يزيدُ انتهاء معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة النووية، المبرمة عام 2011 بين روسيا والولايات المتحدة، في فبراير (شباط) 2021، من دون تجديد، من حالة التوتر بين البلدين، خصوصاً بعد أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الانسحاب من «معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى» التي وقعها ميخائيل غورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفياتي، مع الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان عام 1987.
وأجرت مجموعة «سي إن إيه كورب» للأبحاث، وهي مؤسسة غير ربحية، دراسة حول عواقب انتهاء معاهدة «نيو ستارت» من دون تجديد، وإن كان بالإمكان تمديدها لخمس سنوات إن اتفق الجانبان.
وانسحبت الولايات المتحدة من معاهدة «آي إن إف» هذا العام، متهمة روسيا بانتهاكها. وبالتبعية، أعلنت روسيا أيضاً أنها لم تعد تلتزم ببنود المعاهدة التي تم التوقيع عليها عام 1987. وتنتهي المعاهدة في الثاني من أغسطس (آب).
وتكلم غورباتشوف (87 عاماً) في مقال نشرته «نيويورك تايمز» عن الإصلاحات التي نفذها في الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات ومساعيه للحد من التسلح، بما ساهم في إنهاء الحرب الباردة. وقال حول الحرب الباردة: «يجب أن نحجم عن ذلك... ليس فقط عن الحرب الباردة. علينا أن نواصل المسار الذي حددناه. يجب أن نحظر الحرب للأبد. والأهم هو أن نتخلص من الأسلحة النووية». وجاءت تصريحات جورباتشوف بعد أن بدأت الولايات المتحدة لإجراء اختبار على صاروخ يطلق من البر مع قرب انتهاء معاهدة 1987. ومن المرجح أن تثير الخطوة مخاوف جديدة بشأن سباق تسلح. وسيكون من الأصعب على كل من الولايات المتحدة وروسيا استكشاف نوايا كل منهما الأخرى إن انتهت معاهدتهما الوحيدة للحد من الأسلحة النووية المنشورة، مما سيعطي كلاً منهما الحافز لتوسيع ترسانته. هذا ما ورد في دراسة نشرت الاثنين، وأشارت أيضاً إلى أن انقضاء أجل اتفاق «نيو ستارت» قد يقوض الثقة في معاهدة «الحد من انتشار الأسلحة النووية» التي تدعو الدول المسلحة نووياً مثل الولايات المتحدة وروسيا على العمل على نزع السلاح النووي، وقد يؤثر أيضاً على موقف الصين النووي، الذي تمثل على مر السنين في ضبط النفس.
وتتناقش الإدارة الأميركية حول ما إذا كانت ستمدد أجل الاتفاق الذي وصفه الرئيس دونالد ترمب بأنه اتفاق سيئ، وظل مستشاره للأمن القومي جون بولتون يعارضه لفترة طويلة. وقالت روسيا إنها مستعدة لتمديد «نيو ستارت» لكنها تريد أولاً أن تناقش ما تراه انتهاكات من جانب الولايات المتحدة.
وتلزم معاهدة «نيو ستارت»، الولايات المتحدة وروسيا، بخفض رؤوسهما النووية الاستراتيجية المنشورة، بحيث لا تزيد عن 1550 رأساً، وهو أقل مستوى منذ عقود، وبالحد من أنظمة الإطلاق، سواء كانت أنظمة صواريخ على الأرض أو على غواصات أو قاذفات مزودة بأسلحة نووية. وهي تشمل أيضاً إجراءات شفافية شديدة تلزم كل طرف بالسماح للآخر بتنفيذ 10 عمليات تفتيش لمواقع نووية استراتيجية كل عام، والإبلاغ عن خروج الصواريخ الجديدة التي تشملها المعاهدة من مصانعها قبل حدوث ذلك بثماني وأربعين ساعة، والإخطار بأي عملية إطلاق صواريخ باليستية قبل حدوثها. وعلى الجانبين أيضاً الإعلان عن رؤوسهما النووية الاستراتيجية المنشورة ومركبات وأجهزة الإطلاق، بالإضافة إلى عرض تفصيلي عن عدد كل نوع في كل قاعدة. كل هذا مآله الزوال إن انتهى أجل المعاهدة.
وكتب فينس مانزو الخبير بمجموعة «سي إن إيه»، في الدراسة، كما جاء في تقرير «رويترز»، «لن تكون لدى أي بلد الدرجة نفسها من الثقة في قدرته على تقييم مستوى الرؤوس الحربية لدى الآخر بدقة». وبات من المرجح أيضاً أن يخطط كل جانب لكيفية مواجهة أسوأ التصورات المتوقعة. وأضاف مانزو: «انعدام الشفافية المتزايد بين القوى النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية سيظهر في الصورة الأكبر المتمثلة في تزايد انعدام الثقة، واتساع هوة المعرفة بالاستراتيجيات والنوايا». وفي غياب البيانات والمعلومات، ستضطر الولايات المتحدة لإعادة رسم مهام أقمارها الصناعية التي تعمل بكثافة بالفعل، وربما تخصص المزيد لمراقبة روسيا على حساب متابعة الصين وإيران وكوريا الشمالية. وربما كان منع الانتشار النووي العالمي أحد ضحايا انتهاء أمد المعاهدة، إذ ستتشكك الدول غير النووية في أن الولايات المتحدة وروسيا ستظلان تعملان في اتجاه تقييد التسلح النووي بموجب معاهدة «الحد من انتشار الأسلحة النووية»، وفقاً لما جاء في الدراسة.
وفي حين أن من المستحيل التكهن بكيفية رد فعل الصين، التي يقدر عدد ما لديها من رؤوس نووية بنحو 280 رأساً، تورد الدراسة شواهد يمكن أن تدفعها لتوسيع قدراتها في حالة انتهاء «نيو ستارت». ففي غياب معاهدة تحد من القوى النووية لدى الولايات المتحدة وروسيا، يمكن أن يكون تقدير الصين لترسانتيهما مبالغاً فيه. وعدم وضع ضوابط للقوى الأميركية والروسية قد يعزز أيضاً أصواتاً في الصين ترى أن وجود ترسانة ضخمة أمر ذو دلالة مهمة، وكذلك أصواتاً تؤيد بالفعل وجود المزيد من الأسلحة النووية.
وتوصي الدراسة، الولايات المتحدة وروسيا، باتخاذ خطوات لتخفيف أثر انتهاء المعاهدة، من بينها الالتزام طوعاً بالقيود التي تنص عليها ومواصلة المشاركة في البيانات والمعلومات. كما توصي بأن تقترح واشنطن تبادل المعلومات الخاصة بالأسلحة النووية بشكل سنوي وفتح حوار مع الصين.
احتمال عدم تجديد معاهدة «نيو ستارت» يزيد التوتر الأميركي ـ الروسي
نهايتها قد تدفع واشنطن وموسكو لمزيد من التسلح... وتوسيع قدرات الصين النووية
احتمال عدم تجديد معاهدة «نيو ستارت» يزيد التوتر الأميركي ـ الروسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة