كيري في معركة ربع الساعة الأخيرة.. وعباس يرفض الضغوط

وزير الخارجية الأميركي يلتقي وفد المبادرة العربية في باريس الأحد.. و«يهودية الدولة» عقبة كأداء

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء السريلانكي ماهيندا راجباكسا لدى استعراضهما حرس الشرف في رام الله أمس (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء السريلانكي ماهيندا راجباكسا لدى استعراضهما حرس الشرف في رام الله أمس (أ.ب)
TT

كيري في معركة ربع الساعة الأخيرة.. وعباس يرفض الضغوط

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء السريلانكي ماهيندا راجباكسا لدى استعراضهما حرس الشرف في رام الله أمس (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء السريلانكي ماهيندا راجباكسا لدى استعراضهما حرس الشرف في رام الله أمس (أ.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الخلاف المركزية، التي أخذت مساحة واسعة من النقاشات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال الأيام الماضية، كانت مسألة «يهودية الدولة الإسرائيلية» التي يصر عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقابل المضي قدما في اتفاق سلام.
وحسب المصادر، رفض الرئيس عباس الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، على الرغم من ضغوط كيري الكبيرة، وأبلغه بأن الإسرائيليين «أحرار فيما يسمون أنفسهم، لكن من دون اعتراف فلسطيني».
وحاول كيري، كما يبدو، التوصل إلى صفقة حل وسط، بأن يعترف الفلسطينيون بيهودية إسرائيل مقابل حل مشكلة عودة اللاجئين وتسوية وضع القدس.
وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن كيري مارس ضغوطا كبيرة على نتنياهو، من أجل أن يوافق على عودة جزء من اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل حدود إسرائيل. كما ضغط على الرئيس الفلسطيني، من أجل الاعتراف بيهودية إسرائيل، لكنهما رفضا.
ويعتقد كيري أنه لو نجح في تلبية رغبة نتنياهو بالحصول على الاعتراف الفلسطيني بالدولة اليهودية، والتوصل إلى اتفاق مقبول بشأن الترتيبات الأمنية، فإنه (نتنياهو) سيوافق على صيغة تتطرق إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، مع تبادل الأراضي وعودة جزء من اللاجئين.
وقالت مصادر إسرائيلية إن كيري يحاول دفع اتفاق يتضمن نصوصا تشير إلى أن إطار الحل المطروح يستند بالأساس إلى وثيقة رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، والرئيس عباس، التي اتفقا عليها في 31 أغسطس (آب) 2008، وأن تعمل إسرائيل على ضم أراضٍ من الضفة مقابل أراضٍ بديلة، مع وجود ممر آمن وسريع بين غزة والضفة. علاوة على تقسيم القدس وعدها عاصمة الدولتين، بإشراف لجنة دولية على المقدسات. كما يسعى كيري إلى السماح بعودة عدد قليل ومحدد من اللاجئين إلى إسرائيل، وتوطين آخرين في الخارج، وتعويض البقية، وإخلاء إسرائيل غور الأردن، والاستبدال بالوجود العسكري الأميركي الوجود الإسرائيلي، وتجميع المستوطنين في الضفة الغربية في مستوطنات كبيرة ضمن التبادل، على أن توضع جداول زمنية واضحة لكل نقطة على حدة.
وتبدو الأفكار التي جاء بها كيري قابلة للنقاش والتطوير، باستثناء الدولة اليهودية التي يرفضها الفلسطينيون جملة وتفصيلا.
وتريد إسرائيل من خلال «يهودية الدولة» إضفاء الطابع القومي عليها، وهو ما يعني ضمنا شطب حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الذي كفلته الأمم المتحدة وفق القرار 194، والحق بالمس بمكانة ومواطنة العرب في إسرائيل، والاعتراف ضمنا بـ«الفكرة الصهيونية» وما حملته من رواية عن الصراع العربي - الإسرائيلي منذ البدء، وحتى قبل ذلك.
ويرفض الفلسطينيون ذلك، ويقولون إنهم لن يعطوا الشرعية للمس بحقوق اللاجئين الفلسطينيين والعرب الفلسطينيين في إسرائيل.
وفي غضون ذلك، يخوض كيري معركة الربع ساعة الأخيرة، من أجل دفع الاتفاق إلى الأمام.
والتقى كيري خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أول من أمس، وعاد، صباح أمس، إلى إسرائيل للقاء زعيم المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ، كما اتصل بالرئيس عباس وبالأمين العام لجامعة الدولة العربية نبيل العربي، وسيطير إلى باريس الأسبوع المقبل للقاء الوفد الوزاري العربي المختص بالمفاوضات.
وغادر كيري إسرائيل بعد لقائه توني بلير ممثل اللجنة الرباعية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بالشرق الأوسط، ورئيس المعارضة الإسرائيلية، وأطلعهما على سير المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، في محاولة لتأمين دعم كافٍ لنتنياهو إذا ما قرر اتخاذ قرارات صعبة.
وقال هرتسوغ بعد الاجتماع الذي عقد بناء على طلب كيري، إن حزب العمل الذي يترأسه سيدعم أي مبادرة سياسية تفضي إلى اتفاق، معربا عن اعتقاده بأن أغلبية أعضاء الكنيست ستؤيد مثل هذا الاتفاق. وفي تلك الأثناء، بعث أبو مازن رسالة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، حملها أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، الذي أكد أنها بحثت المفاوضات واتفاق الإطار الذي يجري التشاور حوله حاليا.
وقال عبد الرحيم إن الرسالة تتضمن مجمل التطورات واللقاءات التي جرت مع الجانب الأميركي، الذي يسعى إلى التوصل لاتفاق إطار.
وأضاف عبد الرحيم أن «هذا الاتفاق لا بد أن يتضمن كل الثوابت الفلسطينية فيما يتعلق بحدود 1967، وإقامة الدول الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك اللاجئون، والأمن على الحدود».
وفي غضون ذلك، قال العربي، أمس، إن «الوفد الوزاري العربي الذي شكلته قمة الدوحة بشأن متابعة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية الولايات المتحدة سيلتقي كيري، الأحد المقبل، في باريس، بناء على طلب كيري، وذلك لاطلاع الوفد على اتفاق الإطار المقترح من الجانب الأميركي لدفع المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
وأضاف للصحافيين إنه تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي تطرق خلاله إلى الاجتماع المقبل في باريس، فيما يتعلق بنتائج المباحثات التي أجراها مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومن المقرر أن يلتقي العربي لاحقا مارتن انديك المبعوث الأميركي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».