وداع حاشد لضحايا «مجزرة المسجدين» في نيوزيلندا

رئيسة الوزراء تزور كرايستشيرش للمرة الثانية وتعلن بث صلاة الجمعة في عموم البلاد

السوري زيد مصطفى (على كرسي نقال) خلال مشاركته أمس في تشييع والده وشقيقه اللذين قُتلا في مجزرة المسجدين في كرايستشيرش (أ.ف.ب)
السوري زيد مصطفى (على كرسي نقال) خلال مشاركته أمس في تشييع والده وشقيقه اللذين قُتلا في مجزرة المسجدين في كرايستشيرش (أ.ف.ب)
TT

وداع حاشد لضحايا «مجزرة المسجدين» في نيوزيلندا

السوري زيد مصطفى (على كرسي نقال) خلال مشاركته أمس في تشييع والده وشقيقه اللذين قُتلا في مجزرة المسجدين في كرايستشيرش (أ.ف.ب)
السوري زيد مصطفى (على كرسي نقال) خلال مشاركته أمس في تشييع والده وشقيقه اللذين قُتلا في مجزرة المسجدين في كرايستشيرش (أ.ف.ب)

بدأت، أمس (الأربعاء)، مراسم تشييع ضحايا الهجوم الإرهابي العنصري الذي استهدف مسجدين بمدينة كرايستشيرش في نيوزيلندا، في حين كررت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، التي زارت موقع المجزرة للمرة الثانية، أسفها لما أصاب الجالية المسلمة، مؤكدة تضامنها مع المسلمين وتعاطفها مع مصابهم.
وحمل مواطنون نعوشاً مفتوحة وتوجهوا إلى مقبرة ميموريال بارك في كرايستشيرش، أمس، لإجراء أول مراسم دفن 50 شخصاً قتلوا في الهجوم الذي استهدف مسجد النور ومسجداً آخر في ضاحية لينوود. ونقلت وكالة «رويترز» عن جولشاد علي، الذي جاء من أوكلاند للمشاركة في الجنازة الأولى: «رؤية الجثمان وهو يوارى الثرى من اللحظات المؤثرة للغاية بالنسبة لي». ولفتت الوكالة إلى أن مئات الرجال والنساء تجمعوا لحضور مراسم الدفن. ومعظم الضحايا من المهاجرين أو اللاجئين من بلدان مثل باكستان، والهند، وماليزيا، وإندونيسيا، وتركيا، والصومال، وأفغانستان، وبنغلاديش وكان أصغرهم طفلاً في الثالثة من العمر وُلد في نيوزيلندا لأبوين مهاجرين من الصومال.
ودُفن ستة من الضحايا أمس، ومن المتوقع دفن المزيد خلال الأسبوع، بحسب ما أشارت «رويترز». وكان أب سوري يدعى خالد وابنه حمزة أول المدفونين. وجرت مراسم الدفن تحت حراسة أمنية مشددة.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن حمزة كان قد اتصل عند بدء الاعتداء مذعوراً بوالدته، التي قالت لموقع إعلامي إلكتروني نيوزيلندي «سمعت (عبر الهاتف) إطلاق نار وصراخه، وبعدها لم أسمع صوته مجدداً». ولخالد زوجة وابنة وابن يدعى زيد يبلغ 13 عاماً جُرح في الاعتداء. وفي مشهد مؤثر رفع زيد، وهو يجلس على كرسي نقال، يديه لأداء الصلاة على روح والده وشقيقه محاطاً بحشد من المشيّعين. وصرّح جميل البيزة الذي جاء من سيدني للمشاركة في التشييع لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن زيد قال خلال مراسم الدفن، إنه ما كان يجب أن يبقى حياً، بل أن يدفن مع والده وشقيقه. ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن اللاجئ الأفغاني عبد العزيز الذي تصدّى لمطلق النار في مسجد لينوود، شارك في التشييع الحاشد أمس وقد احتضنه مشيّعون كثر.
وقالت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن التي تزور مدينة كرايستشيرش لثاني مرة منذ الهجوم: «لا أستطيع أن أخبركم بمدى ألمي... أسرة تأتي إلى هنا طلباً للأمان وكان ينبغي أن يكونوا في مأمن هنا». وقالت أرديرن: إن صلاة الجمعة المقبلة في نيوزيلندا سيجري بثها على مستوى البلاد كما سيتم الوقوف دقيقتين حداداً على الضحايا. وأضافت: «هناك رغبة في تقديم الدعم للجالية المسلمة عندما يعودون إلى المساجد يوم الجمعة».
وزارت رئيسة الوزراء في وقت سابق المدرسة الكشميرية العليا في كرايستشيرش التي فقدت اثنين من طلابها في الهجوم، وهما سيد ميلن وحمزة مصطفى، فضلاً عن خالد والد حمزة وطالب سابق يدعى طارق عمر.
وتجمع نحو 200 طالب في قاعة الاحتفالات بالمدرسة واستمعوا إلى رئيسة الوزراء التي تحدثت إليهم عن العنصرية والتغييرات التي سيجري إدخالها على قوانين حمل السلاح. وقالت: «لا تذكروا اسم الجاني مطلقاً... لا تذكروه بسبب ما فعله».
في غضون ذلك، يجري ترميم مسجد النور استعداداً لصلاة الجمعة بعد أن خلّف الرصاص آثاراً على جدرانه، وشهد سقوط أكثر من 40 قتيلاً. وعلى مقربة من المسجد، أدى بعض السكان الأصليين رقصة «الهاكا» التقليدية المحلية، وتجمع حشد من الناس ورددوا النشيد الوطني لنيوزيلندا وقت غروب الشمس.
ودعا مجلس الأئمة الوطني في أستراليا أئمة المساجد إلى تخصيص خطبة الجمعة المقبلة لحادث إطلاق النار في كرايستشيرش. وقال المجلس في بيان أوردته «رويترز»: «الاعتداء على أي مسلم أو أي شخص بريء في أي مكان في أنحاء العالم هو اعتداء على جميع المسلمين وجميع الشعوب». وأضاف البيان: «إنها مأساة إنسانية وعالمية وليست فقط إسلامية ونيوزيلندية».
وتم توجيه تهمة القتل إلى الأسترالي برينتون تارانت (28 عاماً)، المشتبه بكونه من المتطرفين المعتقدين بتميز العرق الأبيض وكان يقطن في ديوندين في ساوث آيلاند. وأمرت السلطات بحبسه على ذمة القضية، ومن المقرر أن يعود للمثول أمام المحكمة في الخامس من أبريل (نيسان)، حيث قالت الشرطة إنه سيواجه المزيد من الاتهامات على الأرجح.
وقال قائد الشرطة النيوزيلندية: إن أجهزة مخابرات عالمية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي وأجهزة من أستراليا وكندا وبريطانيا، تعد ملفاً عن المهاجم. وقال مفوض الشرطة، مايك بوش، في إفادة إعلامية في العاصمة ولنغتون: «أستطيع أن أؤكد لكم أن هذا تحقيق دولي». وأفادت الشرطة بأنه جرى التعرف على هوية 21 ضحية حتى مساء الثلاثاء، ومن المتوقع استكمال التعرف على بقية الضحايا خلال ساعات قبل تسليم الجثث لدفنها.
ويشعر أقارب الضحايا بالإحباط من تأجيل الدفن الذي عادة ما يتم خلال 24 ساعة وفقاً للشريعة الإسلامية. وقال المفوض بوش: إنه يتعين على الشرطة إثبات سبب الوفاة تلبية لطلب الطبيب الشرعي والقاضي الذي ينظر القضية. وأضاف بحسب ما أوردت «رويترز»: «لا تستطيع إدانة القاتل دون سبب الوفاة. لذلك؛ فهذه عملية شاملة للغاية يتعين إتمامها وفق أعلى المعايير». ولا يزال 29 شخصاً أصيبوا في الهجومين بالمستشفى، بينهم ثمانية في وحدة العناية المركزة. وتعين إجراء عمليات جراحية عدة للبعض بسبب إصاباتهم المعقدة.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».