العراق يقترح محاكمة «الدواعش الأجانب» مقابل ملياري دولار

التنظيم الإرهابي يهاجم جرف الصخر بعد ثلاث سنوات على تحريرها

TT

العراق يقترح محاكمة «الدواعش الأجانب» مقابل ملياري دولار

أُفيد في العراق، أمس، بأن عناصر من تنظيم «داعش» تسللوا إلى منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل، وشنّوا هجوماً جاء بعد نحو ثلاث سنوات على تحريرها من التنظيم الإرهابي. وتزامن هجوم «داعش» مع اقتراح قدمه العراق لدول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لتولي محاكمة «الدواعش» الأجانب مقابل مبلغ مالي يصل إلى ملياري دولار، بحسب ما قال مسؤولون عراقيون لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتشكل عودة «الدواعش الأجانب»، الذين هم حالياً بيد القوات الكردية في سوريا، مسألة حساسة للغاية بالنسبة للرأي العام في الدول التي ينتمون إليها. فعلى سبيل المثال، لم تبدأ فرنسا حتى الآن تنفيذ خطة مفصلة لإعادة المتشددين الفرنسيين وعائلاتهم من سوريا، بحسب ما أفادت به تقارير صحافية، واكتفت بالتحدث عن «فرضية» للعمل على ذلك، بحسب ما لاحظته الوكالة الفرنسية.
وقال مسؤول حكومي عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم كشف هويته، إن بغداد اقترحت «خياراً»، يتمثل بـ«محاكمة الجهاديين الأجانب المحتجَزين حالياً من قبل الأكراد في سوريا»، على أن يكون ذلك «مقابل ملياري دولار». وفي حال تم التوافق على هذا الخيار، فبمجرد محاكمة هؤلاء، تحتفظ بغداد بحقّ طلب «مزيد من الأموال لتغطية نفقات الإيواء».
وأشارت الوكالة الفرنسية في تقريرها إلى أن العراق يستعد بالفعل لمحاكمة نحو 12 فرنسياً تم نقلهم من سوريا إلى العراق، معتبراً أن محاكمه ذات اختصاص استناداً إلى أن الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» تمتدّ على مساحات بين سوريا والعراق.
وأشار مسؤول ثانٍ للوكالة الفرنسية إلى أنه لغرض قيام السلطات العراقية باعتقال ومحاكمة المتشددين الأجانب على أراضيها، الذين يُقدّر عددهم بنحو ألف عنصر وفق القوات الكردية السورية، تم احتساب «التكاليف» بناء على ما طُبّق في غوانتانامو (السجن المقام في قاعدة أميركية بكوبا). وأضاف أن الدول الأصلية لهؤلاء المتشددين «تواجه مشكلة، ولدينا الحل»، مؤكداً أن العراقيين «قدموا هذا المقترح، الأسبوع الماضي، ولم نتلقَّ أي رد حتى الآن».
بدوره، ذكر مسؤول ثالث لوكالة الصحافة الفرنسية أن هؤلاء المتشددين قدموا من «52 دولة»، لذلك كان من السهل مخاطبة التحالف الدولي بدل كل عواصم تلك الدول.
ولم يرد التحالف الدولي بدوره على أسئلة الوكالة الفرنسية، في هذا الخصوص. وأشار مصدر تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن من بين المواضيع التي يتمّ التداول بها تشكيل «محكمة خاصة» لإجراء المحاكمات. وأضافت الوكالة أنه من المرجح أن تصدر هذه المحكمة أحكاماً بالإعدام، وهي عقوبة مرفوضة من قبل دول الاتحاد الأوروبي، الذي ينتمي إليه العشرات من المشتبَه بانتمائهم إلى «داعش».
ودعا الأكراد السوريون، في وقت سابق، إلى تشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة المتشددين المعتقلين لديهم، فيما تجري الأمم المتحدة تحقيقها حول اعتبار جرائم «داعش» بمثابة «إبادة جماعية»، التي تُعدّ أخطر الجرائم وفق القانون الدولي.
في غضون ذلك، أعلنت قيادة «الحشد الشعبي» أن عناصر من «داعش» تسللوا، مساء أول من أمس، إلى منطقة جرف الصخر، شمال محافظة بابل، وذلك بعد نحو ثلاث سنوات على تحريرها.
وأشار بيان لإعلام «الحشد» إلى أن «الدواعش» تسللوا إلى ناحية جرف النصر (جرف الصخر) من جهة الفرات، قرب منطقة عبد ويس، مؤكداً أن اللواء 47 التابع لـ«الحشد» كشف عملية التسلل وتعامل مع المهاجمين «بالأسلحة الخفيفة، ما اضطرهم إلى الهرب». وأوضح البيان أن عبوة ناسفة انفجرت في عناصر اللواء 47 أثناء تمشيطهم المنطقة، لكن لم تقع أي خسائر بشرية في صفوفهم.
وتُعدّ ناحية جرف الصخر من المناطق التي تشكل ناحية خلافية بين الأجهزة الأمنية والنواب السنّة في البرلمان العراقي، بسبب عدم عودة أهاليها الذين نزحوا منها بعد احتلال «داعش» لها، عام 2014. ورغم أنها كانت من بين أوائل المناطق التي جرى تحريرها من التنظيم الإرهابي، فإن الإجراءات الأمنية لا تزال تمنع عودة غالبية أهالي هذه المنطقة بسبب اتهامات تطال كثيرين منهم بالانتماء إلى «داعش».
في غضون ذلك، انفجرت سيارة مفخخة برتل لـ«الحشد الشعبي»، شمال قضاء بيجي، في محافظة صلاح الدين. وقال مصدر أمني إن السيارة المفخخة انفجرت قرب مطعم واستهدفت آلية عسكرية تابعة لـ«قوات بدر».
ويقول الدكتور هشام الهاشمي، مستشار «مركز النهرين» والخبير بشؤون الجماعات المسلحة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، إن «هذه الهجمات محاولة من تنظيم (داعش) لإثبات وجوده، بعد نهاية (أرض التمكين) و(الاحتلال العسكري)، لكنه يعلم جيداً أن مثل هذه العمليات ليس لها تأثير فعلي على أرض الواقع». وتابع أن التحالف الدولي الذي يقوده الأميركيون «لم يقض تماماً على (داعش). هم يعرفون ذلك. لقد قطعوا ساق الشجرة الخبيثة ولم يجتثوا جذورها التي لا تزال قادرة على النمو والتمدد هنا وهناك كلما أتيحت لها الفرصة».
أما أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، فرأى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «(داعش) قد زال لكن المخاطر المقبلة من بقايا التنظيم من المراهقين والأرامل هو الخطر المقبل، بالإضافة إلى ثنايا التطرّف العنيف وزواياه القاتلة، التي تولّد تنظيمات إرهابية جديدة»، معتبراً أن «محاربة الكراهية ومطاردة الفلول هي المهمة الجديدة للقوات العراقية والمؤسسات المدنية».


مقالات ذات صلة

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا أفراد من جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

توقيف 3 متطرفين في ألمانيا للاشتباه بتخطيطهم لهجوم

أُوقِف 3 شبان يعتقد أنهم متطرفون بعد الاشتباه بتحضيرهم لهجوم في جنوب غربي ألمانيا، وفق ما أفادت به النيابة العامة والشرطة.

«الشرق الأوسط» (برلين)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.