لقد كان من قبيل الصدفة - لكنها كانت صدفة رائعة للغاية في حقيقة الأمر - أن يعرض أحدث برنامج لمباريات ليفربول صورة كبيرة ويقدم تحية خاصة لمدافع الفريق السابق تومي سميث، الذي توفي عن عمر يناهز 74 عاماً.
وكانت الصورة بعنوان «المدافع الحديدي على ملعب آنفيلد»، التي كانت قد التقطت لسميث في إحدى لحظات مجده الكروي، حين قابل برأسه عرضة ستيف هايواي وأحرز هدف التقدم لليفربول على بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1977.
في الحقيقة، لم يكن من المعتاد أن يسجل سميث الأهداف برأسه، أو أن يسجل الأهداف على الإطلاق. وقد عبر المعلق الرياضي الإنجليزي الشهير باري ديفيز عن شعوره بالمفاجأة عندما وضع سميث الكرة في الشباك، حيث قال وهو يعلق على المباراة: «إنه تومي سميث! يا لها من طريقة رائعة لإنهاء مسيرتك الكروية».
لكن مسيرة سميث الرياضية لم تنتهِ بعد فوز ليفربول بأول بطولة لدوري أبطال أوروبا في روما. وكان سميث قد وصل إلى الثانية والثلاثين من عمره آنذاك وأعلن أنه يعتزم اعتزال كرة القدم، لكنه وكما كان متوقعاً وجد صعوبة كبيرة للغاية في اعتزال الساحرة المستديرة ولعب موسماً آخر مع ليفربول قبل رحيله مع جون توشاك إلى سوانزي سيتي لفترة قصيرة.
وإذا كان هناك لاعب يجسد رحلة صعود ليفربول تحت قيادة المدرب بن شانكلي، فإن هذا اللاعب سيكون بالتأكيد هو تومي سميث، الذي ولد ونشأ في ظل ملعب «آنفيلد» وانضم إلى ليفربول وهو في الخامسة عشرة من عمره بعدما ذهبت به والدته إلى النادي وطلبت من المدير الفني أن يعتني به.
ومن المؤكد أن شانكلي قد اعتنى كثيراً بسميث، حيث صعده للفريق الأول بعد ذلك بـ3 سنوات فقط، رغم أن سميث لم يكن من نوعية اللاعبين الذين يحتاجون إلى كثير من الاهتمام في حقيقة الأمر، لقد كان منافساً قوياً ولاعباً شرساً، في وقت كان فيه كل فريق يضم فيه لاعباً قوياً في خط الدفاع.
لكن إذا كان سميث يُرهب لاعبي الفرق المنافسة، فإنه كان يقوم بذلك لأنه مدافع صلب من الصعب المرور منه، للدرجة التي جعلت البعض يصفه بأنه لاعب مصنوع من الحديد أو الغرانيت. وقد قال عنه شانكلي جملته الشهيرة: «تومي سميث لم يولد، بل تم استخراجه». وحتى اللاعب الإنجليزي السابق نورمان هنتر اعترف بأن التدخل عليه من قبل سميث كان يشبه الاصطدام بجدار من الطوب.
لكن في المراحل الأخيرة من حياته، كان سميث يعاني من مشاكل كبيرة في الحركة والتنقل، وكان يعتمد على عكازات لكي يصل إلى الأماكن المخصصة للصحافيين في ملعبي «آنفيلد» و«غوديسون بارك»، وكان يعمل كاتب عمود في صحيفة «ليفربول إيكو». وقال عنه بوب بيزلي بكل إعجاب: «إنه لم يكن يعرف الخوف. لقد كان تومي يكره الخسارة، وكان مستعداً لأن يضع نفسه تحت وطأة كل أنواع الألم والمعاناة لكي يتجنب الخسارة».
وكان رون ييتس، ذلك المدافع الصلب الذي جاء به شانكلي من اسكوتلندا، هو الذي عقد مؤتمراً صحافياً ودعا الصحافيين لتقديم سميث للجمهور. وواصل سميث مسيرته مع ليفربول حتى أصبح قائداً للفريق وشارك في 638 مباراة وأصبح أحد العناصر الأساسية في الفريق الرائع الذي كونه شانكلي وورثه بيزلي من بعده.
وكان سميث محبوباً للغاية من جمهور ليفربول، خصوصاً أنه من أبناء المدينة، لكنه على المستوى الدولي لم يشارك سوى في مباراة وحيدة أمام ويلز عام 1971. واستغل سميث الإصابة القوية التي لحقت بفيل تومبسون في موسم 1976 - 1977 لكي يكتب اسمه كإحدى الأساطير الخالدة في تاريخ ليفربول. وبعد الفوز في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في روما، قال سميث إن مسيرته، التي حصل خلالها على 4 ألقاب للدوري الإنجليزي، قد اكتملت الآن، مضيفاً: «كانت أكبر خيبة أمل لي في كرة القدم تلك الهزيمة في دور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان عام 1965. والهزيمة في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام آرسنال عام 1971. وقد تغلبنا على الخسارة أمام آرسنال بالفوز على نيوكاسل يونايتد على ملعب ويمبلي بعد 3 سنوات، والآن فإن الفوز بدوري أبطال أوروبا يعوضنا عن الخسارة أمام إنتر ميلان. لقد انتظرنا لسنوات طويلة لكي نحقق ذلك، لكن الأمر كان يستحق».
أما فيما يتعلق بالهدف الذي أحرزه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، فيتذكر سميث أنه أجرى محادثة سريعة مع كيفن كيغان بشأن المكان الذي يتعين عليهما الوقوف به انتظاراً للكرة العرضية من هايواي. وقال سميث عن ذلك: «كنت أعرف أن المدافعين يراقبون كيفن. أنا لست أسرع شخص في العالم، لكن يمكنني أن أسبق أي شخص بياردة واحدة».
وأضاف: «لم يكن المدافع كريستيان كوليك يعرف ما إذا كان يتعين عليه أن ينتظر لمراقبة كيفن أم يتحرك معي، وعندما جاءت الكرة العرضية كانت في أفضل ارتفاع ممكن، ولذا انقضضت عليها. وبمجرد أن سددت الكرة برأسي، كنت أدرك أنها ستكون في المرمى. يمكنني أن أعد الأهداف التي سجلتها بالرأس على أصابع اليد الواحدة، ومن المؤكد أنني لم أسجل هدفاً بهذه الطريقة في مباراة بهذه الأهمية. إنه أفضل شعور انتابني في حياتي كلها».
مسيرة تومي سميث اكتملت بالفوز بدوري الأبطال عام 1977
المدافع «الراحل» خاض 638 مباراة مع ليفربول وكان يطلق عليه الجدار الحديدي
مسيرة تومي سميث اكتملت بالفوز بدوري الأبطال عام 1977
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة