تعديل مرتقب على حكومة التوافق الفلسطينية يهدف إلى دور أكبر في غزة

القرار اتفق عليه أثناء الحرب في اجتماع في الدوحة بين عباس ومشعل

موسى أبو مرزوق يصافح عناصر من كتائب القسام أمس في خيمة عزاء أقاموها للقيادي في الحركة محمد أبو شمالة الذي قتل أثناء الحرب في رفح (رويترز)
موسى أبو مرزوق يصافح عناصر من كتائب القسام أمس في خيمة عزاء أقاموها للقيادي في الحركة محمد أبو شمالة الذي قتل أثناء الحرب في رفح (رويترز)
TT

تعديل مرتقب على حكومة التوافق الفلسطينية يهدف إلى دور أكبر في غزة

موسى أبو مرزوق يصافح عناصر من كتائب القسام أمس في خيمة عزاء أقاموها للقيادي في الحركة محمد أبو شمالة الذي قتل أثناء الحرب في رفح (رويترز)
موسى أبو مرزوق يصافح عناصر من كتائب القسام أمس في خيمة عزاء أقاموها للقيادي في الحركة محمد أبو شمالة الذي قتل أثناء الحرب في رفح (رويترز)

بدأت مشاورات هادئة في رام الله وغزة من أجل إجراء تعديل وزاري على حكومة التوافق الفلسطينية التي يرأسها رامي الحمد الله، ويتوقع أن تتوسع أكثر وتأخذ دورا أكبر وأكثر مباشرة في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة.
ولم يحدد موعد دقيق لإعلان التغيير بعد الاتفاق الذي تم بين حركتي حماس وفتح عليه، ولكن يتوقع أن يتم قبل انطلاق عملية إعادة الإعمار في غزة التي كانت أحد الأسباب المباشرة للتغيير.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة التعديل ليست جديدة، لكنها أصبحت ملحة الآن بعد نتائج الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن قرار التعديل اتخذ قبل الحرب ولكن اتفق عليه أثناء الحرب في اجتماع في الدوحة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حركة حماس خالد مشعل اللذين ناقشا استمرار المصالحة وتعميقها وعمل حكومة التوافق ودورها في غزة وإعمار القطاع.
ويهدف التعديل إلى توسيع الحكومة، وتعيين وزراء إضافيين، وزيادة عدد الوزراء من قطاع غزة، وتعيين نائب لرئيس الوزراء كذلك من القطاع من أجل الإشراف بشكل مباشر على غزة ومتابعة المشكلات العالقة واتخاذ قرارات فيها.
وحتى الآن كان حضور حكومة التوافق في غزة شكليا، إذ بقيت حماس تسيطر على كل كبيرة وصغيرة رغم تشكيل حكومة التوافق قبل نحو 3 أشهر، ووجود 4 وزراء مقيمين في القطاع. وكانت هذه النقطة مثار نقاش بين عباس ومشعل. وقالت المصادر: «إن الحاجة إلى إشراف الحكومة على القطاع بعد الحرب وكونها ستكون مشرفة بشكل مباشر على عملية إعادة الإعمار، استوجب تعديلا وتوسيعا وتغييرا في آليات العمل».
وبحسب المصادر فإنه لن يجري أي تغيير على الموقف من قضية مشاركة الفصائل في الحكومة؛ إذ سيبقى الوزراء من التكنوقراط المستقلين الذين ترشحهم الفصائل؛ «حتى لا تتحجج إسرائيل بوجود حماس في الحكومة وتعيق عملية إعمار غزة».
وتعمل لجنة حكومية خاصة الآن على حصر أضرار القطاع بعد الحرب، لوضع خطة لإعادة الإعمار.
وكانت حكومة التوافق الحالية قد رأت النور في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي عندما أعلن الرئيس الفلسطيني نهاية حقبة الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس. وتضم الحكومة الحالية 17 وزيرا يشغلون 21 حقيبة، ويعتقد أن تضم الحكومة الجديد أكثر من 21 وزيرا.
ومن المفترض أن تشرف حكومة التوافق على عمل المعابر في قطاع غزة، إضافة إلى إعادة الإعمار وفق ما نص عليه اتفاق وقف النار في مصر.
وينتظر أن يعقد مؤتمر دولي في مصر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تشرف عليه القاهرة والنرويج والسلطة الفلسطينية، ويستهدف جمع أكثر من 5 مليارات دولار من أجل إعادة إعمار القطاع إذا ما صمد وقف إطلاق النار.
ويرتبط المؤتمر بنجاح مفاوضات القاهرة التي تستأنف الشهر المقبل من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي يعالج القضايا الخلافية التي تتركز على طلب حماس من إسرائيل الإفراج عن مئات الفلسطينيين الذين اعتقلوا في الضفة الغربية عقب خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين في يونيو، وطلب عباس الإفراج عن قدامى المعتقلين الفلسطينيين الذين أسقطت فكرة الإفراج عنهم بعد انهيار محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وطلب إسرائيل أن تسلم حماس وغيرها من جماعات النشطاء في غزة جميع أشلاء ومتعلقات جنود إسرائيليين قتلوا في الحرب، وطلب الفلسطينيين إقامة ميناء بحري في غزة يسمح بنقل البضائع والبشر إلى القطاع ومنه، وإعادة بناء مطار ياسر عرفات في غزة الذي افتتح عام 1998 ولكن أغلق عام 2000 بعد أن قصفته إسرائيل.
ويريد المانحون التأكد من أن أموالهم لن تكون في مهب غارات إسرائيلية جديدة بعد عامين أو 3، ويحتاج الفلسطينيون إلى بدء عملية طويلة تستغرق سنوات من دون اعتراضات إسرائيلية، من شأنها أن تعرقل إدخال الأموال ومواد البناء إلى القطاع.
ولم تضع الحكومة الفلسطينية رقما دقيقا حتى الآن لما تحتاجه غزة، لكنها أشارت إلى أكثر من 5 مليارات دولار وسنوات من العمل الشاق والمتواصل يوما بيوم، من أجل إعادة إعمار ما هدمه الاحتلال.
وهذا ليس أول مؤتمر سيعقد من أجل إعادة الإعمار.
وفي مارس (آذار) 2009 تعهد المشاركون في مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد الفلسطيني لإعادة إعمار قطاع غزة وعقد في شرم الشيخ، بتقديم نحو 5 مليارات دولار أميركي لإعادة إعمار غزة، لكن قرارات المؤتمر لم ترَ النور حتى الآن بسبب عدم فتح معابر القطاع من جهة، وبسبب خلاف سياسي بين حماس والسلطة حول الجهة التي ستدير إعمار القطاع. ومن غير المعروف ما إذا كانت المحاولة الجديدة ستترجم على الأرض أو لا.
وقال النائب قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، عضو الوفد الفلسطيني لمفاوضات التهدئة في القاهرة: «إن أمام الفلسطينيين بعد شهر من وقف إطلاق النار مفاوضات قاسية في القاهرة تتعلق بكل القضايا ورفع الحصار كليا عن غزة».
وتحدث أبو ليلى في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، عن مرحلتين من الإعمار، قائلا: «هناك اتفاق لبدء عملية الإعمار في غزة مع سائر المؤسسات الإنسانية، وهذه العملية من المفترض أن تبدأ فورا بما يمكن عشرات الآلاف من الذين دمرت منازلهم للعودة إليها وترميمها، أو ما يمكنهم من العودة بها كما كانت. أما عملية الإعمار الشاملة فهي بحاجة إلى تعبئة وتجنيد أموال، ومن المتوقع أن يكون هناك اجتماع في تشرين الأول (أكتوبر) في القاهرة برئاسة النرويج، للبحث في إعادة إعمار غزة ليس فقط ما دمره العدوان الحالي إنما ما دمرته إسرائيل خلال اعتداءاتها السابقة أيضا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».