نتنياهو يصل إلى واشنطن لتحصيل الهدايا الانتخابية

الاستثمارات الصينية في إسرائيل ستكون حاضرة في اللقاء مع ترمب

TT

نتنياهو يصل إلى واشنطن لتحصيل الهدايا الانتخابية

وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء أمس (الأحد)، إلى الولايات المتحدة الأميركية، في زيارة غير مسبوقة من حيث الأهداف والمضمون.
وعلى الرغم من إعلانه أنه جاء ليشكر الرئيس دونالد ترمب على «اعتراف إدارته بـ(السيادة الإسرائيلية) على الجولان ومناقشة العدوانية الإيرانية في المنطقة، ومحاولات إيران التموضع عسكرياً في سوريا، وكيفية منع إيران من حيازة سلاح نووي، بالإضافة إلى توثيق التعاون العسكري والاستخباراتي بين تل أبيب وواشنطن»، فإن المراقبين يرونها «زيارة انتخابية بامتياز»، يريد العودة منها بهدايا تعينه على مواجهة خطر سقوطه في الانتخابات المقبلة.
ويتوقع نتنياهو «رزمة هدايا»؛ أولها في حصول الزيارة نفسها، وما يتوقع أن يرافقها من «استقبال ملوكي حافل ومدائح يغدقها كل منهما على الآخر»، و«إبراز المستوى العالي من التفاهمات بينه وبين ترمب في مختلف القضايا الدولية والإقليمية»، ثم الاعتراف بضم الجولان السوري المحتل، حيث يتوقع نتنياهو أن يحظى بقرار رسمي من الرئيس الأميركي.
ولا يكتفي نتنياهو بذلك، فطلب أن يعود إلى إسرائيل في ختام الزيارة، ومعه الجاسوس جونتان بولارد، الذي كان قد أمضى 30 سنة في السجن بسبب تجسسه لصالح إسرائيل عندما كان يعمل في مؤسسة أمنية حساسة. ففي إسرائيل يتعاطفون مع بولارد، الذي بات مسناً ومصاباً بعدة أمراض، ويريد أن يمضي بقية عمره في إسرائيل، لكن رؤساء الولايات المتحدة السابقين رفضوا إصدار عفو عنه، لأنهم يعتبرون تصرفه خطيراً جداً، ويرفضون التساهل.
وفي حينه، مع محاكمة بولارد، قررت وزارة الداخلية الأميركية حظر دخول الوزير الإسرائيلي رافي++= إيتان إلى الولايات المتحدة، لكونه قائد الموساد الذي جنّد بولارد جاسوساً. ويوم أمس، توفي إيتان في تل أبيب عن عمر يناهز 92 عاماً. وسيحاول نتنياهو إقناع ترمب بأنه بوفاة إيتان يجب طي ملف بولارد، وفتح صفحة جديدة في الموضوع.
المعروف أن نتنياهو استغلّ مؤتمر اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة (لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية «أيباك»)، ليقوم بهذه الزيارة الانتخابية. ففي صبيحة يوم غد (الثلاثاء)، سيلقي خطاباً أمام 20 ألف شخص، هم مندوبو المؤتمر السنوي. وقد حاول قادة «أيباك» الموازنة بين الأحزاب السياسية المتنافسة، فدعوا، إضافة إلى نتنياهو، منافسيه بيني غانتس ويائير لبيد وغيرهما من المعارضة. وهم لا يخفون امتعاضهم من سياسة نتنياهو، المتحيزة للتيار الديني الأرثوذكسي في اليهودية، مع أن هذا التيار معادٍ لغالبية اليهود الأميركيين المعروفة بانتمائها للتيار الإصلاحي المعتدل في اليهودية. وهم يعتبرون سياسة نتنياهو مفرّقة بين اليهود، وتؤدي إلى التشكيك في يهوديتهم، وتتسبب في شروخ عميقة تبعد الشباب اليهودي عن دينه وعن إسرائيل.
لكن نتنياهو، من جهته، يتقن مخاطبة الأميركيين بلغته الإنجليزية ذات اللكنة الأميركية، وقدراته الخطابية الكبيرة، وحسب مؤيديه، فإنه يحب هذه المنابر ويتفوق فيها على جميع خصومه. وإضافة لذلك، يعتمد نتنياهو على الرئيس ترمب، الذي سيغمره بالعطف والتأييد، وسيتجاهل خصومه تماماً، وسيقدم له الهدايا الانتخابية على المكشوف. وسيستقبله مرتين في البيت الأبيض، للقاء عمل، اليوم (الاثنين)، وعشاء حميم، غداً (الثلاثاء).
لكن معارضي ترمب، وبينهم غالبية اليهود الأميركيين، يستعدون لمواجهة نتنياهو بحملة إعلامية وشعبية واسعة، فهم يعتبرونه حليفاً مع ترمب ضد المصالح الأميركية. وقامت منظمة اليسار اليهودي الأميركي «جي ستريت» بنشر قائمة من التصريحات المتشابهة لكل من ترمب ونتنياهو، تحت عنوان «نتنياهو هو ميني ترمب»، وتدعو يهود الولايات المتحدة لأن يخرجوا عن صمتهم، ويوجهوا له الانتقادات التي يؤمنون بها.
وقامت منظمة يسارية أخرى «موف أون» (Move On) بممارسة ضغوط على سياسيين في الحزب الديمقراطي حتى يقاطعوا مؤتمر «أيباك»، وقد استجاب تسعة نواب في الكونغرس لهذه الدعوة، ويُتوقع أن يسمع نتنياهو انتقادات مباشرة خلال لقائه في الكونغرس، اليوم، مع رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وهي من الحزب الديمقراطي.
وبالإضافة إلى ذلك، تُدار حملة من داخل الإدارة الأميركية ضد «العلاقات المتطورة في عهد نتنياهو ما بين إسرائيل والصين». وقالت مصادر في تل أبيب، أمس (الأحد)، إن «موضوع الاستثمارات الصينية في إسرائيل سيكون حاضراً في اللقاء بين نتنياهو وترمب»، خصوصاً أن أكثر من مسؤول أميركي تذمروا من هذه العلاقات، آخرهم وزير الخارجية، مايك بومبيو، وأبرزهم مستشار الأمن القومي، جون بولتون، اللذان انتقداها علناً.
بل إن بومبيو هدد بتقليص التنسيق الأمني والاستخباري بين البلدين بسببها.
واعتبر المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس»، حيمي شاليف، زيارة نتنياهو انتخابية بالكامل، وتأتي في وقت يحتاج فيه ترمب إلى وقوف نتنياهو إلى جانبه في مواجهة تقرير المحقق الخاص، روبرت مولر، الذي من المتوقع أن تُعلن نتائجه على العامة خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وكتب شاليف: «يجب ألا ننسى أن نتنياهو مدين لترمب، بإعلانه، الخميس، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وهو إعلان من بين فضائله إبعادُ قضية الغواصات (المشتبه بها نتنياهو مجدداً) من عناوين النشرات الإخبارية»، وأضاف شاليف أن نتنياهو سيردّ دينه أبكر من المتوقع: «لن يتردد في دعم كل ادعاءات ترمب، مهما كانت واهية، علناً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.