ضم «البنك الدولي» والمناقصات للجنة الكهرباء يحقق الاطمئنان للقطاع الخاص

حديث عن تعديلات على الخطة انهت الخلاف

TT

ضم «البنك الدولي» والمناقصات للجنة الكهرباء يحقق الاطمئنان للقطاع الخاص

حسناً فعل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عندما أعطى نفسه فرصة عندما توافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على ترحيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة أول من أمس الجمعة إلى غدٍ الاثنين لعل عامل الوقت يتيح له إجراء المزيد من الاتصالات مع أبرز المكونات السياسية في الحكومة للتوصّل إلى تفاهم من شأنه أن يدفع في اتجاه إقرار خطة الكهرباء التي أعدتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، من دون أن تلقى اعتراضاً في الجلسة قد يُقحم الحكومة في اشتباك سياسي هي في غنى عنه.
فالحريري من خلال ترؤسه اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة خطة الكهرباء، حرص على إخراج هذه الخطة من التجاذبات السياسية وحاول الوصول بالتعاون مع الوزراء الأعضاء في اللجنة إلى اتفاق يأخذ بعين الاعتبار بعض التعديلات التي طُرحت في اجتماعاتها على أن يُدرجها في صلب الخطة.
لكن الاجتماع الأخير للجنة أبقى على نقطة عالقة ما زالت موضع خلاف، وتحديداً بين «التيار الوطني الحر» من جهة وبين حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» وحركة «أمل» و«حزب الله» وتتعلق بالجهة التي تشرف على إجراء المناقصة لإنشاء معامل جديدة لتوليد الكهرباء وإعادة تأهيل المعامل القائمة حالياً.
ومع أنه تقرر إحالة هذه النقطة الخلافية إلى جلسة مجلس الوزراء بغية الاحتكام إليه للنظر في النزاع القائم حولها وتحديداً بين وزيري «القوات» في اللجنة والوزيرة البستاني، فإن بقاء المواقف على حالها وعدم التوصل إلى صيغة تقر بالإجماع في الجلسة، لن يبدّل من واقع الحال ويمكن أن ينتقل الخلاف من اللجنة إلى داخل الحكومة.
ويكمن الخلاف حول المرجعية التي سيوكل إليها الإشراف على إجراء المناقصات في ضوء إصرار الوزيرة البستاني على أن يعود لوزارة الطاقة وضع دفتر الشروط ورفعها إلى اللجنة الوزارية التي يُفترض من وجهة نظرها أن تشرف على تلزيم إنشاء معامل جديدة وتأهيل الموجودة حالياً في مقابل اعتراض معظم الأطراف في اللجنة على اقتراحها ومن بينهم وزيرا «القوات» غسان حاصباني وكميل أبو سليمان.
وتعزو البستاني سبب رفضها ترك أمر التلزيم لإدارة المناقصات إلى أمور عدة منها الروتين الذي يتحكّم بعملها ويعيق الإسراع في إجراء المناقصات وانعدام «الكيمياء السياسية» بينها وبين رئيس الإدارة جان العلية، مع أن الأخير كان عُيّن حديثاً بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية.
وتقول مصادر وزارية إن إحالة الخلاف إلى مجلس الوزراء للنظر فيه تمهيداً ليقرر الخيار الذي سيُعتمد، يعني حكماً أنه في الخيارين لا بد من تمديد القانون 288 الذي يسمح بتجاوز القانون 462 الذي يعطي الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء حق إعطاء تراخيص الإنتاج بعد تحرير القطاع. وترى أن تبرير عدم ترك الإشراف على إجراء المناقضات إلى الإدارة المولجة بها، يعود إلى أن الأخيرة تُشرف على المناقصات العائدة للدولة، وبالتالي لا بد من إيجاد صيغة لتحقيق الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وهذا ما لا يمنح وزارة الطاقة الحصرية في التلزيم حتى لو جاء من خلال اللجنة الوزارية ما لم يتم وضع تشريعات تسمح بمثل هذه الشراكة.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر وزارية أخرى بأن اللجنة الوزارية تمكّنت من إدخال تعديلات على الخطة التي أعدتها البستاني وتقول بأنها ليست تفصيلية أو طفيفة وتتناول الربط بين الحل المؤقت لإنتاج الكهرباء وبين الآخر الدائم، إضافة إلى ربط أي إنتاج جديد بضرورة إعادة تأهيل خطوط النقل وشبكات التوزيع لوقف الهدر التقني.
وتلفت المصادر إلى أنه لا اعتراض على أن تتقدم وزارة الطاقة بدفتر الشروط لتلزيم إنشاء معامل جديدة وتأهيل القائمة، شرط أن تُرفع إلى اللجنة الوزارية للبت فيها. وتؤكد أن هناك أكثر من ضرورة لخفض العجز في قطاع الكهرباء، وبات موضع إلحاح محلي ودولي من خلال المشاركة في مؤتمر «سيدر». وتقول إن الحكومة مجتمعة مضطرة لتسهيل كل ما هو مطلوب من أجل تخفيضه الذي يؤدي إلى خفض خدمة الدين العام.
وتكشف المصادر بأن الرئيس الحريري من وجهة نظر البعض يحرص على مراعاة الوزيرة البستاني في كل ما تطرحه لكن الأمر ليس هكذا، وهو يحاول الوصول باللجنة إلى بر الأمان لجهة عدم ترحيل نقاط الخلاف إلى مجلس الوزراء والعمل ما أمكن لتضييق رقعة الخلاف التي تتيح للحكومة إقرار الخطة لأن عامل الوقت لن يكون لمصلحتها في حال تقرر تمديد البحث في نقاط الخلاف.
وتسأل المصادر، هل سينجح الحريري في مهمته ويرفع إلى مجلس الوزراء خطة معدّلة لقطاع الكهرباء تلقى تأييداً من دون أي تحفّظ؟
وتجيب مصادر مواكبة للمشاورات المفتوحة التي يقوم بها الحريري استعداداً لجلسة مجلس الوزراء بأن الآمال معقودة على هذه المشاورات، فيما يتردد بأن هناك مجموعة من الأفكار يجري التداول فيها، ومن أبرزها طرح صيغة مركّبة لتجاوز نقطة الخلاف الأساسية وتقوم على إشراك إدارة المناقصات وممثل عن البنك الدولي في اللجنة الوزارية التي سيُعهد إليها الإشراف على كل ما يتعلق بإجراء المناقصات والتلزيمات لإنشاء معامل جديدة وتأهيل الحالية منها.
وتعتبر أن مثل هذه الصيغة تدعو لطمأنة المستثمرين في القطاع الخاص الذين ينوون الدخول في شراكة مع القطاع العام وأيضاً الجهات الدولية المانحة التي كانت وراء إنجاح مؤتمر «سيدر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.