على مدى سنوات حكم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، كان رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ظلاً له في السلطة ومهندساً لسياسته الخارجية.
لكن قبل خمس سنوات، دبّت الخلافات بينهما بشكل هامس في بعض القضايا الداخلية، وفشلت الوساطات في احتوائها لتصل إلى ذروتها بانتقادات داود أوغلو العلنية لسياسات رفيقه السابق أول من أمس (الاثنين).
ترافق الرجلان في محطات حزبية مختلفة، وأدت هذه التجارب المشتركة إلى توثيق صداقتهما التي تعززت بعدما أسسا حزب «العدالة والتنمية»، مع رفيقهما الثالث عبد الله غُل، رئيس تركيا السابق، في أغسطس (آب) 2001، وحين وصل الحزب إلى السلطة بعد عام واحد فقط من تأسيسه، بدأ الثلاثي في تقاسم الأدوار.
وخلافاً لغُل الذي خرج على تقاليد تلك الصداقة بانتقاد سياسات إردوغان علناً بعدما ترك منصب الرئاسة في أغسطس 2014، ارتضى داود أوغلو دور الرجل الثاني، وبدا ظلاً داعماً ومؤيداً لإردوغان.
ولقاء الالتزام والتأييد المطلق، نال داود أوغلو ثقة واسعة من إردوغان كانت دافعاً للمعارضة لوصفه بـ«الدمية» في يدي رفيقه، خصوصاً بعدما دفع إردوغان الحزب الحاكم نحو اختيار داود أوغلو في منصب رئيس الوزراء في 2014 بالتزامن مع انتقاله إلى موقع الرئاسة.
استمرت هيمنة إردوغان، من موقعه «الشرفي» رئيساً للبلاد، على سلطات رئيس الوزراء، سواء من خلال التدخل في تشكيل الحكومة وترؤس عدد من اجتماعات مجلس الوزراء في القصر الرئاسي، أو حتى نفوذه بصفته رئيساً للحزب من خلال اختيار أسماء مرشحي الحزب لانتخابات 2015، ليستفز هذا التهميش الفج داود أوغلو ويبدأ تحركاً موازياً لانتزاع جزء من صلاحياته.
غير أن الصراع المتنامي بين الرفيقين أججه نجاح داود أوغلو في عام 2016 في عقد اتفاق تاريخي مع الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين السوريين مقابل مساعدات ضخمة لتركيا وتسهيلات لدخول مواطنيها أوروبا.
وأمام انتفاضة داود أوغلو لانتزاع سلطاته المفقودة، انتهز إردوغان غيابه في زيارة خارجية في أبريل (نيسان) 2016، لاتخاذ توصية بسحب صلاحية تعيين مديري فروع الحزب منه ونقلها إلى اللجنة المركزية من دون علم أوغلو، بالتزامن مع حملات هجوم واسعة من جانب أتباع إردوغان في الحزب. وقبل مرور شهر، أعلن داود أوغلو استقالته. وبين الخطوتين، خرج داود أوغلو ببيان قصير قال فيه: «لن أتفوه بحرف ضد الرئيس التركي فشرفه هو شرفي، وأنا أثق به».
غير أن دواد أوغلو فاجأ خصومه قبل رفاقه بمنشور مطوّل عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، أول من أمس، انتقد فيه سياسات الحزب وتحالفه مع «الحركة القومية»، معتبراً أنها وراء الأداء الضعيف في الانتخابات المحلية التي خسر الحزب فيها أكبر رئاسة بلديات أكبر ثلاث مدن في البلاد.
وهاجم القيود على وسائل الإعلام و«الضرر الذي لحق بمبدأ الفصل بين السلطات وبدور المؤسسات». وطالب بـ«الشفافية والمساءلة بخصوص الإنفاق العام وعدم التضييق على الصحافيين والأكاديميين والسياسيين».
ورغم دعوة داود أوغلو إلى «إصلاح» الحزب الحاكم، فإن تقارير محلية تشير إلى تحركه مع غُل وعدد من الساسة لتأسيس حزب جديد، سيكون في حال إنشائه إعلان القطيعة الرسمية بين إردوغان وظله السابق.
داود أوغلو... ظل إردوغان الذي خالفه
داود أوغلو... ظل إردوغان الذي خالفه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة