يعتقد طارق عسيري المؤسس والشريك لـ«بوابة أرقام المالية» أن البيانات البديلة قد تكون المخرج المناسب للتحديات التي تواجهها وسائل الإعلام حالياً، خصوصاً تحديات الموارد المالية.
وتمثل البيانات البديلة نوعاً من أنواع البيانات التي لم يكن لها وجود قبل سنوات، وأحدثت ثورة في عدد من القطاعات المالية، والتمويلية، والرعاية الصحية، والإعلانات، بحسب عسيري، الذي أكد أن مختلف الجهات الإعلامية في طريقها حالياً للاستفادة منها، لا سيما أنها تختلف عن البيانات التقليدية التي كان يتم الحصول عليها بالطرق الشائعة، حيث وُجِدت البيانات البديلة مع ثورة التكنولوجيا والهاتف الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي، ويتم الحصول عليها وتجميعها وتحليلها واستخلاص نتائج ومؤشرات مهمة منها على أصعدة كثيرة.
وأكد أن لدى موقع «أرقام» مثالاً متقدماً وواضحاً للبيانات البديلة في القطاع الإعلامي، إذ كان سبّاقاً في هذا المجال. وتابع: «لدى (أرقام) مجموعة من البيانات البديلة تم بذل مجهودات كبيرة في تجميعها وتنسيقها وتحليلها ودمجها وربطها وتوفيرها منتجات على هذا الموقع، كالمعلومات التفصيلية حول المشاريع، ومعلومات أسعار المواد البتروكيماوية التي يصعب الحصول على أسعارها رغم إنتاجها في دول الخليج وتولّت (أرقام) توفيرها، ومعلومات أسعار بعض المواد التي تؤثر على أسعار بعض الشركات».
وكان عسيري استعرض، خلال جلسة نقاشية، بعنوان «المحتوى المدفوع والبيانات البديلة»، ضمن فعاليات منتدى الإعلام العربي الذي أقيم في دبي أخيراً، المحتوى الإعلامي المدفوع، والبيانات البديلة وأهميتها، ودور وموقف وسائل الإعلام حيالها.
وتطرق إلى أن البيانات البديلة تُعتبر أحد الخيارات المتاحة أمام وسائل الإعلام، لتوفير دخل جديد أمام التغيرات الحاصلة في القطاع من ناحية التكنولوجيا والإعلان، حيث تُعتبر الإعلانات والرعاية المصدر الرئيسي التقليدي للدخل لدى وسائل الإعلام، وتواجه تحدياً مع مرور الوقت.
وركّز المؤسس والشريك لـ«بوابة أرقام المالية» على أن البيانات البديلة ليست جديدة، حيث يتم استخدامها في مجالات عدة، منها الرعاية الصحية والشحن والمالية والتسويق وغيرها، لكن المتأخر في هذا المجال هو وسائل الإعلام.
وأورد عسيري مقارنة في المجال المالي بين المصادر التقليدية للبيانات المالية التي تشمل قواعد البيانات الحكومية والخاصة، والقوائم المالية التفصيلية للشركات، وتقارير مجالس الإدارة المطولة للشركات، والإحصاءات والتقارير الدورية، وغيرها، من جهة، والمصادر التي توفرها البيانات البديلة مثل حركات ومعاملات البيع والشراء من خلال البطاقات الائتمانية، التي ترصد سلوك المشترين والمستهلكين، وفي أي اتجاهات يتم إنفاق الأموال وتحديد المستهدفات من خلال رصدها، من جهة أخرى.
وقال إن هناك أيضاً إيصالات الشراء المرسلة عبر البريد الإلكتروني، وإيصالات الشحنات والطرود البريدية، التي تعطي صورة واضحة للاقتصاد العالمي، ومراقبة حركة تغيُّر الأسعار للمنتجات والخدمات، وتتبع حركة الطيران، وعدد تحميل تطبيق ما، وتتبع حركة السياحة عبر الإنترنت، ومراجعة وتقييم المنتجات وأسعارها عبر الإنترنت وغيرها، وهو ما يوفر كمّاً هائلاً من البيانات البديلة، ويعطي صورة شاملة عن أحوال مختلف القطاعات، كالاقتصاد والسياحة والتجارة وغيرها، مشيراً إلى أن هذه البيانات تساعد أيضاً على التنبؤ المسبق، وهذه من الفروق بين البيانات العادية والبيانات البديلة. وذكر عسيري أن من القطاعات التي تستخدم هذه البيانات البديلة، الحكومات، لرسم سياساتها، وحماية البيئة وتعزيز تخطيطها العمراني، والتعرف على شبكة طرقها، وهو ما تتيحه صور الأقمار الاصطناعية.
وأشار إلى أن القطاع المالي القائد الأكبر في البيانات البديلة، حيث يسعى المستثمرون ومديرو الصناديق للبحث عن معلومات تسمح لهم بالتفوق الذي يعشقونه، ويمنحهم ميزة تنافسية.
ولفت إلى أن القطاع الصحي من القطاعات التي تستخدم البيانات البديلة أيضاً، حيث تستفيد شركات الأدوية ومراكز الأبحاث من سيل المعلومات الواردة التي توفرها الساعات الرقمية الرياضية، كما أن قطاع الطاقة تعتمد شركاته على تحليل البيانات لمئات الصور للطبقات الجيولوجية في حفر الآبار والتنقيب عن الغاز والنفط.
وبيّن أن قطاع الشحن والنقل يعتمد على تحليل البيانات لتنقل العملاء ومعرفة ساعات الذروة لتحديد أسعارها، كما يمكن استخدام البيانات البديلة في قطاع السياحة والسفر إذ تستفيد شركات السفر على الإنترنت من معلومات المسافرين وأذواقهم، وتتنبأ بتوجهاتهم السياحية نتيجة استفادتها من البيانات البديلة.
واعتبر أن قطاع الإعلام متأخر في تبني البيانات البديلة، رغم أن لديه أكبر وأقدم كمية معلومات، وتتنوع هذه المعلومات بين النصّ والصورة والفيديو والأرقام وغيرها، لكن جهود استخلاص البيانات البديلة وصياغتها كمنتجات غير متوفرة بشكل جيد حالياً، إذ إن لدى كل وسيلة إعلامية كنزاً من المعلومات، لكنه مهجور، على حد وصفه. وأضاف أن هناك خطوات ضرورية لإيجاد البيانات في المؤسسات الإعلامية، وهي تحديد مصادر المعلومات والبيانات الخام التي لا تتوفر في أماكن أخرى، وتجميع المعلومات بالقدر الكافي، وإيجاد طرق آلية لمعالجة المعلومات وتنظيمها، ودمج المعلومات المجمعة مع مصادر أخرى لإيجاد قيمة مضافة، وتقديم تحليل ودراسة للمعلومات والبيانات، وتصدير البيانات من خلال منصات «ABI».
وفيما يخص منصات «API» نوه عسيري بأنها تتمثل في مشاركة وجمع المعلومات المتوفرة لدى الوسيلة الإعلامية مع وسيلة إعلامية أخرى ينتج عنها فائدة أكبر، بحيث يكون لدى كل منصة إعلامية «API» يتم استقاء المعلومات منها من الجمهور، سواء بشكل مجاني أو مدفوع. وعن تحديات المحتوى المدفوع والبيانات البديلة، أوضح طارق عسيري أنها تكمن في صعوبة إيجاد متخصصين في المجال، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية، ورفع كفاءة العاملين، إضافة إلى إيجاد استراتيجية طويلة المدى.
وأفاد بأن حماية معلومات البيانات البديلة أمر لا يمكن التأكيد عليه، خصوصاً أنه لا يوجد إطار تنظيمي لحمايتها، وأن مواقع التواصل الاجتماعي التي تتوفر على منصاتها بيانات كثيرة لا يمكن مراقبتها، نظراً لأن مفهوم إيجاد أطر منظمة وحاكمة لمراقبة هذه البيانات جاء متأخراً، ولم يواكب انطلاق هذه المنصات.
ودعا وسائل الإعلام والمهتمين إلى الاستفادة من هذه البيانات وبذل الجهود لإعادة صياغتها وتقديمها بالشكل المناسب. يُذكر أن بوابة «أرقام المالية» تحتفل هذا العام بالذكرى الثانية عشرة لتأسيسها.
مؤسس «أرقام»: البيانات البديلة مخرج مناسب لتحديات وسائل الإعلام
طارق عسيري أكد إمكانية استخدامها في قطاعات عدة
مؤسس «أرقام»: البيانات البديلة مخرج مناسب لتحديات وسائل الإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة