عباس: الفلسطينيون والعرب سيسقطون «صفقة العار»

دعا «الأشقاء» إلى شد الرحال للقدس

الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة محمد أشتية في رام الله يوم الثلاثاء الماضي (رويترز)
الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة محمد أشتية في رام الله يوم الثلاثاء الماضي (رويترز)
TT

عباس: الفلسطينيون والعرب سيسقطون «صفقة العار»

الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة محمد أشتية في رام الله يوم الثلاثاء الماضي (رويترز)
الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية الجديدة محمد أشتية في رام الله يوم الثلاثاء الماضي (رويترز)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «إن الفلسطينيين، ومعهم ملايين العرب والمسلمين والأحرار في كل مكان» يقفون اليوم في وجه ما وصفها بـ«صفقة العار» الأميركية، متعهداً بإسقاط هذه الخطة التي يفترض أن تطرحها الإدارة الأميركية في وقت قريب لحل النزاع العربي - الإسرائيلي.
وقال عباس، في خطاب متلفزٍ ألقاه في إطلاق فعاليات «القدس عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2019»، «ها هو الشعب الفلسطيني ينهض من بين ركام النكبات والمؤامرات، لكي يستعيد وجوده وهويته وحقوقه، ولكي يؤكد للعالمين أنه ما ضاع حقٌ وراءه مطالب... ها هو شعب فلسطين، ومن ورائه ملايين العرب والمسلمين وأحرار الكون، يقف كالطود الأشم في وجه صفقة العار التي تريد أن تنتزع القدس من قلوبنا وعقولنا وواقعنا، وما وجودكم اليوم ها هنا في أرض بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إلا دليل دامغ على أن هوية هذه الأرض ستحافظ على بهائها وسموها وجذورها الضاربة في عمق أعماق التاريخ الإنساني، وأن المؤامرة والمتآمرين إلى زوال».
وأكد عباس أن القدس لن تكون وحدها، وأن الشعب الفلسطيني المرابط لن يبقى وحده في مواجهة الاستعمار والاحتلال. وأضاف: «إن ليل القدس لن يطول، ولا يجوز أن يطول، بل لا يجوز أن يبقى، وأن الواجب الخالد بأن تبقى قناديل القدس مسرجة بأهلها، ومن ورائهم من أبناء أمتنا العظيمة، سوف يظل في صدارة وعينا وسلوكنا اليومي، حتى تتحرر القدس عاصمتنا الأبدية، وعاصمة الثقافة الإسلامية الدائمة». وطالب الرئيس الفلسطيني، العرب والمسلمين، بزيارة القدس، وقال «إن رسالتنا التي نوجهها إلى كل أبناء الأمة اليوم، ومن أجل أن تظل قناديلنا في القدس متقدة بنور الخير والحق والسلام، هي أن القدس بأهلها وأحبابها من العرب والمسلمين والمسيحيين، فلا عذر لمن يستطيع أن يشد الرحال إليها ألا يفعل، فهي أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وهي مسرى نبينا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد السيد المسيح عليه السلام، وهي بوابة الأرض نحو السماء».
وأضاف: «أيها الأحبة والأشقاء والأصدقاء في مشارق الأرض ومغاربها: شدوا الرحال إلى القدس، واشتروا ساعة رباط فيها وفي أكنافها فذلك خيرٌ من الدنيا وما فيها، كما أخبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم».
وهجوم عباس على الخطة الأميركية للسلام جاء قبل وقت قصير من إطلاقها. وقالت الإدارة الأميركية إنها ستطلق خطتها في وقت قريب بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية. وتشجعت الولايات المتحدة بعد فوز بنيامين نتنياهو في هذه الانتخابات، وعدت انتخابه مشجعاً للسلام.
ويشكل نتنياهو حليفاً مفضلاً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أعلن في السنتين الأخيرتين سلسلة إجراءات اعتبرها الفلسطينيون معادية لهم. وأعلن عباس مراراً رفضه لخطة سلام وعد ترمب بالإعلان عنها، وقال إنها تستهدف تصفية القضية الفلسطينية. ويتطلع الفلسطينيون إلى خطة بديلة، تقوم على إطلاق مؤتمر دولي للسلام تنتج عنه آلية متعددة الأطراف لرعاية العملية السياسية. ويقبل الفلسطينيون أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من هذه الآلية، ولكن ليس وسيطاً منفرداً.
وطرح عباس بدء مفاوضات، وفق هذه الآلية، مرجعيتها حل الدولتين، ومحكومة بسقف زمني محدد. ويقول الفلسطينيون إن حل الدولتين يعني بالضرورة دولة فلسطينية قائمة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ويقبلون أن تكون منزوعة السلاح، لكن أيضاً خالية من أي جندي إسرائيلي.
ويتهم الفلسطينيون الآن، ترمب، بأنه مقدم على خطوة الاعتراف بالضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، وعزز من ذلك إفصاح نتنياهو بأنه ينوي ضم مستوطنات كبرى تحت السيادة الإسرائيلية. ويتوقع أن يؤدي رفض عباس لخطة ترمب إلى مزيد من التوتر في العلاقات. وانقطعت العلاقات بين عباس وترمب بعد اعتراف الأخير بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الفلسطينية إليها في نهاية 2017.
ومنذ ذلك الحين، قطع ترمب كل المساعدات المالية عن الفلسطينيين، بما في ذلك المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، كما أغلق ممثلية منظمة التحرير في واشنطن وطرد السفير من هناك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.