محافظ نينوى يتهم لجنة تحقيق بـ{تضليل العدالة}

على خلفية اتهامه بالفساد ومخالفات مالية وإدارية

TT

محافظ نينوى يتهم لجنة تحقيق بـ{تضليل العدالة}

فيما هاجم محافظ نينوى، نوفل العاكوب، أمس، لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في محافظة نينوى واتهمها بـ«تضليل العدالة ورئيس البرلمان»، نفت اللجنة ذلك، وأكدت أن عملها التحقيق في ملف الأمن إلى جانب ملفي الإدارة والخدمات، وأنها تسعى إلى تقييم الأوضاع في نينوى بشكل عام.
وكان مجلس النواب العراقي، قد شكّل في ديسمبر (كانون الأول) 2018، لجنة مؤقتة برئاسة النائب أسامة النجيفي لتقصي الحقائق حول الأحداث الأمنية والاقتصادية والخدمية والإنسانية في محافظة نينوى.
ووجه محافظ نينوى رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وإلى مجلس النواب، أبدى فيها استعداده للمثول أمام القضاء في حال ثبوت قضايا فساد في حقه. وقال العاكوب خلال مؤتمر صحافي عقده في الموصل، أمس: «لجنة تقصي الحقائق بشأن نينوى حاولت بكل الطرق تضليل العدالة ورئيس الوزراء والبرلمان من خلال أمور ليس لها أي مبرر وغير صحيحة». وأضاف العاكوب أن «هذه اللجنة اجتزأت ما يخدمها في سبيل تهييج الرأي العام ضد المحافظ وحكومة نينوى المحلية، وأن الهدف الأساس من ذلك هو استبدال المحافظ».
غير أن العاكوب اعترف بارتكابه «أخطاءً إدارية لمقتضيات المصلحة العامة»، لكنه نفى تسببه بعمليات «هدر للمال العام أو أعمال وهمية للمنظمات أو عمليات اختلاس».
كان رئيس لجنة تقصي الحقائق قد دعا، أول من أمس، رئيس الوزراء إلى سحب يد المحافظ ومنعه من السفر، مؤكداً أن اللجنة كشفت ملفات خطيرة تتعلق بالخروقات والمخالفات المالية غير المسبوقة للمحافظ.
بدوره، قال نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق، النائب بشار الكيكي، إن «عمل اللجنة لا يُختزل في مسألة تقييم أداء الحكومة المحلية في المحافظة، إنما توسع ليشمل، إلى جانب القضية الأمنية، قضايا الخدمات والإدارة، وأنها رفعت أكثر من 31 توصية في الجانب الأمني وتقييم أداء القادة الأمنيين والقطعات العسكرية وتقديم الحلول المناسبة لرئاسة الوزراء والبرلمان للحيلولة دون حدوث انهيار أمني جديد في المحافظة».
وذكر الكيكي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «توسيع مهام لجنة تقصي الحقائق أُقرّ بموافقة رئاسة البرلمان». ونفى وجود تقاطعات بين أعضاء لجنة التقصي، لكنه لمّح إلى أن «بعض النواب قد يميل إلى هذه الجهة أو تلك، لكن اللجنة موحدة بالإجمال والدليل توقيعها على جميع التوصيات، عدا شقيق المحافظ نوفل العاقوب، الذي لم يوقع لأن اللجنة أوصت بإقالة المحافظ، إلى جانب إخراج فصائل الحشد الشعبي من مراكز المدن وإغلاق المكاتب الاقتصادية وإنهاء وجود قوات البكه كه من سنجار وباقي مناطق نينوى».
وحول المكاتب الاقتصادية العاملة في الموصل وباقي مدن نينوى وتتبع بعض فصائل «الحشد الشعبي»، أكد الكيكي أن «الجميع يعلم بوجود تلك المكاتب، وهناك أشخاص يدّعون انتسابهم إلى فصائل الحشد الشعبي ويتصرفون على هذا الأساس مع الحكومة المحلية ودوائر المحافظة». وأضاف أن «الرأي العام في نينوى يرفض وجودها، لأنها واجهات اقتصادية واستثمارية تستغل اسم الحشد الشعبي وقوته للحصول على مشاريع واستثمارات بشكل أو بآخر، وهي تحاول بكل الوسائل الحصول على ذلك، وأحياناً تستثمر أسماء بعض المواطنين في الموصل للعمل تحت مظلتها أو اسمها».
من جانبها، أكدت عضوة لجنة تقصي الحقائق، النائبة هدى جار الله، أن «أهم ما قامت به اللجنة المؤلفة من جميع نواب نينوى هو إصرارها على إغلاق 11 مكتباً اقتصادياً محسوباً على بعض الأحزاب وفصائل الحشد». واعتبرت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «محافظ نينوى يسعى للدفاع عن نفسه، واتهاماته للجنة غير دقيقة لأنها قامت بأعمال جيدة، خصوصاً لجهة محاربة الفساد في عموم دوائر نينوى».
لكن هدى جار الله لم تنفِ وجود «شخصيات داخل اللجنة تعمل وفق أجندتها الخاصة، بعضهم يريد إقالة المحافظة وآخر يريد إقالة مدير الشرطة لأنه من صلاح الدين وليس من أبناء نينوى، وغيرهم يصرّ على إخراج الحشد الشعبي ليحل محله قوات حرس نينوى».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.