أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وفاة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، اليوم (السبت)، بعد أن أمضى ثماني سنوات في غيبوبة، إثر إصابته بجلطة دماغية في الرابع من يناير (كانون الثاني) 2006. وقد لُقّب بـ«الرجل الذي لا يتوقف عند الضوء الأحمر»، وعُرف كذلك بـ«البلدوزر» لأسباب تتعلق ليس فقط ببنيته الضخمة، بل بأسلوبه أيضا.
ولد شارون في فلسطين عام 1928، أي في عهد الانتداب البريطاني، لأبوين من أصول بيلاروسية، وأصبح أحد القادة السياسيين لليمين القومي قبل أن يُدخل ثورة على المشهد السياسي في الدولة العبرية.
وكان يريد رسم حدود إسرائيل، مما كان من الممكن أن يقلب مسار النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، لو نجح في تحقيقه.
وحطم شارون الذي صُنّف دوما في خانة الصقور، في ختام حياته السياسية، أسطورة إسرائيل الكبرى التي تشمل الأراضي الفلسطينية، باتخاذه قرار الانسحاب من قطاع غزة، ولم يتحل أحد قبله بالجرأة الكافية للإقدام على إزالة مستوطنات في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، والاصطدام تاليا باليمين الديني المتطرف وباللوبي القوي المؤيد للاستيطان.
بيد أن قرار شارون الانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة أضعف المعتدلين الفلسطينيين، ورسخ لدى الإسرائيليين القناعة بأن السلام ليس في متناول اليد.
وقبل ذلك كان بطل الاستيطان. لكنه توصل في وقت لاحق إلى نتيجة مفادها أنه على إسرائيل التخلي عن الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو (حزيران) 1967 «إذا أرادت أن تبقى دولة يهودية وديمقراطية».
وتعززت هذه القناعة لاحقا مع الفوز الكبير الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات الفلسطينية، التي جرت في 25 يناير (كانون الثاني) 2006.
وأثارت حملات هذا العسكري السابق كره الفلسطينيين له وانتقادات من الأسرة الدولية وانتقادات حادة في إسرائيل نفسها. لكن انسحابه من قطاع غزة لقي إشادات واسعة.
ويُذكر أن شارون عاش في صباه بقرية صغيرة، في ظروف تقشف طغت عليها الخلافات المستمرة مع الجيران الفلسطينيين. وتطوع بعدها، وهو في الـ17 من العمر في الجيش الإسرائيلي، وأصيب مرتين طوال سنوات خدمته التي قاد خلالها وحدة قوات خاصة ووحدات مظليين. وأظهر ميلا واضحا لاستخدام العنف.
في خمسينات القرن الماضي، شن حملات ضد الفلسطينيين قُتل في أعنفها 53 مدنيا في قرية قبية الفلسطينية. ثم تمكن في 1969 من ضرب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، عبر سلسلة عمليات لمجموعات كوماندوز.
وفي 1973، برهن مجددا على قدراته بصفته قائدا عسكريا، بعدما عبر قناة السويس ليحاصر الجيش المصري في مناورة جريئة.
وأصبح عام 1982 وزيرا للدفاع، وقاد عملية الغزو الإسرائيلي للبنان في العام نفسه. وعدّت لجنة تحقيق إسرائيلية شارون «مسؤولا بصورة غير مباشرة» عن مجازر صبرا وشاتيلا التي ارتُكبت في سبتمبر (أيلول) عام 1982، مما اضطره إلى الاستقالة.
وانتُخب بعد ذلك رئيسا للوزراء في السادس من فبراير (شباط) 2001، وأعيد انتخابه في 28 يناير 2003.
وكانت زيارة شارون لباحة المسجد الأقصى في 28 سبتمبر (أيلول) 2000 الشرارة التي أطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية. ولم ير شارون فيها سوى حلقة من «حرب المائة عام» التي تستهدف الصهيونية وإسرائيل.
وبقي شارون لسنوات طويلة طفل اليمين القومي المدلل، قبل أن يصبح عدوه اللدود. وأراد أن ينفصل عن الفلسطينيين، وفق خطة تتحكم إسرائيل وحدها بمجرياتها. تلك كانت المهمة التاريخية التي طمح لإنجازها.
وانفصل شارون المعروف بطبعه الهجومي وبروح السخرية عن حزب الليكود، لينشئ حزب «كديما» (إلى الأمام) الوسطي، الذي فاز بالانتخابات التشريعية الإسرائيلية في 28 مارس (آذار) بقيادة إيهود أولمرت الذي خلفه.





