إحباط دولي تجاه الحل اليمني بعد 4 أعوام من المراوغات الحوثية

TT

إحباط دولي تجاه الحل اليمني بعد 4 أعوام من المراوغات الحوثية

حلّت أمس الذكرى الرابعة لبدء «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» التي أطلقها تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، وسط شعور دولي بالإحباط جراء مراوغات الجماعة الحوثية وعدم تنفيذها لأي اتفاقات أو إبدائها رغبة في تحقيق السلام.
ونتيجة لهذه المراوغات الحوثية يؤكد ماثيو تولر سفير الولايات المتحدة لدى اليمن أن السؤال المطروح اليوم هو: كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يثق بأن ينفذ الحوثيون الاتفاقات؟ وهل يسعون فعلاً لخدمة الشعب اليمني أم ينفذون أجندات جهات أخرى تعمل على إضعاف الدولة اليمنية؟
تولر الذي لم يخف «إحباط» بلاده الشديد لما وصفه بالمماطلات الحوثية في تنفيذ الاتفاقات، أكد في زيارته الأخيرة للعاصمة المؤقتة عدن أنه لم يفقد الأمل في إمكانية تنفيذ هذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها في استوكهولم بالسويد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
الإحباط الأميركي من المراوغات الحوثية لم يكن الوحيد، فقد أبدى وزير الخارجية البريطاني جيرمي هنت مخاوفه من عودة الأوضاع في اليمن إلى حرب شاملة بسبب عدم تنفيذ الاتفاق بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية. وقال هنت عقب زيارة مفاجئة هي الأولى لوزير خارجية غربي للعاصمة المؤقتة عدن منذ اندلاع النزاع في 2015: «نحن الآن أمام الفرصة الأخيرة لعملية استوكهولم للسلام، وكان من المفترض تطهير ميناء الحديدة من الميليشيات، ووضعه تحت سيطرة محايدة بحلول بداية يناير (كانون الثاني) 2019». وحذر هنت الذي شارك شخصياً في مشاورات استوكهولم بقوله: «من الممكن أن تموت العملية في غضون أسابيع، إذا لم نحاول دفع الجانبين للالتزام بتعهداتهما في استوكهولم». وتابع: «بعد 4 سنوات من القتال المرير، الإقدام على المخاطرة أمر ضروري دوماً في بداية أي عملية للسلام». ووصف ياسين سعيد نعمان سفير اليمن في لندن زيارة جيرمي هنت المفاجئة إلى عدن بأنها «مؤشر على أن المراوغات الحوثية بالحديث عن السلام لإطالة أمد الحرب لم تعد مقبولة لدى الجهد الدولي لإنهاء الحرب بإنهاء أسبابها». وفي مؤشر آخر على تغير الموقف الدولي ونفاد صبره جراء مراوغات الحوثيين وعدم التزامهم بتنفيذ الاتفاقات، قام السفير الروسي لدى اليمن فلاديمير ديدوشكين بزيارة للعاصمة المؤقتة عدن، معلناً أنه بحث مع الحكومة الشرعية إعادة فتح القنصلية الروسية في عدن بعد تطبيع الأوضاع وتحسن الوضع الأمني.
الالتفاف الحوثي على الاتفاقات والتعهدات له تاريخ حافل في اليمن، خلال ست حروب خاضها الجيش اليمني ضد هذه الجماعة الإرهابية إبان النظام السابق بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح منذ العام 2004 وحتى 2009 لم يلتزم الحوثيون بأي اتفاق وقعوا عليه.
كما استمرت الميليشيات في نقض التعهدات حتى بعد اجتياح العاصمة صنعاء عندما وقعت مع جميع الأطراف اليمنية اتفاق السلم والشراكة الذي منحها دخول الرئاسة اليمنية وعدة وزارات، إلا أنها لم تلبث أن اتجهت نحو باب المندب الاستراتيجي في الجنوب مباشرة عقب الاتفاق، وحاولت اغتيال الرئيس بقصر المعاشيق في عدن.
وطبعاً لا يزال التعنت الحوثي مستمراً هذه الأيام في تنفيذ اتفاق الحديدة الذي أبرم في استوكهولم في ديسمبر الماضي. ويرى راجح بادي المتحدث باسم الحكومة الشرعية أن «الإيجابية الوحيدة لاتفاق الحديدة هو وصول الكثير من الدول الغربية إلى قناعة كاملة بأن هذه الميليشيات الحوثية غير جادة نهائياً في تنفيذ اتفاق السلام أو الاتفاقات الأخرى التي يتم توقيعها معها». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إحباطاً واضحاً لدى الكثير من الدول نتيجة مراوغات الميليشيات الحوثية وتهربها من تنفيذ اتفاق الحديدة. وكان لدى الدول قناعة أن تتاح فرص للسلام لكن الميليشيات أثبتت أنها حركة مسلحة لا تؤمن بالسلام ولا الحوار، ولا الوفاء بتعهداتها». ويقول بادي أيضاً: «يوماً بعد يوم، نرى تغيراً في المواقف، هنالك دول كانت تقف على الحياد، وأخرى لديها تصورات غير صحيحة عن الميليشيات، اليوم الصورة أصبحت أكثر وضوحاً، والإحباط يتسع من تصرفات الميليشيات». وبعد أربع سنوات من بدء «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، يقول المتحدث باسم الحكومة اليمنية: «لو لم تكن (عاصفة الحزم) والقرار الشجاع والتاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لكان اليمن اليوم قنبلة إيرانية موقوتة في المنطقة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».