجميع دون استثناء بدل البدء بتطبيقها في المؤسسة العسكرية».
وتبلغ موازنة قيادة الجيش ما بين مليار و800 ألف دولار، وملياري دولار، بحسب الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التعويضات التي ينالها العميد المتقاعد مثلاً تصل أحيانا إلى حدود 800 ألف دولار، هذا عدا الراتب التقاعدي الذي يبلغ نحو 4 آلاف دولار شهرياً».
وخلال جولته أمس على الحدود الشرقية، ذكّر وزير الدفاع إلياس بو صعب بأن «مجلس الوزراء هو من قام بتكليف الجيش بالتدابير الأمنية في البلد، ولا يحق لأحد سوى قيادة الجيش إلغاء هذه التدابير، خصوصاً (التدبير رقم 3) لأنه إذا عدنا إلى (التدبير رقم 1) فهذا يعني إعادة الجيش إلى الثكنات»، وتساءل: «من يحمي عندها الحدود؟».
وكان بو صعب خلال جولته الأسبوع الماضي على الحدود الجنوبية طمأن العسكريين بهذا الخصوص، لكنه أكد أنه «إذا كانت هناك أماكن تتطلب التخفيض من (التدبير رقم 3) فإننا سنعمل على هذا الأساس»، لافتاً إلى أن «الجيش منفتح في هذا الاتجاه، لكن يجب النقاش معنا ومع قيادة الجيش».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.