تونس: حزب قومي يدعو المعارضة إلى النزول بمرشح وحيد في انتخابات الرئاسة

TT

تونس: حزب قومي يدعو المعارضة إلى النزول بمرشح وحيد في انتخابات الرئاسة

دعا حزب «حركة الشعب» إلى التقدم بمرشح وحيد يمثّل أحزاب المعارضة التونسية في الانتخابات الرئاسيّة المقررة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وعبّر الحزب، المنتمي إلى التيار القومي، عن استعداده للحوار مع كل القوى الوطنية والاجتماعية لمواجهة المنافسة القوية من أحزاب اليمين، ومعظمها أحزاب ليبرالية، لضمان حظوظ أوفر لقوى المعارضة وضمان عدم تشتت أصواتها على أكثر من مرشح.
وحض الحزب «كل القوى الوطنية والاجتماعية» على «العمل المشترك لتوفير مناخ انتخابي تتساوى فيه الفرص بين جميع الأطراف السياسية»، مذكّراً بضرورة التصدي «للمال السياسي الفاسد» و«الإعلام الموجّه» وشركات سبر الآراء التي «تفتقد إلى الشفافية والنزاهة»، بحسب رأيه، علاوة على الكشف عن ملابسات وتفاصيل ما يُعرف في تونس بـ«الجهاز السري» لحركة «النهضة» ومن يقف وراء الاغتيالات السياسية التي حصلت في البلاد، وتحديداً خلال العام 2013 الذي شهد قتل زعيمين من زعماء التيار القومي.
وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي رئيس «حركة الشعب» لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب السياسية التي تداولت على إدارة شؤون البلاد منذ سنة 2011 فشلت في أعمالها وكانت وراء تعميق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس. وحمّل الحكومة التي سماها «حكومة الشاهد - النهضة»، في إشارة إلى التحالف بين يوسف الشاهد والحركة الإسلامية، مسؤولية ما تعيشه البلاد من ترد على كل المستويات وفي كل القطاعات، على حد تعبيره. ونبّه المغزاوي رئيس الحكومة من عواقب محاولة استغلال الإدارة والإعلام لصالح حزبه (حركة تحيا تونس) ولصالح ائتلافه الحاكم قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وبشأن مدى استعداد «حركة الشعب» وبقية أحزاب المعارضة لتقديم البديل السياسي للناخبين التونسيين، قال المغزاوي إن حزبه نجح في تركيز هياكل سياسية على المستويين الجهوي والمحلي، ويسعى أيضاً إلى ترسيخ وجوده أكثر في محيطه ويعمل على التوسع والانتشار والاستعداد على كافة الصعد لخوض الانتخابات المقبلة في أحسن الظّروف. واعتبر أن مفتاح النجاح في الانتخابات المقبلة هو الإقبال بكثافة من الناخبين على تسجيل أنفسهم في قوائم الاقتراع وتفادي ظاهرة العزوف التي تستفيد منها أحزاب الائتلاف الحاكم، بحسب رأيه، ومن ثم «ممارسة الحق في اختيار الأطراف المؤهلة حقاً لإدارة الشأن الوطني».
يذكر أن عدد الشخصيات السياسية التونسية التي عبّرت عن نيتها الترشح والمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة أو طُرح اسمها من بين الأسماء المرشحة بلغ 23 على الأقل، من بينهم الباجي قائد السبسي الرئيس التونسي الحالي، وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، والمنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، وحمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية السابق، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالية، علاوة على عدد آخر من الشخصيات السياسية المختلفة الانتماءات. ويبلغ عدد الأحزاب السياسية في تونس قرابة 216 حزباً، لكن يُتوقع أن ينحصر السباق بين عدد قليل منها قد لا يزيد على خمسة بينها «النهضة» بزعامة الغنوشي و«النداء» بزعامة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، و«حركة تحيا تونس» المنسوبة إلى يوسف الشاهد، وبدرجة أقل تحالف «الجبهة الشعبية» الذي يتزعمه حمة الهمامي (تمثّل «حركة الشعب» أحد مكوناته)، إلى جانب «حراك تونس الإرادة» الذي أسسه ويتزعمه المنصف المرزوقي الرئيس السابق.
على صعيد آخر، أصدرت أمس «هيئة الحقيقة والكرامة»، وهي الهيئة الدستورية المكلفة بمسار العدالة الانتقالية في تونس، تقريرها الختامي وعرضت من خلاله حصيلة نحو خمس سنوات من عملها بكامل تفاصيله. وأكدت أنها وفّرت مبلغ 745 مليون دينار تونسي (نحو 248 مليون دولار) على خزينة الدولة التونسية عن طريق آلية التحكيم والمصالحة التي طالت عدداً من رموز النظام السابق من بينهم سليم شيبوب صهر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وأشارت الهيئة في تقريرها الختامي إلى عدد كبير من الصعوبات التي رافقت عملها من بينها ضعف الاعتمادات المالية وصعوبة تنفيذ البرنامج نتيجة قلة الموارد وذهاب معظم الاعتمادات لتسديد أجور الموظفين الذين بلغ عددهم 635 شخصاً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.