مركز حوار الأديان بمصر يدعو لتأسيس علاقات قوية مع الآخر

وثيقة «الأزهر والفاتيكان للأخوة» تبرز سعي العرب إلى السلام

TT

مركز حوار الأديان بمصر يدعو لتأسيس علاقات قوية مع الآخر

دعا مركز حوار الأديان في مصر إلى تأسيس علاقات قوية مع الآخر، ونبذ الحروب والنزاعات والكراهية وأعمال العنف والإرهاب، في حين أكد الأنبا أرميا، الأسقف العام رئيس المركز الثقافي الأرثوذكسي في مصر، أن «وثيقة (الأخوة الإنسانية) للأزهر والفاتيكان مبادرة جديدة يقدّمها العرب عن فكرة التعددية والسعي إلى السلام وتعايش الأديان».
وقال «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف» إن «خطاب الكراهية بين دواعش الشرق والغرب يدقّ ناقوس الخطر، وإن حادث نيوزيلندا الإرهابي يشكّل صيحة تحذير لأصحاب التهم المعلبة التي دأب أهلها على إلصاقها بالإسلام والمسلمين، كي يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكيالين، فليست الجريمة باسم العرق أخف وطأة من الجريمة باسم الدين، وإن التطرف سمة تجذب وتوظف تحت عباءتها كل السياقات والنصوص والاستثناءات التاريخية لتجعلها قاعدة لعملها الإرهابي».
وأشار «المرصد» إلى «ضرورة مواجهة خطابات الكراهية والعنصرية التي تجاوزت الحدود وعبرت القارّات»، موضحاً أن «الخطوات التي مر بها إرهابي نيوزيلندا لتنفيذ جريمته توافق تماماً الخطوات الداعشية، بدءاً من الغضب والأوهام المبنية على قناعات انتقائية، وانتهاء بالقتل عن قناعة، يصاحبها سعادة وشعور - متوهم - بالبطولة».
ونظم مركز حوار الأديان التابع للأزهر، الليلة قبل الماضية، ندوة في معرض الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته الخامسة عشرة حول وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التي وقّعها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، فبراير (شباط) الماضي.
ويرى مراقبون أن «الوثيقة تشكّل إحدى أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية، والأهم في تاريخ علاقة الأزهر والفاتيكان، وهي نتاج جهد مشترك وعمل مخلص استمر أكثر من عام ونصف العام، وترسم للبشرية خريطة طريق نحو عالم مليء بالتسامح والمحبة والإخاء، بعيداً عن الحروب والنزاعات والكراهية».
وقال الدكتور كمال بريقع، منسق مركز حوار الأديان بالأزهر، إن «تاريخ العلاقة بين الأزهر والفاتيكان يرجع لأكثر من 70 عاماً، وتوقيع الوثيقة يمثل رسالة تاريخية للعالم أجمع لنشر مبادئ السلام بين جميع البشر، والتأكيد على فكرة الحوار الذي يحترم الذات والآخر، وتأسيس علاقات قوية مع المختلفين في الفكر أو المنهج، وبناء الثقة بينهم، لأن العلاقة بين بني البشر تقوم على أساس الود والاحترام والتقوى والعمل الصالح»، لافتاً إلى أن «الشيخ محمد مصطفى المراغي، شيخ الأزهر الراحل، تبنى خلال مشاركته في (مؤتمر الأديان العالمي) في لندن عام 1936 الدعوة إلى اعتماد (الزمالة الإنسانية)، كرابطة تجمع بين البشر على اختلاف أديانهم وأعراقهم»، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من أوجه الشبه بين شيخ الأزهر والبابا فرنسيس، فكلاهما مهموم بآلام البشر ومعاناة المحرومين، ويحمل على عاتقه تحقيق السلم العالمي.
ويختص مركز الحوار بنشر ثقافة الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة، والعمل على قبول الآخر والتعايش المشترك، والتأكيد على القيم الدينية المشتركة، وتعزيز التعاون بين الأزهر والمؤسسات الدينية المختلفة في هذا المجال، وتقديم الدعم لبيت العائلة المصرية في تحقيق أغراضه ورسالته.
من جانبه، أكد الأنبا أرميا أن «الوثيقة تُعتَبر تمثيلاً حقيقياً وتطبيقاً عملياً لمعنى الحرية التي هي أثمن حقوق الإنسان، سواء كانت حرية اختيار أو تفكير، أو حرية في الحياة»، موضحاً أن «كل البشر خُلِقوا من تراب، وحرية الاعتقاد مكفولة للجميع»، مستشهداً بآيات من القرآن ونصوص من الإنجيل كدلائل واضحة ومباشرة تؤكد على أن «كل الديانات تقوم على حرية الاعتقاد، ونشر السلام بين كل البشر دون النظر إلى الدين أو العِرق أو أي نوع من أنواع التمييز»، مضيفاً خلال الندوة أن «أصحاب المصالح هم الذين يسعون لإشعال صراع بين الأديان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.