«مشروع قانون الناجيات الإيزيديات» أمام البرلمان العراقي

أطفال «داعش»» أعقد بنوده

TT

«مشروع قانون الناجيات الإيزيديات» أمام البرلمان العراقي

أعلن مكتب رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، أمس، أنه أرسل مشروع قانون الناجيات الإيزيديات إلى مجلس النواب لغرض مناقشته وإقراره. ويشمل التشريع المقترح النساء الإيزيديات اللاتي اختطفن من قبل عناصر «داعش» عقب احتلاله أجزاء واسعة من محافظة نينوى وضمنها قضاء «سنجار» ذات الغالبية الإيزيدية في 10 يونيو (حزيران) 2014، وتمكنّ بعد ذلك من الهروب من قبضة التنظيم الإرهابي.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أن «مشروع القانون يهدف إلى تعويض الناجيات مادياً ومعنوياً، وتأهيلهنّ ورعايتهنّ، وتأمين الحياة الكريمة لهنّ، بالإضافة إلى اعتماد الوسائل الكفيلة لدمج الناجيات في المجتمع وإعادة تأهيل البنى التحتية لمناطقهن».
وكشف بيان الرئاسة أنها أرسلت مشروع القانون إلى مجلس النواب في 28 فبراير (شباط) الماضي، ونصّ على تأسيس «مديرية عامة لرعاية شؤون الناجيات» ترتبط بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، «يكون مقرها في محافظة نينوى، تتولى إحصاء وإعداد بيانات الناجيات وتقديم الرعاية اللازمة وتوفير الملاذ الآمن والسكن الملائم لإيوائهن، وإيجاد فرص التحصيل العلمي للناجيات وأبنائهن وتأمين فرص العمل والتشغيل لتمكينهنّ من تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي»، إلى جانب فتح مراكز وعيادات صحية لمعالجتهنّ وتأهيلهنّ من الناحية النفسية والاجتماعية والمهنية.
ورغم ترحيب غالبية الأوساط الإيزيدية في مشروع القانون، يرى باحثون في الشأن الإيزيدي وخبراء في مجال القضاء، أن المادة السابعة من القانون المتعلقة بمعالجة «الأوضاع القانونية للأطفال المولودين من الأمهات الناجيات وفقاً للقانون» من بين أكثر مواد مشروع القانون غموضاً وتعقيداً ومن الصعوبة بمكان معالجتها، خصوصاً أن مادة أخرى من القانون تنص على أن «تسري القوانين النافذة على المولود من ناجية يزيدية». ومعروف أن قوانين الأحوال المدنية المعمول بها في العراق تلحق الطفل القاصر بأمه أو أبيه المسلم ولا تلحقه بغير المسلم، بمعنى أن أطفال الناجيات يلحقون بآبائهم المسلمين من عناصر «داعش».
وتعليقاً على بند الأطفال المولودين، يقول الباحث في الشأن الإيزيدي خلدون سالم النيساني: «ليس في وسعي الإجابة هنا، بل التساؤل فقط، كيف سيعالج مشروع القانون مشكلة، أو ربما كارثة أطفال الناجيات؟».
ومع ذلك، يرى النيساني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مشروع القانون بحد ذاته رائع وجيد رغم تأخر تشريعه، لأنه يسهم في إنصاف شريحة عراقية تعرضت لأقصى درجات الظلم والتنكيل». ويضيف: «السؤال هو كيف سيعالج القانون الأطفال الذين هم لأمهات إيزيديات من عناصر (داعش)؟ فكلنا يعلم أن القانون العراقي يلحق الطفل بأبيه المسلم».
ويشير النيساني إلى أن «القوانين الداخلية لدى الإيزيدية لا تستطيع معالجة نوع كهذا من المشاكل، وفي السابق كان الإيزيديون لا يسمحون بعودة الأطفال والنساء والرجال الذين اختطفتهم جماعات أخرى من المسلمين وغيرهم، لكن الظروف تغيرت اليوم وقد قبلوا بعودة النساء وأطفالهن، لكن ذلك طرح لدينا مشاكل معقدة جداً ويجب أن يجد لها القانون الحلول المناسبة».
ويتفق القاضي رحيم العكيلي مع «الطبيعة المعقدة للبند المتعلق بالأطفال الذين ولدوا من آباء دواعش». ويقول العكيلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «قانون الأحوال الشخصية الذي نقل إلى قانون البطاقة الوطنية الجديد، يعتبر المولود من أب مسلم مسلماً بغض النظر عن ديانة والدته، كذلك يعتبر القاصر مسلماً في حال كان أحد الأبوين مسلماً، بل إنه يعتبر اللقيط ومجهول النسب مسلماً». ويرى أن «تأسيس محكمة بداء في سنجار لمعالجة هذه القضية لن يعالج المشكلة، لأن المحكمة ستخضع للقوانين العراقية النافذة».
ويعتقد العكيلي أن «مأساة الإيزيديين لا تشبه أي مأساة تعرض لها البشر، وعلى المشرعين والقانونيين إيجاد حل حقيقي لهذه المشكلة».
إلى ذلك، رحبت الناشطة الإيزيدية المعروفة فقط باسم هيام، أمس، بخطوة إرسال رئاسة الجمهورية نص قانون الناجيات الإيزيديات إلى مجلس النواب. وقالت هيام، في تصريحات لوسائل إعلام محلية: «كنا ننتظر قانون الناجيات الإيزيديات بفارغ الصبر». وأضافت أن «هذا القانون سيساعدنا على عبور الظروف الصعبة بعيشة المخيمات المتهالكة، وتوفير راتب لنا سيجعلنا نتجاوز ولو جزءاً بسيطاً من المعاناة الكبيرة التي خلفها تنظيم داعش».
ويمنح مشروع القانون الناجية المشمولة بأحكامه راتباً شهرياً لا يقل عن ضعف الحد الأدنى للراتب التقاعدي المنصوص عليه في قانون التقاعد الموحد، فضلاً عن منحها قطعة أرض سكنية أو وحدة سكنية مجاناً استثناءً من أحكام القوانين. كما أجاز مشروع القانون للمشمولة بالعودة إلى الدراسة استثناءً من شرط العمر والمعدل، وتعطى لها الأولوية في التعيين بالوظائف العامة.
كذلك شدد مشروع القانون على «عدم شمول مرتكبي جريمة اختطاف وسبي الإيزيديات بأي عفو عام أو خاص، ولا تسقط عنهم العقوبة المقررة قانوناً وتلتزم الجهات القضائية والإدارية بمتابعة القبض على الفاعلين والشركاء في ارتكاب تلك الجرائم وتطبيق أحكام القانون»، معتبراً أن «الجرائم التي تعرضت لها الناجيات جرائم إبادة جماعية للتعريف بها لدى المحافل والمنظمات الدولية المختصة وإقامة الدعوى الجنائية ضد مرتكبيها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.