لا وساطات معلنة لتحرير العسكريين اللبنانيين.. وانقطاع أخبارهم

«جبهة النصرة» تهدد «حزب الله» بقتل المختطفين

لا وساطات معلنة لتحرير العسكريين اللبنانيين.. وانقطاع أخبارهم
TT

لا وساطات معلنة لتحرير العسكريين اللبنانيين.. وانقطاع أخبارهم

لا وساطات معلنة لتحرير العسكريين اللبنانيين.. وانقطاع أخبارهم

يبدو أن ملف العسكريين اللبنانيين الذين اختطفهم مسلحون على خلفية المعارك التي شهدتها بلدة عرسال، مطلع أغسطس (آب) الحالي، يتجه إلى مزيد من التأزيم بغياب أي وساطات معلنة لإطلاق سراحهم، بعد تعليق «هيئة العلماء المسلمين»، نهاية الأسبوع الماضي، مبادرتها، وتهديد «جبهة النصرة» لـ«حزب الله» بقتلهم، في حال السعي لاستعادتهم بالقوة.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن قائد بارز في «جبهة النصرة» أن «(حزب الله) يحضر لهجوم كبير على منطقة القلمون السورية، ولذلك يقوم بعرقلة مفاوضات إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الأسرى، ويريد أخذهم بالقوة»، لافتا إلى أن «ذلك سيعني موتهم». وهدد القائد في «النصرة» باللجوء لـ«الخيار العسكري لتحرير أسرانا في السجون اللبنانية‎ في حال لم يجرِ اللجوء للتفاوض الصادق، لأنه الحل الوحيد». ونفت مصادر الأمن العام اللبناني ما أشيع في الساعات الماضية عن تسليم ملف العسكريين المختطفين إلى مدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «في حال جرى تكليف اللواء بالموضوع سيجري الإعلان عن ذلك رسميا.. وكل ما يجري تداوله في هذا الإطار حاليا غير صحيح».
ولا يزال الملف في عهدة رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أكدت مصادره أنه «يبذل جهودا حثيثة، ويقوم باتصالات مكثفة للإفراج عن العسكريين». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يقوم بمساعٍ ليل نهار لتحريرهم، ولن يهدأ له بال قبل إتمام المهمة».
وبالتزامن، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أن «المولين بملف العسكريين المخطوفين، يقومون بدورهم خير قيام، وربما نستمع قريبا إلى نتائج سعيدة ومفرحة»، مشددا على أنه «من الخطأ الكبير أن نضع هذا الموضوع قيد التداول الإعلامي». وازدادت نقمة أهالي المخطوفين الذين هددوا بتصعيد تحركاتهم، بعدما انقطعت أخبار أبنائهم مع تعليق هيئة العلماء المسلمين مبادرتها. واستهجنت صابرين، زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف زياد عمر «الإهمال واللامبالاة» التي تتعاطى بها أجهزة الدولة المعنية مع الملف، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أخبار زوجها وزملائه انقطعت كليا بعد تعليق مبادرة الهيئة.. «ولم يتصل بنا أحد ليبلغنا مَن تسلَّم الملف وما الجديد فيه، أو على الأقل لطمأنتنا فقط على أحوال أزواجنا وأولادنا». وأضافت صابرين: «نتفهم أن يعتمدوا مبدأ التكتم الإعلامي لإنجاح المهمة، ولكن أيعقل أن لا يضعونا نحن المعنيين الأوائل بالملف بالمستجدات؟».
وكانت «لجنة أهالي العسكريين المخطوفين في عرسال» أصدرت بيانا، أول من أمس، هددت فيه باللجوء إلى «خطوات تصعيدية ما لم نلمس جدية في التحرك إزاء ملف إطلاق أبنائنا»، محملة «الحكومة عموما ورئاستها خصوصا مسؤولية سلامة أولادنا وإعادتهم إلى عائلاتهم وأهاليهم قبل الوصول إلى أحداث ومشاكل لا تحمد عقباها». وبثت «جبهة النصرة» ليل الجمعة السبت على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو أظهر تسعة من العسكريين المختطفين، من أصل 15 عنصرا من قوى الأمن، و3 من الجيش، هم في قبضة «النصرة» و11 آخرين بقبضة «داعش». وطالب العسكريون الذين ظهروا بالفيديو بانسحاب «حزب الله» من سوريا.. «وإلا تم قتلنا».
واتهم نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «لبنانيين» بمشاركة «التكفيريين في عدوانهم على لبنان عند الحدود الشرقية»، وقال في تصريح إن «هناك من الدول من تدعي الصداقة للبنان ما زالت تمول وتسلح التكفيريين عند الحدود الشرقية». وعد قاووق أن «ما بيد الجيش اللبناني هو أغلى الأوراق الضاغطة على الخاطفين، فالقادة التكفيريون الذين لا يزال الخاطفون يتلقون الأوامر منهم موجودون تحت يده في سجن رومية، كما أن أنبوب حياة التكفيريين على الحدود الشرقية هو بيد الجيش اللبناني أيضا، لأن التموين والوقود والأموال ما زال ينطلق من لبنان، المنفذ الوحيد أمام التكفيريين الموجودين على الحدود الشرقية في جرود عرسال والقلمون». وكانت «جبهة النصرة» أفرجت، قبل أسبوع، عن عنصرين في قوى الأمن الداخلي اختُطفا من مركزهما في بلدة عرسال، قبل أسبوعين، فيما سمته «الهيئة» التي كانت تقود الوساطة بين المسلحين والدولة اللبنانية «بادرة حسن نية من المسلحين، ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على ملف التفاوض».
وترفض الحكومة اللبنانية مقايضة العسكريين المخطوفين بموقوفين إسلاميين، وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في تصريحات سابقة أنه «ليس واردا على الإطلاق منطق التبادل والمقايضة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».