الوزيرة البستاني تشترط الموافقة على خطتها لحل أزمة الكهرباء

الخلاف يُهدد بتجدد الاشتباك السياسي مع «التيار الوطني»

TT

الوزيرة البستاني تشترط الموافقة على خطتها لحل أزمة الكهرباء

بدأ الاشتباك السياسي حول ملف الكهرباء يرتفع تدريجياً مع استعداد اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، المكلفة دراسة الخطة التي أعدتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، لمعاودة اجتماعها لعلها تتوصل إلى توافق يؤدي إلى ردم الهوّة التي ظهرت في اجتماعها الأول بسبب الانقسام بين أعضائها.
والاشتباك السياسي بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والوزيرة ندى البستاني، هو عيّنة لأجواء الخلاف داخل اللجنة لأن ما قاله الأول حول ملف الكهرباء يلقى تأييداً من أطراف أخرى حتى لو لم تبادر إلى إعلان ذلك.
وتكمن أسباب الخلاف في الخطة التي أعدتها البستاني في أن الأخيرة تصر على اتهام مَن لا يؤيدها بأنه يعيق إقرارها، وبالتالي فهي تعتبر أن السياسة الكهربائية التي اتبعها «التيار الوطني الحر» منذ أن تعاقب الوزراء المنتمون إليه على تسلّم حقيبة الطاقة بدءاً من عام 2010، كانت وما زالت صائبة وأن مَن يعترض على خطة الكهرباء هو من أعاق إنشاء المعامل لتوليد الطاقة كحل دائم يؤدي إلى الاستغناء عن استئجار البواخر لتأمين بعض النقص في التغذية بالتيار الكهربائي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية أن الوزيرة البستاني، ومن خلالها «التيار الوطني» الذي تنتمي إليه، تقدّمت أخيراً بعرض تعتقد أنه سيسهم في التغلّب على نقاط الخلاف. وكشفت المصادر الوزارية أن البستاني تشترط في عرضها الجديد أن يُصار أولاً إلى الموافقة على خطة الكهرباء التي أعدتها، على أن تتبعها إعادة تشكيل مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان.
ولفتت أيضاً إلى أن البستاني تشترط ترحيل موافقتها على تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء إلى ما بعد تعديل قانون الكهرباء. وهذا يلقى معارضة من معظم الأطراف في الحكومة وفي اللجنة الوزارية لأن هذا العرض في حاجة إلى ضمانة لقطع الطريق على احتمال التلكؤ في تعديله.
ورأت المصادر أن خطة الكهرباء المقترحة من «التيار الوطني» لن ترى النور ما لم يتأمن التلازم بين إقرارها وبين إعادة تشكيل مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، خصوصاً أن الحكومة التزمت أمام مؤتمر «سيدر» بتشكيلها كبند أساسي لإصلاح هذا القطاع وخفض العجز فيه الذي يكبّد خزينة الدولة أكثر من مليار و700 مليون دولار سنوياً.
وسألت: كيف يمكن تأمين الربط بين الحل الموقت والآخر الدائم، ما دام هناك مَن يؤخر إعادة انتظام العمل في مؤسسة كهرباء لبنان وتعيين الهيئة الناظمة؟ وهل يعني هذا التأخير أن هناك من يريد أن يطلق يد البستاني ومن يساعدها من خبراء وفنيين في إدارة قطاع الكهرباء وإلا ما الجدوى من هذا التأخير المدروس؟
كما أن الربط بين الحل الموقت والآخر الدائم يبقى حبراً على ورق لأنه ما الفائدة من إنشاء معامل جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة أكثر من 1300 ميغاوات ما لم تكن متلازمة مع إعادة تأهيل خطوط النقل وشبكات التوزيع كأساس لوقف الهدر التقني؟
وقالت المصادر الوزارية إنه سبق للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن أحضرت معها في زيارتها لبيروت رئيس شركة «سيمنز» الذي أبدى استعداده لإنجاز دراسة كاملة حول قطاع الكهرباء من شأنها أن تشكّل خريطة طريق لإصلاحه تدريجياً، خصوصاً أنه ركّز على ضرورة وقف الهدر التقني.
ومع أنه لم يقدّم عرضاً مكتوباً فإن مجرد استعداده لمساعدة لبنان لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، يشكّل بداية -كما تقول المصادر الوزارية- لوضعه على سكة إصلاحه. ناهيك بأن البستاني تحاول الالتفاف على دور إدارة المناقصات في استدراج العروض لإنشاء معامل جديدة تمهيداً لتلزيمها، وهي تقترح بأن تُناط هذه المهمة باللجنة الوزارية، لكن للآخرين رأيهم أن تتولى اللجنة وضع دفتر الشروط على أن يكون التلزيم محصوراً بإدارة المناقصات.
كما أن الاستملاكات للأراضي التي ستقام عليها المعامل الجديدة، ومنها معمل سلعاتا، يمكن أن تثير جدلاً حول المبالغ التي يتوجب على الدولة دفعها لأصحاب هذه العقارات وهذا يتطلب تشكيل لجنة حيادية تتولى تحديد الأسعار لتبديد الشكوك.
لذلك فإن جعجع ليس وحيداً في معركته لإدخال إصلاحات أساسية على خطة الكهرباء بغية تنقيتها من الشوائب، ومن يظن أنه سيبقى وحده سرعان ما سيكتشف مع انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الوزارية أن هناك من يشاركه في رأيه.
وعليه تقول المصادر الوزارية إن البستاني لن تحيد عن الأفكار التي سبق لأسلافها في وزارة الطاقة أن طرحوها، مع فارق يعود إلى أنها تتحدث -حسب قطب نيابي- بدبلوماسية هادئة خلافاً للآخرين الذين شغلوا هذه الوزارة.

كما أن البستاني التي تعاملت مع موقف «القوات» حيال خطة الكهرباء على أنه يحمل أفكاراً هدّامة، تريد تمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن السياسة الكهربائية لـ«التيار الوطني» كانت وما زالت على حق منذ أن شغل حقيبة الطاقة في 2010.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».