لقاء العاهل الأردني «كتلة الإصلاح» مفاجأة للأوساط السياسية

TT

لقاء العاهل الأردني «كتلة الإصلاح» مفاجأة للأوساط السياسية

نجحت الرسائل السياسية التي بعث بها حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة في البلاد، في الوصول للقصر الملكي، بعد جفاء استمر سنوات، عبر حضور لقاء بدعوة ملكية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس الثلاثاء، هو الأول من نوعه، نوقشت خلاله عدة ملفات سياسية شائكة، في مقدمتها ملف اتفاقية الغاز والنزاع القانوني الذي تخوضه الجماعة.
وأكد أعضاء من «كتلة الإصلاح» النيابية التي حضر منها 12 نائبا من الكتلة من أصل 14، دعمهم المسؤولية الأردنية في الوصاية على القدس، وتعاملها مع ملف المقدسات، ودعمهم المطلق للاءات الثلاث التي أطلقها الملك الأردني مؤخرا، حول القدس والتوطين والوطن البديل.
وشكل اللقاء مفاجأة للأوساط السياسية والبرلمانية، حيث التقى الملك عدة كتل نيابية في المجلس النيابي الحالي، منذ انتخابه في 2016. باستثناء كتلة التيار الإسلامي.
من جهته، وصف عضو الكتلة النائب سعود أبو محفوظ لـ«الشرق الأوسط»»، اللقاء، بـ«الإيجابي جدا»، وقال إن كل الملفات تم طرحها أمام الملك، «بما في ذلك ملف جماعة الإخوان التي ألغت الحكومة الأردنية ترخيصها ومنحته لجمعية موازية ضمت منشقين عن الجماعة الأم».
وجدد نواب الكتلة المعارضة (التي كانت جماعتها قد قاطعت الانتخابات العامة ما يقارب العشر سنوات، قبل أن تعود في الانتخابات الأخيرة)، دعمهم للرفض الملكي لصفقة القرن، وجهود الملك بالوصاية الهاشمية على المقدسات بالقدس، وذلك في مواجهة الضغط الذي عبر عنه عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة مؤخرا، وفقا للنائب أبو محفوظ.
وأكد أبو محفوظ لـ«الشرق الأوسط» إعلان نواب الحركة الإسلامية و«جماعة الإخوان المسلمين» أمام الملك عبد الله الثاني «وقوفهم خلف الملك في كل ما يتعلق بملف القدس»، متمسكين بالموقف الأردني الذي وصفه بـ«الرصين».
وأعاد الملك عبد الله الثاني بحسب بيان صحافي للديوان الملكي، التأكيد على موقف الأردن الثابت من القضية الفلسطينية والقدس، مشددا على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار إلى أن زياراته الخارجية التي شملت دولا عربية وأوروبية ركزت على موقف الأردن الواضح والمعروف تجاه القضية الفلسطينية، وكذلك الجهود المبذولة مع الأطراف الفاعلة من أجل تحقيق السلام العادل والدائم. وشدد العاهل الأردني على أن الأردن لن يقبل بأن يمارس عليه أي ضغط بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية والقدس.
ويأتي اللقاء بعد أيام من فوز الحركة الإسلامية بأغلبية مقاعد نقابة المعلمين الأردنيين، النقابة الأكبر من حيث عدد أعضاء الهيئة العامة، بعد تحالفها مع قائمة التيار الثالث المحسوبة على الحراك الشعبي المعارض. وحول ما إذا تطرق اللقاء لقرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في البلاد قانونيا، واستعادة جمعية المركز الإسلامي التي كفت الحكومة يد الجماعة عن إدارتها والتحكم بأرصدتها، قال أبو محفوظ: «لقد تحدثنا في جميع القضايا والملفات المطروحة محليا».
أما النائب في الكتلة ونقيب المحامين السابق صالح العرموطي، فقد اعتبر من جهته أن اللقاء هو مرحلة جديدة في العلاقة بين القصر والإسلاميين، قائلا إن اللقاء كان منفتحا على كل المواضيع والقضايا دون تحفظات. وكشف العرموطي «لـ«الشرق الأوسط»»، عن تأكيد الملك للكتلة أن صفقة القرن «لا قيمة لها» عنده، فيما قال ردا على استفسارات حول اتفاقية الغاز المبرمة مع الجانب الإسرائيلي: «اتركوها لي»، في إشارة إلى مراجعة الاتفاقية، وكذلك عدة مشروعات مائية مشتركة من بينها قناة البحرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».