تأهب إسرائيلي على الحدود مع سوريا ولبنان

تحسباً لاحتجاجات ضد {وثيقة الجولان}

TT

تأهب إسرائيلي على الحدود مع سوريا ولبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، ابتداء من أمس الاثنين، «حالة تأهب قتالي» في مناطق الحدود الشمالية بشكل عام، وفي محيط البلدات العربية الخمس في مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وقد جاء ذلك قبل اندلاع التوتر الجديد مع قطاع غزة، بسبب التحسب من ردود فعل عنيفة على توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وثيقة تعترف بـ«السيادة الإسرائيلية» على الجولان السوري المحتل.
وأفادت مصادر عسكرية بأن الجيش أطلق بالتعاون مع وحدات الشرطة استعداداته لمواجهة «أعمال عنف» ومسيرات احتجاجية محتملة من سوريا ولبنان، نحو الحدود الشمالية مع إسرائيل. وأوضحت أن قيادة الجيش نشرت قناصين على طول الحدود مع سوريا، وأمرت قواتها باتخاذ «إجراءات أمنية» مشددة في المنطقة، مضيفة أن الوحدات المنتشرة على طول المنطقة تسلمت معدات لفض مظاهرات احتجاجية محتملة، بما في ذلك قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وفي غضون ذلك، قال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب: «إننا نستعد لاحتمال اندلاع توتر شمال مرتفعات الجولان».
واتخذت قوات الاحتلال هذه الإجراءات بعد أن أعلنت القيادات العربية السورية في الجانب المحتل للجولان نيتها الاستمرار في تنظيم المسيرات الاحتجاجية، التي انطلقت منذ يوم الجمعة الماضي، في بلدة مجدل شمس احتجاجاً على الاعتراف الأميركي، والتي تقابلها مظاهرات على الطرف السوري المحرر من الجولان، جنوبي محافظة القنيطرة.
وتنتشر القوات الإسرائيلية حول 33 مستعمرة يهودية أقيمت في الجولان منذ احتلاله عام 1967، يقطنها نحو 25 ألف نسمة، علماً بأن 60 في المائة من أراضي الجولان المحتل، تستخدم للقواعد العسكرية ومناطق تدريب وحقول ألغام. كما تنتشر قوات أخرى على الحدود مع لبنان للغرض نفسه. وتفرز قوات قمع أخرى حول القرى السورية داخل الجولان المحتل: مجدل شمس، وعين قنيا، ومسعدة، وبقعاثا، والغجر.
المعروف أن إسرائيل كانت قد سنت قانوناً في عام 1981 بضم الجولان وإخضاعه للسيادة الإسرائيلية؛ لكن أهالي الجولان السوريين رفضوا هذا الضم، وأعلنوا إضراباً دام 6 شهور سادت خلاله حالة مقاطعة تامة لإسرائيل، وفرضوا الحرمان على كل من أغرته إسرائيل ومنحته الجنسية الإسرائيلية، فمنعوا أي اتصال أو تواصل معه. وقد قمعت إسرائيل الإضراب بالقوة. وعلى الرغم من هذا القانون، فقد تفاوضت حكومات إسرائيل برئاسة إسحاق رابين وشيمعون بيريس وبنيامين نتنياهو وإيهود أولمرت، مع سوريا، حول الانسحاب من الجولان. وفي عهد أولمرت، توصلت سوريا إلى اتفاق مع إسرائيل على السلام مقابل الانسحاب، على أن تستأجر إسرائيل الجولان لخمس عشرة سنة؛ لكن الولايات المتحدة منعت توقيع الاتفاق، بدعوى أنه يتعارض مع مصالحها. وقد ووجهت الحكومة يومها بالنقد من المعارضة اليسارية، التي اعتبرت الرفض الأميركي بمثابة دفع إسرائيل إلى الحرب وخسارة خيرة شبابها، فقط لإرضاء الإدارة الأميركية.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».