أحببت طبيعة الفلبين وأهلها ولم أحب مطبخها

رحلة مع: الفنانة أروى جودة

في مدينة أصيلة بالمغرب
في مدينة أصيلة بالمغرب
TT

أحببت طبيعة الفلبين وأهلها ولم أحب مطبخها

في مدينة أصيلة بالمغرب
في مدينة أصيلة بالمغرب

لا تخلط الفنانة المصرية أروى جودة بين السفر من أجل العمل وبين السفر للراحة والاستجمام، كما أكدت في حوارها مع «الشرق الأوسط»، قائلة إن أكثر البلاد التي تحب السياحة فيها، وبلا مبالغة أو تحيز، هي مصر.
فهي تزخر بأماكن مدهشة ومعالم سياحية كثيرة تتفوق في أهميتها على أي معالم أخرى، من وجهة نظري، ليس أقلها الأهرامات. أما أكثر المناطق التي أحب أن أقضي فيها إجازاتي فهي شبه جزيرة سيناء ونويبع والنوبة وأسوان ومرسى علم. في الصيف أعشق شواطئها المترامية. على مستوى العالم، أحب السفر إلى اليونان، لأنها قريبة من مصر من ناحية الموقع، وكذلك من ناحية الطبيعة، بحكم أن بحرها متوسطي.
عموماً أحب السفر وأعتبره فرصة لاستكشاف كل جديد والتعرف على ثقافات الغير، بل أشعر أن هذا يطوّرني من الناحية الإنسانية ويصقلني، وكما يقول المثل «في السفر 7 فوائد».
نظراً إلى أهميته القصوى بالنسبة إليَّ، أنظر إليه دائماً من زاوية إيجابية. فما يراه البعض سلبيات أراه مجرد منغصات أو تفاصيل بسيطة لا تؤثر على مزاجي. مثال على ذلك أني قد أحب ثقافة بلد وطبيعته وأهله لكني قد لا أحب مطبخه، وهنا أذكر الفلبين، فهي بلد تتمتع بطبيعة ساحرة إلا أن أطباقها لم تستهوني مطلقاً، وهذا لا يعني أنني لم أستمتع برحلتي ككل.
بلدان كثيرة أحلم بزيارتها، مثل أستراليا واليابان والصين والهند ونيبال وجزر المالديف في آسيا، ومدغشقر والسنغال وكينيا ونيجيريا في أفريقيا، وكوبا وكولومبيا في أميركا اللاتينية... يمكنني القول إنني أحلم بأن أجول في العالم كله.
أول شيء أقوم به عندما أصل إلى أي بلد البحث عن المطاعم المحلية لأتذوق أطباقها والاستماع إلى موسيقاها. فبينما أرى أن الطعام يعبّر عن ثقافة الشعوب بشكل كبير فإن الموسيقى أيضاً تترك في نفسي أثراً عميقاً، لهذا أبحث دائماً عن المناطق التي يتجمع فيها سكان البلد ويعزفون فيها لأن هذا يقرّبني منهم أكثر.
السفر للعمل يختلف كلياً عن السفر للراحة والاستجمام. ففي الأول أنعزل تماماً عن الناس لأركز على حفظ دوري. ففي زيارتي الأخيرة للبنان مثلاً لتصوير مسلسل «صانع الأحلام» بطولة مكسيم خليل، ورغم أن لديَّ أصدقاء كثراً في لبنان، فإني لم أتصل بأيٍّ منهم أو أقابلهم. فالأولوية تكون للعمل. أما في الثاني، أي عندما أسافر من أجل الراحة فإن برنامجي يختلف تماماً، لأن الوقت يكون ملكاً لي بالكامل.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».