ظريف في بغداد لضبط إيقاع مفاوضات تشكيل الحكومة.. ودعم العبادي

أنباء غير مؤكدة عن سحب القيادة الإيرانية الملف العراقي من يد الجنرال سليماني

رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي مستقبلا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي مستقبلا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس (أ.ف.ب)
TT

ظريف في بغداد لضبط إيقاع مفاوضات تشكيل الحكومة.. ودعم العبادي

رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي مستقبلا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي مستقبلا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس (أ.ف.ب)

في وقت تتداول فيه أوساط سياسية عراقية أنباء عن قيام إيران بسحب الملف العراقي من يد قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وإناطة مهمة الإشراف على هذا الملف إلى الجنرال حسين همداني، بحث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بغداد، أمس، ملف تشكيل الحكومة العراقية المقبلة مع عدد من كبار المسؤولين في بغداد، يتقدمهم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، ورئيسا الجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري.
وفي لفتة أثارت الانتباه فإن ظريف أشاد بالجهود التي بذلها المالكي خلال الفترة الماضية، مخاطبا إياه في لقاء جمعهما في المنطقة الخضراء «استطعتم النهوض بالعراق خلال الفترة الماضية، وواجهتم الكثير من التحديات». وأضاف ظريف أن المالكي «واجه الكثير من التحديات للوصول إلى هذه المرحلة». من جانبه، قال المالكي إن «العراق يثمن دور إيران التي دعمته في كل المجالات»، مؤكدا أن «الحكومة العراقية تسعى لتعميق العلاقات بين البلدين».
في السياق نفسه، أكد ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري أن «إيران تحترم خيارات الشعب العراقي»، مؤكدا أنها «تدعم خياراته ومن انتخبه في الانتخابات الأخيرة». وأضاف أن «إيران لم تتدخل في السابق، ولن تتدخل في المستقبل، في خيارات الشعب». وأوضح وزير خارجية إيران أن بلاده «ستدعم حكومة العبادي بنفس المقدار الذي دعمت به حكومة المالكي».
من ناحية ثانية، نفى ظريف وجود أي جندي إيراني في العراق، وقال «لا يوجد أي جندي إيراني في الأراضي العراقية»، مبينا أن «العراق مكتف، وهو ليس بحاجة إلى وجود جنود إيرانيين على أرضه». وأشار ظريف إلى أن «بلاده تقدم الدعم للقوات العراقية في حربها ضد الإرهاب»، موضحا أن هذا الدعم «ليس بالضرورة أن يكون بوجود جنود إيرانيين».
من جانبه، قال زيباري إن «العراق طلب الدعم من خلال الاستشارة والمعلومات»، لافتا إلى أن ذلك أمر طبيعي ويسري في جميع الدول التي تتعرض للخطر». وأكد زيباري أنه «لا يوجد أي نقص في القوات العراقية أو البيشمركة ليطلب العراق الإمداد بالجنود».
والزيارة التي يقوم بها ظريف إلى العراق هي الثانية خلال العام الحالي 2014، والأولى بعد إقصاء المالكي وتكليف العبادي بتشكيل الحكومة. وطبقا للمراقبين السياسيين في بغداد فإن هذه الزيارة تكتسب أهميتها من كونها تجيء في وقت تسربت فيه أنباء عن استبدال قاسم سليماني كمسؤول عن ملف العراق وتكليف حسين همداني خلفا له، بالإضافة إلى ما بات يعرف بالسقوف المرتفعة للسنة والأكراد على صعيد تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وأبلغ مصدر مسؤول «الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن هويته، بأن «زيارة ظريف لها علاقة بأكثر من ملف، منها ما يتعلق بالتطورات الميدانية لا سيما الدخول الأميركي بقوة على خط محاربة (داعش) وهو بات سلاحا ذا حدين بالنسبة لإيران لا سيما أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تعد تعوّل كثيرا على الإدارة الشيعية في إدارة الصراع مع (داعش)، ومنها ما يتعلق بملف تشكيل الحكومة، وهو تحول الآن إلى واحد من الملفات المهمة التي تشغل بال الإيرانيين». ويضيف المصدر المطلع أن «إيران تحاول الآن ضبط إيقاع المفاوضات سواء بين مكونات التحالف الوطني (الشيعي)، التي تشهد خلافات حادة لم يعلن عنها بعد بين ائتلاف دولة القانون والصدريين والمجلس الأعلى، أو مع الكتل الأخرى لا سيما الأكراد والسنة الذين باتوا يبحثون عن ضمانات أكيدة»، مبينا أنه «فات الوقت أمام إيران للضغط على الأكراد بعد أن تحولت الولايات المتحدة الأميركية التي أهملتهم كثيرا إلى حليف قوي لهم الآن». وأشار المصدر المسؤول إلى أن «طهران منزعجة من الضغوط السنية الكردية بدعم أميركي، وبالتالي فإن قبول إيران بتنحي المالكي لا يعني قبولها بأن يكون العبادي رهينة السنة والأكراد، وهي إشارة إلى أن إيران تريد تقديم ما يكفي من دعم للعبادي على أمل أن يكون رجلها المقبل».
وفي وقت لم يتم الإفصاح فيه رسميا عن تغيير مسؤول الملف العراقي قاسم سليماني، فإنه وطبقا لما أكده الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هناك بلا شك استراتيجية أميركية جديدة في العراق والمنطقة بعد تمدد (داعش)، وهي لا تصب في مصلحة إيران، إذ إن التدخل الأميركي صار أقوى بكثير من ذي قبل، يضاف إلى ذلك أن هناك إسنادا أوروبيا للموقف الأميركي». وأشار محيي الدين إلى أن «إيران تدخلت بالعراق حتى عسكريا بعد سقوط الموصل على الرغم من النفي الإيراني، والدليل على ذلك مقتل الطيران الإيراني المتطوع في القتال دفاعا عن العتبات الشيعية المقدسة، وبالتالي فإنها اليوم تشعر بأن سليماني لم يعد قادرا على مواجهة التحديات الجديدة، وربما تعتقد أن سليماني مرتبط بحقبة المالكي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».