اتهامات ريفي لباسيل بـ«الفساد» تنتقل إلى المحاكم

وزير العدل السابق يتحدى وزير الخارجية «أن يثبت براءته»

جبران باسل - اشرف ريفي
جبران باسل - اشرف ريفي
TT

اتهامات ريفي لباسيل بـ«الفساد» تنتقل إلى المحاكم

جبران باسل - اشرف ريفي
جبران باسل - اشرف ريفي

تفاعل الحكم الغيابي الذي أصدرته محكمة المطبوعات في بيروت بحق وزير العدل السابق أشرف ريفي، في الدعوى المقامة ضده من قبل وزير الخارجية جبران باسيل بجرم القدح والذم، على خلفية اتهام ريفي له بـ«الفساد وسرقة الأموال العامة»، حيث لوح ريفي بتقديم عدد من الملفات الموثقة للنيابة العامة المالية، فيما هدد باسيل بتقديم دعوى قضائية جديدة ضده، غداة المؤتمر الصحافي الذي عقده ريفي أول من أمس (الاثنين)، وجدد فيه اتهام وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر بـ«الفساد والاستيلاء على الأموال العامة»، وتوعد بتقديم الوثائق والإثباتات التي تدينه.
كانت محكمة المطبوعات، برئاسة القاضي رفول بستاني، قد أصدرت حكماً قضى بعقوبة السجن 3 أشهر بحق ريفي، وغرامة مالية قدرها 15 مليون ليرة (10 آلاف دولار) في الدعوى المقامة من باسيل ضده، واستبدلت عقوبة السجن بغرامة مالية قدرها مليونا ليرة (1300 دولار)، وتعويض شخصي لباسيل قدره 10 ملايين ليرة (نحو 7 آلاف دولار). واعتبر الوزير ريفي أن محكمة المطبوعات «أصدرت حكماً سياسياً، وليس قضائياً، وهو غير مفهوم، لا بالشكل ولا بالأساس».
وسأل ريفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هل يعقل وأنا وزير سابق للعدل أن يصدر بحقي حكم من دون أن يطلب مني الحضور إلى المحكمة، ولم أبلغ بموعد أي جلسة؟»، وعبر عن أسفه لأن «بعض القضاة بات همهم إرضاء السلطة». وقال ريفي: «لديّ فريق كبير من المحامين بدأوا إعداد ملف لإرساله إلى التفتيش القضائي، وإطلاعه على ظروف صدور حكم كهذا، كما لدينا ما يكفي من الملفات الكبرى لإيداعها النيابة العامة المالية».
وأضاف وزير العدل السابق: «في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس سعد الحريري مشكوراً إيجاد إيرادات للموازنة، ووقف مزاريب الهدر، وتحسين الجباية، نرى مسؤولين ينهبون مال الدولة بشكل سافر، مثل صفقات باسيل، والممرات الخاصة بـ(حزب الله) في مرفأ بيروت وعبر المعابر البرية».
ورأى أن «الحديث عن تراجع مداخيل المرفأ هو نتيجة تهريب (حزب الله) للبضائع بقنوات خاصة به، ونقل بضائع إلى المرافئ السورية، وإدخالها عبر الحدود البرية إلى السوق اللبنانية من دون أن تخضع للرسوم الجمركية». وأبدى أسفه لأن «وزراء في التيار الوطني الحر ضالعون في الفساد، عبر صفقاتهم التي تحصل بالتراضي، ومن خارج القانون، ولدينا ملفات سنحيلها على النيابة المالية»، لافتاً إلى أن «القانون أقر حماية من يبلغ عن الفساد، واليوم يأتي جبران باسيل لتخويفنا. وللأسف، القضاء لم يطلب مني الحضور لتقديم مستنداتي، لكننا لن نسكت عن أموال أولادنا وأموال الشعب اللبناني».
وكشف ريفي أن باسيل «حاول اليوم (أمس) تقديم شكوى أمام النيابة العامة في جبل لبنان، لكنه اصطدم بعقبات قانونية، لأن المؤتمر الصحافي عقدته في طرابلس (شمال لبنان)، وليس في جبل لبنان، كما حاول فتح المحضر القديم (الملف الذي صدر فيه الحكم)، لكنّه لم يستطع».
وقال: «لن ينتصر الفاسد على الحقّ والقانون، ولن ينجح الفساد في لي ذراع القاضي الشريف، وأتحدى جبران باسيل أن يثبت براءته في الملفات التي سأقدمها ضده»، مذكراً بأنه «قبل سبع سنوات، لم يكن يملك ثمن سيارة، فمن أين أتى بهذه الثروة الطائلة؟»، داعياً «كل من يتعاطى مع الشأن العام إلى رفع السرية المصرفية عن حساباته لحظة دخول الوظيفة العامة، وكذلك عندما يخرج من السلطة».
ومن جهته، رد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أسعد درغام على الهجوم الذي طال رئيسه، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القضاء أنصف الوزير باسيل، وأعطى ريفي العقاب الذي يستحقه»، وقال: «لا يجوز رمي الاتهامات جزافاً، وكما كانت لدينا الجرأة بالاحتكام إلى القضاء، أدعو الوزير ريفي أن يذهب للقضاء، ويدلي بدلوه»، معتبراً أن «الحملة التي يشنها ريفي ضد الوزير باسيل مرتبطة بنمط عمله، وعدائه التاريخي ضد التيار الوطني الحر ورئيسه»، مؤكداً أن «الخصومة مع ريفي لم تؤثر على العلاقة مع تيار (المستقبل)، والرئيس سعد الحريري، ولا مع الأشقاء العرب، بل هي محصورة بالخلاف مع ريفي الذي عليه أن يرضخ للحكم القضائي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».