الرئيس اللبناني يدافع عن «الحكومة الحيادية».. و«14 آذار» تتهم حزب الله بتهديده

مساعي جنبلاط وبري تحيي صيغة «المثالثة»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مفتتحا أمس المقر المجدد لغرفة تجارة بيروت
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مفتتحا أمس المقر المجدد لغرفة تجارة بيروت
TT

الرئيس اللبناني يدافع عن «الحكومة الحيادية».. و«14 آذار» تتهم حزب الله بتهديده

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مفتتحا أمس المقر المجدد لغرفة تجارة بيروت
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مفتتحا أمس المقر المجدد لغرفة تجارة بيروت

نشطت عودة الرئيس اللبناني ميشال سليمان مساء الأحد من إجازة خاصة حركة الاتصالات والمشاورات من أجل تشكيل الحكومة التي يسعى الرئيس المكلف تمام سلام منذ أكثر من تسعة أشهر إلى تأليفها، مصطدما بالشروط المضادة التي يتبادل طرحها فريقا الأزمة في لبنان.
وبينما بات موقف حزب الله وحلفائه، لا سيما رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، واضحا لناحية التحذير من تداعيات مضي سليمان وسلام بتشكيل حكومة حيادية أو ما يسمى بحكومة «الأمر الواقع»، واعتبار أن من شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى تدهور الأوضاع أكثر، اتهمت قوى «14 آذار» على لسان عدد من نوابها حزب الله بـ«تهديد» الرئيس سليمان لثنيه عن المضي بخيار تشكيل الحكومة.
في موازاة ذلك، جدد الرئيس اللبناني أمس دعوة الفرقاء السياسيين إلى «التخفيف من حدة الخطاب السياسي ولم الشمل في إطار «إعلان بعبدا»، الذي صدر عن هيئة الحوار الوطني في يونيو (حزيران) 2012، ويقضي بتحييد لبنان عن صراعات المحاور وتحديدا أزمة سوريا.
وسأل سليمان، الذي تحدث أمس في افتتاح غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت والتقى على هامشها الرئيس المكلف قبل أن يعقد خلوة مسائية معه في القصر الرئاسي: «هل عدم التوافق على الحكومة الجامعة يحتم علينا البقاء من دون حكومة؟ وهل التوافق على الحكومة يعني التوافق الوطني؟ ألا يحق للبنانيين الذين لا ينتمون إلى أطراف أن يساهموا في إنهاض البلد؟ وهل هؤلاء يضربون الوفاق؟». وأضاف: «هل يقتصر دور رئيس الجمهورية على أن يستمر برفض التشكيلات التي اقترحها الرئيس المكلف من 124 نائبا؟».
وقال سليمان إن لبنان «يواجه اليوم مجموعة من التحديات، منها معضلة النازحين السوريين، وهو يحتاج إلى ما يقارب سبعة مليارات دولار ونصف لمجابهة الأحداث التي تحصل في سوريا»، مشددا على وجوب «تكثيف الجهود لحفظ الأمن ومواجهة العمليات الإرهابية».
ورأى الرئيس اللبناني أن «تحدي القيام بورشة إصلاحية شاملة تهدف إلى ضرورة خلق رؤية اقتصادية خلاقة يستحيل من دون تشكيل حكومة قادرة على إدارة شؤون الناس تواكب الاستحقاق الرئاسي وتؤمن انتخاب مجلس نيابي جديد». ودعا إلى «احترام ذكاء المواطنين»، متسائلا: «هل يسمح لنا أن نكون أقل حرصا على وطننا من حرص الدول الأخرى الشقيقة والصديقة؟ وهل يعقل أن تكون مبادرة دعم لبنان من السعودية تهدف إلى التمديد أو المقايضة بحكومة من لون معين أو شكل معين؟».
وجاءت مواقف سليمان، لا سيما المتعلقة منها بتشكيل الحكومة، غداة الإعلان عن مساعٍ قام بها النائب وليد جنبلاط، بهدف فرملة اندفاع سليمان وسلام نحو تأليف حكومة لا تحظى بموافقة حزب الله، في موازاة عمله من خلال سلسلة اتصالات ولقاءات قام بها الوزير وائل أبو فاعور على إعادة إحياء صيغة «8 - 8 – 8»، التي تنص على أن يحظى كل من فريقي 8 و14 آذار بثمانية مقاعد حكومية، على أن ينال الفريق الوسطي الممثل بسليمان وسلام وجنبلاط المقاعد الثمانية المتبقية. ولا تعطي هذه الصيغة عمليا لأي من فريقي الأزمة في لبنان القدرة بمفرده على تعطيل اتخاذ القرارات على طاولة مجلس الوزراء. لكن الرئيس بري كشف أمس عن اقتراح قيد البحث مع المعنيين يقضي بـ«تدوير زوايا هذه الصيغة»، بعيدا عن فكرة تعيين وزير ملك لكل من 8 و14 آذار من ضمن حصة الوسطيين.
في المقابل، قال النائب في «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا: «إن ولادة الحكومة كانت متوقعة مع بداية العام الجديد، ولكن حركة محمومة وسلسلة تهديدات ومواقف باتجاه البطريرك الماروني بشارة الراعي وباتجاه سليمان، وحركة تخويف من أن هذا ارتكاب للكبائر، والإطاحة بكل شيء، عادت وتسربت أجواء توحي بأن الرئيس المكلف قد يتريث بعرض تشكيلته الحكومية على رئيس الجمهورية ليتيح المجال لمزيد من الاتصالات، مما يعني العودة إلى الدوامة نفسها».
ورأى، في حديث إذاعي أمس، أن في «طرح الصيغ والعودة إلى لعبة الأرقام مجرد طبخة بحص ما دام حزب الله متمسكا بمواقفه دون الأخذ في الاعتبار وجود طرف آخر بالبلد عنده رأي آخر، وما زال يراهن على أن فريق (14 آذار) عنده قابلية للخوف والاستسلام كما يحاول حزب الله تقطيع الوقت في اتجاه الوصول إلى الفراغ». وأكد «عدم وجود أي إمكانية للجلوس مع الفريق الآخر على طاولة مجلس الوزراء، وهو يقوم بما يقوم به في سوريا وعلى صعيد وضع اليد على المؤسسات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.