500 تونسي يخضعون للإقامة الإجبارية

في إطار استراتيجية مكافحة الإرهاب

TT

500 تونسي يخضعون للإقامة الإجبارية

كشف منذر الشارني عضو المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة حقوقية مستقلة) عن خضوع ما لا يقل عن 500 تونسي للإقامة الإجبارية وعن ارتفاع عدد المشمولين بإجراء الاستشارة قبل العبور أو مغادرة البلاد، المعروف لدى المنظمات الحقوقية بنحو 30 ألف تونسي. يذكر أن عدد التونسيين الخاضعين لنظام الإقامة الإجبارية وفق أرقام رسمية كان في السابق في حدود 135 تونسيا، معظمهم من الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، وقد ارتفع هذا العدد نتيجة عودة نحو ألف إرهابي تونسي من بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق إلى البلاد، وذلك وفق ما أكده مختار بن نصر رئيس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (لجنة حكومية). وانتقد الشارني في تقرير أعدته المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب تحت عنوان «التدابير الاستثنائية لتقييد الحريات أثناء مكافحة الإرهاب»، ما سماه تعسف وزارة الداخلية التونسية في اتخاذ مثل هذه التدابير؛ الأمر الذي خلف آثارا نفسية ومهنية واجتماعية وعائلية سيئة على من طالتهم هذه الإجراءات الأمنية الاستثنائية في إطار استراتيجية محلية لمكافحة الإرهاب وتضييق الخناق على التحاق الشباب التونسي بالتنظيمات الإرهابية. وعلى الرغم من طابعها الاستثنائي، فقد أشارت منظمات حقوقية إلى تعسف أجهزة الأمن التونسية في تطبيق هذه التدابير الأمنية وقدمت شهادات حول وجود لشبهات جدية بشأن الأشخاص وكذلك تعميم تلك التدابير على أقارب المشتبه بهم أو حرمانهم من وثائق السفر، ودعا الشارني وزارة الداخلية إلى إصدار قائمات في بؤر التوتر التي يمنع السفر إليها، وتحذير التونسيين من التوجه لها حتى لا يتم اتخاذ تدابير أمنية ضدهم على حد تعبيره. واعتبر أن وزارة الداخلية تقوم بعملية تعتيم على مثل هذه التدابير التي لا يعلم منها الرأي العام التونسي سوى «س 17» المعروف بـ«الاستشارة قبل العبور أو مغادرة البلاد على حد تعبيره»، مشيرا إلى وجود عدد آخر من التدابير المقيدة للحريات الفردية في تونس وغير المعروفة على غرار «س 1» التي تشمل مراقبة تحركات الأشخاص المشتبه بهم، وإجراء «س» الذي يعتمد لتنفيذ التفتيش الدقيق للأشخاص ومحلات السكنى، علاوة على «س 19»، وهو إجراء أمني خاص بالإرهابيين العائدين من بؤر التوتر. وتبرر السلطات التونسية هذه الإجراءات الأمنية الاستثنائية بضرورة حماية تونس من الهجمات الإرهابية التي كانت حصيلتها دموية خاصة خلال سنتي 2014 و2015. يذكر أن تونس تحتل مراتب أولى على مستوى أعداد الشباب الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية خارج البلاد، وتقدر الأرقام الحكومية الرسمية عددهم بنحو ثلاثة آلاف تونسي يتوزعون بنسبة 70 في المائة في سوريا، و20 في المائة في ليبيا، والبقية موجودة في العراق واليمن ومالي. وفي مقابل هذه الأرقام الرسمية، يرى خبراء مختصون في الجماعات الإرهابية أن العدد المصرح به بعيد عن الواقع ويتوقعون نحو 10 آلاف تونسي في بؤر التوتر المذكورة قضى منهم كثير في المواجهات المسلحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».