اللبنانيون ضحية شائعات ولوائح مزورة عن سيارات مفخخة

وزير الداخلية دعا للكف عن التلاعب بالمشاعر

اللبنانيون ضحية شائعات  ولوائح مزورة عن سيارات مفخخة
TT

اللبنانيون ضحية شائعات ولوائح مزورة عن سيارات مفخخة

اللبنانيون ضحية شائعات  ولوائح مزورة عن سيارات مفخخة

أعادت التفجيرات الأخيرة والتحذيرات الأمنية والدبلوماسية المتكررة التي شهدتها الساحة اللبنانية خلال الأسبوعين الأخيرين، الخوف إلى نفوس اللبنانيين الذين وقعوا ضحية شائعات نفتها الأجهزة الأمنية أمس. وزاد تسريب بعض المعلومات والتقارير الصحافية من حالة القلق هذه، لا سيما التقرير الأخير الصادر عن وكالة فارس الرسمية الإيرانية قبل يومين، والذي توقع أسبوعين داميين في لبنان.
ويعيش اللبنانيون في مناطق مختلفة وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، على وقع الشائعات المتنقلة والأخبار المتداولة عن الاشتباه بسيارات مفخخة، دخلت منطقة الضاحية خصوصا بعد تبني تنظيم «داعش» التفجير الأخير الذي استهدف الأسبوع الماضي منطقة حارة حريك وتوعده حزب الله بالمزيد من العمليات.
وزادت الأخبار عن الاشتباه بسيارة مفخخة في منطقة المريجة بالضاحية الجنوبية، ثم الاشتباه بسيارة مفخخة داخل حرم الجامعة اللبنانية في الحدث، أول من أمس، من هواجس ومخاوف اللبنانيين. ويبدو لافتا في اليومين الأخيرين خلو شوارع بيروت وضواحيها من زحمة السير الاعتيادية في لبنان، بموازاة استنفار الأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن في أماكن محددة. وما زاد الأمور تعقيدا، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدمي «واتس آب» نسخة مفترضة عن برقية أمنية، تتضمن أسماء وأنواع وأرقام لوحات 7 سيارات مفخخة دخلت إلى لبنان، وساهم كل ذلك برفع منسوب الخوف لدى المواطنين.
لكن مصادر أمنية نفت أمس مضمون اللائحة المتداولة مشيرة إلى أن «غرفا سوداء باتت مختصة بفبركة ما يزيد من هلع الناس»، ودعت المواطنين إلى «الأخذ فقط بما يصدر بشكل رسمي عن قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني».
وكانت وكالة «فارس الإيرانية» اعتبرت في تقرير قبل 3 أيام أنه «ليس من العبث القول: إن الساحة اللبنانية يمكن أن تكون خلال الأسبوعين المقبلين على الأقل مسرحا لأحداث دموية ومواجهات ودخول عناصر انتحارية»، مشيرة إلى أن «الشرارة الأولى لهذه المرحلة انطلقت بالتفجير الذي وقع أمام السفارة الإيرانية في بيروت»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتوقع التقرير ذاته أن يكون لبنان «أمام أسبوعين حافلين بالخطورة إلى حين موعد انعقاد مؤتمر (جنيف2) في شأن الأزمة السورية، نظرا لما لهذه القضية من انعكاسات وتأثيرات كبيرة على لبنان».
ولم يقتصر الهلع على الخوف من السيارات المفخخة فحسب، بل تعداه إلى الخشية من التوجه إلى المطاعم والمجمعات التجارية الكبرى، خصوصا بعد تحذير السفارة الأميركية في لبنان، بعد التفجيرات الأخيرة، رعاياها، من ارتياد المراكز والمجمعات التجارية والابتعاد عن المطاعم ذات الطابع الغربي. وأسف وزير الداخلية مروان شربل للتلاعب بأعصاب اللبنانيين من خلال التداول بشائعات غير صحيحة وقال أمس في أحاديث إعلامية عدة: «حرام التلاعب بأعصاب المواطنين بمثل هذه الشائعات»، مؤكدا في الوقت ذاته «أننا نتابع بقلق كبير الوضع الأمني، لكنّ ذلك لا يبرّر الخوف الذي تتسبب به هذه الخبريات».
وفي الإطار ذاته، أعلن وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فادي عبود أمس أن «إجراءات أمنية مشددة تتخذ بالتعاون مع وزارة الداخلية لحماية المطاعم والمجمعات والمراكز التجارية في مختلف المناطق اللبنانية».
بدوره، شكك المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بدقة المعلومات التي تتضمنها اللوائح المتداولة إعلاميا، لكنه رأى أن «منطق الأمور يقول: إنها (مُمكنة) وموجودة فعلا».



قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

تحذيرات رسمية من إقليم بونتلاند الصومالي بشأن اقتراب البلاد من «حرب أهلية» مع تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات بسبب رفض متبادل لقانون الاقتراع المباشر وانتخابات ولاية غوبالاند الجنوبية.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن تمسك الحكومة الفيدرالية الصومالية بقانون الاقتراع المباشر المرفوض من ولايتي غوبالاند وبونتلاند، وما تلاه من تطورات «سيعمق الخلافات ويشعل التوتر أكثر وينذر في الأفق باحتمال حدوث حرب أهلية في البلاد المثقلة بمواجهة حركة الشباب الإرهابية»، غير مستبعدين إبرام حلول حال تدخل أصدقاء الصومال لإيجاد صيغة تعاون بشأن الحكم والانتخابات.

عناصر من الجيش الصومالي خلال عملية عسكرية في محافظتي شبيلي الوسطى وغلغدود (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعرب إلياس عثمان لوغاتور، نائب رئيس ولاية بونتلاند، الثلاثاء، عن دهشته لما وصفه «بمعاداة الحكومة الصومالية لغوبالاند لكونها عقدت الانتخابات الخاصة بها ورفضت التمديد للإدارات الإقليمية»، مشيراً إلى أن «الحكومة الفيدرالية الصومالية تخرق قوانين البلاد وتعرضها لخطر الحرب الأهلية»، وفق ما نقله إعلام صومالي محلي.

ولاية غوبالاند التي تُعد «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، الميناء الاستراتيجي، أعادت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتخاب أحمد مدوبي الذي يرأس الإقليم منذ إنشائه عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

لكن هذا الاقتراع كان محل طعن في شرعيته من الحكومة الصومالية، من قبل أن يبدأ، وفق إعلان رئيس الوزراء حمزة عبده بري، في نوفمبر الماضي، مخالفته قانون الانتخابات الصادر لتنفيذه على كل عموم البلاد.

وتلا انتخاب مدوبي إعلان إقليم غوبالاند تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، وإصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وقبل انتخابات غوبالاند بيومين، صادق مجلسا البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، وآخرون من أبرزهم الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، الذي صرّح قبل نحو أسبوع بأنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وغوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

وفي ضوء التطورات المستمرة بين حكومة الصومال وإقليم غوبالاند، وتحذير بونتلاند، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن العلاقة «وصلت لمرحلة اللاعودة»، مؤكداً أن تشريع الانتخابات وضع البلاد والأقاليم في «تحدٍّ حقيقي وسيكون عقبة كبيرة نحو مسار سياسي موحد».

ووفق تقدير تورشين، «ستتعمق تلك الخلافات أكثر ويزداد التوتر وقد يدفع أقاليم أخرى لحذو خطى غوبالاند وبونتلاند في رفض التشريع مع تزايد مخاوف الانزلاق في حرب أهلية»، لافتاً إلى أن «بعض الأطراف قد تعزز حدوث تلك الحرب لتعظيم مكسبها في ظل توتر علاقاتها مع الصومال».

وكان مدوبي انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت العودة لإجراء انتخابات مباشرة موحدة، في سبتمبر (أيلول) 2025، وهو نظام شهدته البلاد وكانت آخر انتخابات مباشرة عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، والتي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس.

وفي ظل ذلك الرفض، يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن قانون الاقتراع المباشر وانتخابات غوبالاند قد يستمران في «إشعال التوتر في الصومال» بسبب عدة عوامل أولها أن الحكومة الفيدرالية في مقديشو وولايات مثل غوبالاند وبونتلاند لديها رؤى مختلفة حول كيفية إدارة الانتخابات وهذا الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات، وثانيها أن استمرار رفض الاقتراع المباشر سيعكس انقساماً عميقاً حول شرعية الحكومة الفيدرالية، «مما يزيد من الاستقطاب».

وباعتقاد بري فإن تصريحات لوغاتور تشير إلى مخاوف حقيقية من أن الأوضاع قد «تتجه نحو صراع أكبر»، متوقعاً أنه «إذا استمرت الأوضاع الحالية دون حل، فستكون هناك تحركات عسكرية محتملة ويمكن أن تتصاعد التوترات إلى مواجهات عسكرية بين القوات الحكومية وقوات الولايات، فضلاً عن حدوث تدخلات خارجية، وقد تؤدي التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى تدخلات تؤجج الصراع».

وتوترت علاقة مقديشو مع أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع الإقليم، تحصل بموجبه على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

وفي ظل هذا التصعيد، لا يرى تورشين «فرصة لإنهاء خطر حدوث حرب أهلية، إلا بتحرك أصدقاء الصومال في هذه المرحلة لإيجاد صيغة للتعاون بين الحكومة المركزية والأقاليم للتوافق وإدارة المشهد السياسي والحكم».

ويمكن أيضاً بخلاف تحرك أصدقاء الصومال أن يتجنب الصومال الحرب الأهلية والتدخلات الإثيوبية من «خلال حدوث حوار شامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات لتجنب الانزلاق نحو الصراع، ويمكن أن يشمل هذا الحوار جميع الأطراف المعنية، مع دعم من المجتمع الدولي للأطراف الصومالية لتسهيل الحوار والوساطة»، وفق المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري.

ويضيف بري لتلك الحلول أيضاً: «الاستثمار في بناء مؤسسات قوية وموثوقة يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار ومنع النزاعات ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تؤدي إلى الاستياء، يمكن أن تسهم في الاستقرار».

ورغم تفاؤل بري، في إمكانية أن يجد خلاف غوبالاند والحكومة الصومالية مسار حل فإنه يرى أن «الوضع بات معقداً في ظل التطورات والتلويح بخطر الحرب الأهلية ويتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال».