فشل اجتماع آستانة يُعيد «الدستورية» إلى جنيف والتصعيد إلى إدلب

بيدرسن يجتمع مع «مجموعة النواة» الجمعة... ودوريات روسية ـ تركية منسقة شمال سوريا

بيدرسن يتحدث مع مساعده في «اجتماع آستانة»... (رويترز)
بيدرسن يتحدث مع مساعده في «اجتماع آستانة»... (رويترز)
TT

فشل اجتماع آستانة يُعيد «الدستورية» إلى جنيف والتصعيد إلى إدلب

بيدرسن يتحدث مع مساعده في «اجتماع آستانة»... (رويترز)
بيدرسن يتحدث مع مساعده في «اجتماع آستانة»... (رويترز)

بعد فشل «اجتماع آستانة» بين الدول الثلاث «الضامنة»، في العاصمة الكازاخية قبل يومين، يعود مسار تشكيل اللجنة الدستورية السورية والتسوية السياسية إلى جنيف برعاية المبعوث الأممي غير بيدرسن، بالتزامن مع عودة القصف الروسي وهجمات المعارضة والدوريات التركية إلى إدلب شمال غربي سوريا.
ويعقد بيدرسن اجتماعاً مع ممثلي «مجموعة النواة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن ومصر، في جنيف الجمعة المقبل، على أن يأتي ممثلو الدول «الضامنة» الثلاث لاحقاً إلى جنيف للقاء المبعوث الأممي ضمن مشاوراته حول الحل السياسي، وتشكيل اللجنة الدستورية، وبحث ملف المفقودين. ومن المقرر أن يقدم بيدرسن إيجازاً إلى مجلس الأمن في الساعات المقبلة.
واتفقت مصادر دبلوماسية غربية على «فشل» الاجتماع الأخير لـ«ضامني مسار آستانة»، سواء فيما يتعلق بملف المفقودين والأسرى، وتشكيل اللجنة الدستورية، ومصير إدلب. وأوضحت أنه بالنسبة لملف المعتقلين، فقد انخفض عدد صفقة التبادل من 30 إلى 9 لدى إنجازها بين فصائل معارضة وقوات الحكومة برعاية روسية - تركية عشية «اجتماع آستانة». وعليه، يتوقع أن يكثف بيدرسن جهوده لنقل اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين والأسرى إلى عهدة الأمم المتحدة في جنيف.
وينطبق الأمر ذاته على ملف اللجنة الدستورية؛ إذ إن الخلاف لا يزال قائماً حول الأسماء الستة في القائمة الثالثة التي تضم ممثلي المجتمع المدني، وسط إصرار دمشق على حصولها على 30 شخصاً مقابل 20 للمعارضة، إضافة إلى قائمتي الحكومة التي تضم 50 والمعارضة التي تضم 50 مرشحاً. وإذ لا يزال الخلاف قائماً على الأسماء الستة والمحاصصة فيهما، يواصل بيدرسن مشاوراته مع كتلتي «مجموعة النواة» يوم الجمعة المقبل، ثم ممثلي روسيا وتركيا وإيران خلال شهر رمضان على أمل إنجاز حل عقد تشكيل اللجنة ودعوتها للانعقاد بعد شهر رمضان المبارك.
ونجحت جهود المبعوث الدولي في وضع آلية تشكيل اللجنة في إطار الأمم المتحدة وخطفها من أيدي «الضامنين»؛ إذ أشار بيان «آستانة» الأخير إلى أن الاجتماع جاء «في إطار تسريع العمل لإطلاق اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرروا (الضامنون الثلاثة) عقد الجولة التالية من هذه المشاورات في جنيف، وأكدوا استعدادهم التام للمساهمة في جهود المبعوث الأممي، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية».
وأفادت المصادر بأن اللقاء الأخير بين بيدرسن ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق «لم يكن بالإيجابية ذاتها التي كان عليها الاجتماع الأول بينهما»، لكنها أشارت إلى «حصول بعض التقدم فيما يتعلق بالاتفاق على قواعد العمل في اللجنة المتعلقة بآلية التصويت والرئاسة واتخاذ القرارات ومرجعيتها». وسجل توجيه رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري انتقادات حادة إلى تركيا بحضور ممثلي روسيا وإيران.
وتقوم «المقاربة الشاملة» لبيدرسن على عدم اقتصار الحوار على تشكيل اللجنة الدستورية، بل توسيع المشاورات مع الدول الكبرى والإقليمية والأطراف السورية لتشمل معايير عمل اللجنة، وملف المفقودين والأسرى، وسبل تنفيذ القرار الدولي «2254».
وشمل فشل «اجتماع آستانة» أيضاً، عدم الوصول إلى تقدم ملموس وحسم ملف إدلب، باستثناء تسريع تسيير «الدوريات المنسقة» في «مثلث الشمال» السوري؛ إذ كرر ممثلو الدول الثلاث «عزمهم على التنفيذ التام لاتفاقات إعادة الاستقرار في إدلب، بما في ذلك تسيير الدوريات المنسقة، والأداء الفعال لمركز التنسيق الإيراني - الروسي - التركي المشترك. كما أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء محاولات تنظيم (هيئة تحرير الشام) الإرهابي زيادة سيطرته»، وأكدوا «عزمهم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائياً على (داعش) و(جبهة النصرة) وجميع الأفراد والجماعات والمشاريع والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيمي (القاعدة) أو (داعش)، وغيرها من الجماعات الإرهابية»، إضافة إلى اتخاذ «خطوات ملموسة» ضد الانتهاكات. وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن روسيا وتركيا تبادلتا الاتهامات إزاء مسؤولية التصعيد في إدلب مع بروز «شقوق» بين موسكو وطهران. وتتهم موسكو أنقرة بـ«عدم الوفاء بالتزاماتها بالفصل بين الإرهابيين والمعتدلين وعدم محاربة الإرهابيين»، فيما تتهم أنقرة موسكو بـ«عدم ردع الحكومة السورية ووقف القصف»، على إدلب إضافة إلى حدوث غارات روسية؛ الأمر الذي ترد عليه موسكو بأنه «رد على جماعات إرهابية استهدفت قاعدة حميميم».
وحدث في الأيام الماضية خليط من 4 أمور: غارات روسية وسورية على مناطق في إدلب، وتكثيف الدوريات التركية شمال سوريا وإرسال تعزيزات جديدة، وشن متطرفين هجمات على مواقع لقوات الحكومة، وتجديد واشنطن موقفها بالحفاظ على منطقة «خفض التصعيد» في إدلب.
بموازاة ذلك، يتواصل الحديث عن عقد صفقة صغيرة بين أنقرة وموسكو وتحفظ طهران، تشمل دخول فصائل موالية لتركيا إلى تل رفعت وانسحاب الجيش الروسي، مقابل دخول موالين لموسكو إلى مثلث غرب جسر الشغور في إدلب. ويعني ذلك فتح شرايين طرق اقتصادية بين حلب وغازي عنتاب شمالاً، وبين حلب واللاذقية غرباً.
وفي موازاة «الصفقات الصغيرة»، بحسب مصادر غربية «لا يمكن فصل ما يجري في ملفات اللجنة الدستورية وإدلب ومصير اتفاق خفض التصعيد وشرق الفرات ومصير المنطقة الآمنة، عن المفاوضات بين أميركا وروسيا وتركيا إزاء ملفات كبرى تتعلق بمنظومة (صواريخ إس400) الروسية أو طائرات (إف35) الأميركية والتحديات المطروحة على حلف شمال الأطلسي (ناتو)».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.